البرلمان الفنزويلي يصدر عفواً عاماً عن السجناء السياسيين «متحدياً» الرئيس مادورو

البرلمان الفنزويلي يصدر عفواً عاماً عن السجناء السياسيين «متحدياً» الرئيس مادورو
TT

البرلمان الفنزويلي يصدر عفواً عاماً عن السجناء السياسيين «متحدياً» الرئيس مادورو

البرلمان الفنزويلي يصدر عفواً عاماً عن السجناء السياسيين «متحدياً» الرئيس مادورو

أقر البرلمان الفنزويلي الذي تهيمن عليه المعارضة، أمس (الثلاثاء)، عفواً عاماً عن السجناء السياسيين، ليشعل بذلك فتيل معركة سياسية شرسة مع الرئيس نيكولاس مادور المعارض لهذا الإجراء؛ والذي تعهدت حكومته عرقلة صدور هذا القانون.
وقال رئيس الجمعية الوطنية هنري راموس ألوب، إنه جرت المصادقة على قانون العفو العام في ختام جولة نقاش ثانية، فيما راح نواب المعارضة يهتفون "حرية!"، بينما صدرت صيحات استهجان عن نواب الحزب الموالي للرئيس والذين يمثلون أقلية في المجلس.
وقالت النائبة ديلسا سولورزانو التي تولت الترويج للنص الذي تم التصويت على كل مادة من مواده الـ29 أن "هذا القانون يهدف الى وضع اساس المصالحة الوطنية". وأضافت أن القانون ينص على الافراج عن 76 "سجينا سياسيا" وكذلك العفو عن مئات الفنزويليين "المضطهدين والمنفيين" بسبب معارضتهم لسلطة التيار التشافي الذي يقود فنزويلا منذ 17 عاما.
لكن الرئيس الاشتراكي نيكولاس مادورو الذي تولى السلطة خلفا للرئيس الراحل هوغو تشافيز، حذر في كلمة بثها التلفزيون بالتزامن مع جلسة النقاشات البرلمانية، انه لن يوقع القانون. وقال "تأكدوا ان القانون لن يمر هنا. القوانين التي تحمي المجرمين والارهابيين لن تمر ولا يهم ما ستفعلونه".
ويقول محللون انهم يشكون في امكانية تطبيق هذا القانون، إذ أن مادورو يمكن ان يحيل النص على محكمة القضاء العليا أعلى سلطة قضائية في البلاد ومعروفة بولائها للسلطة.
وجاء القرار بعد ساعات على مقتل ضابطين بالشرطة وإصابة أربعة آخرين، في مدينة سان كريستوبال، غرب فنزويلا، بعدما صدمتهم حافلة يقودها شبان غاضبون يحتجون على ارتفاع أجرة المواصلات العامة.
وتشهد فنزويلا أزمة اقتصادية خانقة، طالت الرغيف بسبب نقص الطحين، وكان مادورو مدد حال الطوارئ المعلنة في ما وصفه خطة لمواجهة الأزمة الاقتصاية. وكانت المعارضة الفنزويلية بدأت مدعومة بغالبيتها البرلمانية مطلع مارس (آذار) الجاري بـ «تحركها للضغط الشعبي»، سعياً إلى عزل مادورو، داعية الناس إلى التظاهر بكثافة.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.