مهلة الصدر الحاسمة تنتهي اليوم.. ووزراء الحكيم يعلقون مشاركتهم في مجلس وزراء العبادي

زعيم التيار الصدري هدد مجددًا بالتصعيد في حال بقيت الحكومة على حالها

عناصر أمن يتولون حراسة مظاهرة لأنصار التيار الصدري في بغداد أمس (أ.ف.ب)
عناصر أمن يتولون حراسة مظاهرة لأنصار التيار الصدري في بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

مهلة الصدر الحاسمة تنتهي اليوم.. ووزراء الحكيم يعلقون مشاركتهم في مجلس وزراء العبادي

عناصر أمن يتولون حراسة مظاهرة لأنصار التيار الصدري في بغداد أمس (أ.ف.ب)
عناصر أمن يتولون حراسة مظاهرة لأنصار التيار الصدري في بغداد أمس (أ.ف.ب)

أكد قيادي بارز في التيار الصدري، الذي يتزعمه رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، أنه «لا يمكن التكهن بالخطوة التالية التي يمكن للصدر الإقدام عليها في حال لم يتجاوب العبادي» مع إنذاره الأخير. وبينما يتجه المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم إلى محاصرة العبادي من زاوية أخرى من خلال التوجه إلى تشكيل جبهة إصلاحية عابرة للقومية والطائفية، وذلك عبر تصريحين منفصلين لقياديين في التيار الصدري والمجلس الأعلى، لـ«الشرق الأوسط»، فإن الصدر تعهد أمس بدعم رئيس الوزراء في حال أعلن حزمة إصلاحات «مرضية ومنطقية».
وقال الصدر، في كلمة تلاها عنه خطيب جمعة الصلاة الموحدة أمام المنطقة الخضراء في بغداد أسعد الناصري، إن العبادي «أعلن عن حزمة إصلاحات منطقية ومرضية وتتوفر فيها الشروط مثل التكنوقراط وعدم العمل على حزب السلطة وسلطة الحزب، سنقوم بدعمه باحتجاجاتنا وتأييده بصورة فاعلة أكثر وبالطرق السلمية». وأضاف الصدر: «ينبغي لفت النظر إلى أنه في حال تقديم حزمة إصلاحات منطقية ومرضية إلى البرلمان العراقي، ولم تصل إلى تصويت ملائم بسبب عدم تصويت بعض النواب، فلن يكون ذلك إلا تحويلا وتعميما للاحتجاجات لتكون ضد كل من لم يصوت من البرلمانيين»، مؤكدا أن «النواب الذين يمتنعون عن التصويت، سيكونون بالأسماء والخط العريض عبرة لمن اعتبر».
وفي السياق نفسه، أمهل الصدر رئيس الوزراء حتى اليوم لإعلان حكومة التكنوقراط، قائلا إنه «إذا لم يعلن العبادي عن حزمة إصلاحات مرضية للشعب العراقي، فستكون لنا وقفة أخرى نعلنها». وأضاف الصدر: «لن نكتفي بالاعتصام أمام المنطقة الخضراء»، داعيًا المتظاهرين والمعتصمين إلى «الالتزام بالسلمية والمركزية وعدم التصرف الفردي».
كما دعا الصدر من سماهم الآخرين إلى الصحوة من نومهم، وأن يتركوا بصمة عز وشرف، على حد قوله. كما هدد النواب الذين لن يصوتوا على الوزراء التكنوقراط الذين رشحهم من قبل لجنة مستقلة بأنهم سيكونون «عبرة لمن يعتبر».
من جهته، أكد الناطق باسم الهيئة السياسية للتيار الصدري، جواد الجبوري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «العبادي تعامل مع الورقة التي قدمناها له وتضم ترشيحات لجنة وطنية مستقلة لحكومة تكنوقراط بشكل مجحف حين عدها بأنها هي ورقة مرشحي التيار الصدري، وهي ليست كذلك، لأنه من غير المعقول أن نرشح نحن 90 اسما لكي يختار العبادي 3 وهم حصتنا الرسمية من الوزراء، بينما نحن أعلنا عدم مشاركتنا لا في