معارك النظام و«داعش» تنتقل إلى محيط القريتين بدعم روسي

المعارضة تتهم قوات الأسد بمواصلة خرق الهدنة

معارك النظام و«داعش» تنتقل إلى محيط القريتين بدعم روسي
TT

معارك النظام و«داعش» تنتقل إلى محيط القريتين بدعم روسي

معارك النظام و«داعش» تنتقل إلى محيط القريتين بدعم روسي

يسعى النظام السوري وحلفاؤه إلى تحقيق مكاسب ميدانية إضافية بعد طرد تنظيم داعش من مدينة تدمر الأثرية، حيث وسّع معاركه إلى بلدة القريتين في جنوب غربي تدمر، فيما يستعد لإطلاق هجوم على بلدة السخنة في الشمال الشرقي لتدمر.
وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن «اشتباكات عنيفة بدأت بعد منتصف ليل الاثنين الثلاثاء بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، وتنظيم داعش من جهة أخرى في أطراف مدينة القريتين والتلال المحيطة بها، وتزامنت الاشتباكات مع قصف جوي نفذته طائرات حربية سورية وروسية على مناطق المواجهات».
وتعد بلدة القريتين، استراتيجية بالنسبة لقوات النظام، كونها تبعد أقل من عشرين كيلومترًا عن أوتوستراد حمص - دمشق الدولي، وتبادل النظام و«داعش» السيطرة عليها ثلاث مرات على الأقل، كان آخرها في مطلع شهر فبراير (شباط) الماضي بمساعدة سلاح الجو الروسي.
ونقلت وكالة «الصحافة الفرنسية» عن مصدر عسكري في قوات النظام السوري، أن مدينة القريتين «تشكل الوجهة المقبلة للجيش بعد تدمر». وقال: «العين حاليا على منطقة السخنة التي انسحب إليها تنظيم داعش من تدمر، لكن الهجوم عليها لم يبدأ بعد».
في هذا الوقت، سحب تنظيم «داعش عناصره بالكامل باتجاه منطقة السخنة التي تبعد عن مدينة تدمر نحو 70 كلم، بينما تعرضت السخنة لقصف مكثف من قبل الطائرات الحربية الروسية ومروحيات النظام». وقال ناشطون إن الطيران الحربي «شنّ نحو 30 غارة على القريتين ومحيطها».
واتسعت وتيرة القصف الجوي إلى مدينة دير الزور التي كانت هدفًا للطائرات الحربية التي قصفت أحياء العرضي والشيخ ياسين والكنامات، بينما ألقى الطيران الروسي، مظلات تحمل بداخلها شحنات غذائية وذخائر فوق المواقع العسكرية التابعة للقوات النظامية والأحياء الخاضعة لسيطرتها، التي يحاصرها تنظيم داعش داخل دير الزور.
بدورها قالت وكالة «أعماق» التابعة لـ«داعش» إن عناصر التنظيم «استولوا على مظلتين محملتين بالذخائر سقطتا في منطقة الدولي جنوب المطار، احتوت كل واحدة منهما على أكثر من 150 قذيفة مدفعية».
في غضون ذلك، اتهمت المعارضة السورية الطائرات الحربية الروسية ومروحيات النظام بخرق الهدنة وقصفها للمناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة المعتدلة، فيما أعلنت إحدى فصائل الجيش السوري الحرّ، أنها أحبطت هجومًا للقوات النظامية غرب مدينة كفرزيتا في ريف حماه الشمالي وكبّدتها خسائر. وأفادت تقارير للمعارضة أن طائرتين أغارتا على مدينتي أريحا وبنش في ريفي إدلب الجنوبي والشرقي، ما أدى إلى سقوط جرحى في مدينة أريحا، في حين قصفت طائرات حربية قرية الكستن بريف مدينة جسر الشغور الغربي.
وألقى الطيران المروحي عددًا من البراميل المتفجرة على بلدة حيان في ريف حلب الشمالي، ترافق مع قصف البلدة بالمدفعية. كما احتدمت الاشتباكات بين الفصائل الإسلامية المعارضة من جهة، و«قوات سوريا الديمقراطية» من جهة أخرى، في محيط منطقة أعزاز في ريف حلب الشمالي من الجهة الغربية، أوقعت خسائر في صفوف الطرفين.
وأوضح «مكتب أخبار سوريا» المعارض، أن القوات النظامية «حاولت التسلل من حاجز تل الحماميات باتجاه نقاط تمركز جيش النصر التابع للجيش السوري الحر شرقي التل، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات بينهما سقط خلالها عدد من الجرحى في صفوف الطرفين، من دون أن تحرز القوات أي تقدّم»، مشيرًا إلى أن القوات النظامية «استقدمت تعزيزات عسكرية إلى حاجز التل من بلدة كرناز غرب الحماميات تحسّبًا لأي محاولة تقدّم أو هجوم مفاجئ لفصائل المعارضة على الحاجز».
وتخضع قرية الحماميات لسيطرة قوات النظام منذ أكثر من ثلاث سنوات، وهي باتت خالية من المدنيين بعد أن تحولت إلى منطقة عسكرية تفصل بين مناطق سيطرة النظام ومناطق فصائل المعارضة، إضافة إلى الهجمات المتكررة عليها من قبل الفصائل خلال الأشهر الماضية للسيطرة عليها.
إلى ذلك، أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرًا موسعًا استعرضت فيه ما وثقته من حوادث استهداف مراكز حيوية مدنية من قبل القوات الروسية منذ 30 سبتمبر (أيلول) 2015 حتى صباح 15 مارس (آذار) 2016.
وشمل التقرير الذي جاء في 66 صفحة، المراكز الحيوية المدنية ولم يستعرض المنشآت الحيوية التي تحولت إلى مقرات عسكرية أو كان بالقرب منها مقر عسكري أو تجمع لمقاتلين.
وأكد التقرير أن القوات الروسية ارتكبت جرائم حرب، حيث إنها لم تتجنب السكان المدنيين ولم تتخذ أي احتياطات لتقليل الخسائر في أرواح المدنيين أو أعيانهم المدنية، بل كانت جميع الهجمات متعمدة أو عشوائية ضد المدنيين والمنشآت المدنية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.