دعوات للإسراع بتحرير الفلوجة من «داعش».. وإغاثة سكانها المحاصرين

مئات العائلات النازحة تعود إلى الرمادي رغم غياب الخدمات

جانب من العمليات العسكرية ضد «داعش» في هيت غرب الأنبار (رويترز)
جانب من العمليات العسكرية ضد «داعش» في هيت غرب الأنبار (رويترز)
TT

دعوات للإسراع بتحرير الفلوجة من «داعش».. وإغاثة سكانها المحاصرين

جانب من العمليات العسكرية ضد «داعش» في هيت غرب الأنبار (رويترز)
جانب من العمليات العسكرية ضد «داعش» في هيت غرب الأنبار (رويترز)

طالبت جمعيات ومنظمات إنسانية دولية بإنهاء معاناة نحو 100 ألف شخص من سكان مدينة الفلوجة في محافظة الأنبار والتي تتعرض لحصار شديد أدى إلى نفاد تام للغذاء والدواء فيها.
ودعت الجمعية الأوروبية لحرية العراق رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى اتخاذ التدابير اللازمة لإيصال مساعدات إنسانية فورية لسكان مدينة الفلوجة، وطالبت الولايات المتحدة ودول العالم وقوات التحالف الدولي لمحاربة تنظيم داعش بتوفير مساعدات عاجلة للسكان أيضًا، كما حثت العبادي على منع الميليشيات من استهداف السكان من المدنيين، وفتح ممرات آمنة لتسهيل مغادرتهم للمدينة.
وقالت عضو مفوضية حقوق الإنسان في العراق، بشرى العبيدي، لـ«الشرق الأوسط» إن «المفوضية قامت بالاتصال بجهات ومنظمات وجمعيات إنسانية دولية، من بينها الجمعية الأوروبية لحرية العراق، وقد أبدت الجمعيات والمنظمات استعدادها الكامل للمساعدة، وبالفعل تحقق ذلك، ووصلت كميات كبيرة من المواد الغذائية والطبية من أجل إيصالها إلى السكان المحاصرين داخل الفلوجة، لكننا فوجئنا بعدم التحرك الفعلي لإيصال تلك المساعدات». وأضافت أن «معلومات مؤكدة وصلت إلى مفوضية حقوق الإنسان في العراق تفيد بأن مسلحي تنظيم داعش الإرهابي قاموا بقتل العشرات من الأهالي، الذين حاولوا الهروب من المدينة بسبب الجوع، بينما أقدمت بعض العائلات على الانتحار الجماعي إما غرقًا في مياه نهر الفرات، أو من خلال تناول مواد سامة، وقد أكدت لنا مصادر طبية من داخل مدينة الفلوجة ذلك، مما يستدعي تدخلاً دوليًا فوريًا لإنقاذ أرواح المدنيين الأبرياء».
وفي سياق متصل، شهدت أحياء المعلمين والجولان في مدينة الفلوجة قصفا عنيفا بالمدفعية وصواريخ الراجمات، أسفرت عن وقوع إصابات بين المدنيين وخصوصا الأطفال منهم، وأكد مصدر طبي في مستشفى الفلوجة التعليمي أن مستشفى المدينة استقبل 9219 ما بين قتلى ومصابين من أهالي المدينة خلال 27 شهرًا من عمليات القصف العشوائي على الأحياء السكنية في المدينة.
من جهة أخرى، جدد إياد علاوي، زعيم ائتلاف «العراقية» والنائب السابق لرئيس الجمهورية، دعوته للحكومة العراقية إلى الإسراع بتحرير الفلوجة. وقال علاوي لـ«الشرق الأوسط» إن «الأحوال في المدينة تزداد سوءا بإحكام الحصار عليها من الخارج وتعزيز قبضة تنظيم داعش الإرهابي عليها في الداخل».
وأضاف أن «ضرب قوى الإرهاب في المدينة لا يعني تدميرها أو ترك أهلها فريسة للجوع والعطش والأمراض الفتاكة وكماشة الجماعات الإرهابية المتوحشة». ودعا علاوي الحكومة الاتحادية والمنظمات الدولية والإنسانية المعنية إلى «إعادة تقييم الأوضاع في المدينة، وبما يسهم في تعجيل تحريرها من مخالب الإرهاب ورفع المعاناة عنها وإغاثة أهلها دون إبطاء».
وفي مدينة الرمادي، أكد عضو مجلس الأنبار طه عبد الغني، عودة ألف من العائلات النازحة خلال الأيام الماضية على الرغم من تردي مستوى الخدمات. وقال عبد الغني إن عدد العائدين «فاق توقعاتنا نظرا لسوء الخدمات في المدينة». وأضاف عبد الغني: «خلال الأيام المقبلة ستشهد مناطق الرمادي عملية المسح الميداني لتحديد العبوات غير المنفلقة والمقذوفات ومن ثم رفعها».
من جهة أخرى، أعلنت قيادة العمليات المشتركة أن القوات الأمنية العراقية من قيادة عمليات الأنبار وجهاز مكافحة الإرهاب وقوات العشائر، وبإسناد من طائرات التحالف الدولي وسلاح الجو العراقي، تمكنت من اقتحام مدينة هيت غربي الأنبار، وتحرير مناطق واسعة فيها والقضاء على أكثر من 70 مسلحًا تابعين لتنظيم داعش.
وقال المتحدث الرسمي باسم القيادة العميد يحيى رسول الزبيدي إن القوات الأمنية تمكنت من تحرير أحياء المعمورة والمرور والعسكري والكونكريت، فيما تمكن سلاح الجو العراقي وطائرات التحالف الدولي من تدمير ثلاثة أنفاق أعدها مسلحو التنظيم لتخزين الأسلحة والعتاد، وتدمير معمل لتصنيع العبوات الناسفة والألغام والمدافع البدائية. وأضاف الزبيدي أن «الوحدات الهندسية التابعة للجيش العراقي تواصل عمليات معالجة المباني والمنازل من العبوات الناسفة التي زرعها تنظيم داعش من أجل عرقلة قواتنا الأمنية أثناء دخولها لتحرير المدينة». وأشار إلى أن «الوحدات العسكرية التابعة لقيادة عمليات الأنبار أحبطت هجومًا انتحاريًا لمسلحي تنظيم داعش على مواقعها قرب ناحية البغدادي، وتمكنت من القضاء على أكثر من 15 مسلحًا وإصابة 17 آخرين خلال إجبار باقي المسلحين على الفرار نحو صحراء الأنبار».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.