لجنة الاختيار ولا في الوزارة المقبلة». وأضاف الجبوري أن «مما يؤسف له أن العبادي يقول إنه يحارب المحاصصة بينما هو متمسك بها من خلال دعوته الكتل السياسية إلى تقديم مرشحيها للوزارات، وهو ما يعني استبدال الوزراء بآخرين في إطار منظومة المحاصصة، وبالتالي فإنه أعلن عبر مكتبه أنه سيتعامل مع ورقة التيار الصدري بوصفها مرشحي التيار»، مشيرا إلى أن «العبادي يريدنا مثل الآخرين نأتيه بثوب الحزب أو الطائفة أو العرق، بينما نحن أتيناه بثوب العراق، وحتى تظاهراتنا لا تحمل سوى علم العراق، وكل ما نريده هو إنهاء المحاصصة التي دمرت العراق».
وبشأن الخطوة التالية التي يمكن أن يقدم عليها الصدر في حال لم يعلن العبادي اليوم التغيير الحكومي، قال الجبوري: «في الواقع لا يمكن التكهن بالخطوة التالية نيابة عن السيد الصدر، لأنه هو من يدير العملية بطريقة مركزية».
في سياق متصل، أكد القيادي في المجلس الأعلى الإسلامي فادي الشمري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاستقالة التي وضعها وزير النفط عادل عبد المهدي هذه المرة موضع التنفيذ هي ليست الأولى بل هي الثالثة، لكن العبادي لم يبت بها، في حين يتحدث عن الفساد والوزراء الفاشلين وغيرهم، ولم يعط دليلا واحدا فيما يتعلق بوزرائنا الثلاثة على الأقل (عبد المهدي للنفط وباقر الزبيدي للنقل وعبد الحسين عبطان للرياضة والشباب) على صعيد ملفات الفساد أو الفشل». وأضاف أن «الدكتور عبد المهدي موضع إشادة منظمات عالمية وداخلية، وإنجازاته في الميدان النفطي واضحة، وهو من قدم استقالته عدة مرات، ولم يبت بها العبادي، الأمر الذي جعله يقدم على تعليق دوامه في الوزارة وحضور اجتماعات مجلس الوزراء، حتى يبت بأمر الحكومة الجديدة، وهو الإجراء الذي أقدم عليه الوزيران الآخران للمجلس الأعلى، لأننا لن نقبل لوزرائنا أن يعاملوا بهذه الطريقة من قبل العبادي والحزب الحاكم (في إشارة إلى حزب الدعوة)، لأننا لسنا متمسكين بأي مواقع وزارية».
وعد الشمري الحديث عن حكومة التكنوقراط بأنه «ليس أكثر من محاولة للالتفاف على عملية الإصلاح التي يريد العبادي اختزالها بالوزراء التكنوقراط، بينما هي منظومة متكاملة وطويلة، وهي عملية التفاف أخرى من قبل حزب الدعوة، وهو ما لم نعد نقبل به بعد الآن».
وردا على سؤال بشأن خيارات المجلس الأعلى وما الذي عمله وما يروم عمله في المستقبل، قال الشمري: «لقد قدمنا خريطة طريق للعبادي تتضمن معالجة الملفات الأربع الرئيسية وهي الأمني والسياسي والخدمي والاقتصادي، لكننا اكتشفنا أن العبادي هو المعرقل الأكبر لعملية الإصلاح، إذ إنه لم يتخذ قرارا حقيقيا على هذا الصعيد». وعلى صعيد الخطوة المقبلة قال الشمري إن «المجلس الأعلى قطع شوطا كبيرا في ميدان بناء جبهة إصلاحية عابرة للطائفية والعرقية لتحريك الركود في عملية الإصلاح». وحول ما إذا كان ذلك يعني الانسحاب من التحالف الوطني، قال الشمري إنه «لا علاقة لهذه الجبهة بالتحالفات، إذ إنه لن ينسحب من ينتمي إليها من تحالفه سواء كان شيعيا أم سنيا أم كرديا، لكنها يمكن أن تكون بروفة أولية لتحالفات مستقبلية عابرة للكتل والمكونات».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.