مرشحو الحزب الجمهوري الأميركي يتنافسون في طرح مقترحات تستهدف المسلمين

ترامب ينادي بإعادة التعذيب.. وكروز يقترح تسيير دوريات في الأحياء ذات الغالبية المسلمة

المرشح الجمهوري للرئاسة تيد كروز يعلّق حول اعتداءات بروكسل الإرهابية أول من أمس (أ.ف.ب)
المرشح الجمهوري للرئاسة تيد كروز يعلّق حول اعتداءات بروكسل الإرهابية أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

مرشحو الحزب الجمهوري الأميركي يتنافسون في طرح مقترحات تستهدف المسلمين

المرشح الجمهوري للرئاسة تيد كروز يعلّق حول اعتداءات بروكسل الإرهابية أول من أمس (أ.ف.ب)
المرشح الجمهوري للرئاسة تيد كروز يعلّق حول اعتداءات بروكسل الإرهابية أول من أمس (أ.ف.ب)

تنافس المرشحان الجمهوريان اللذان يتصدران السباق إلى البيت الأبيض على تقديم مقترحات تستهدف المسلمين بعد اعتداءات بروكسل الثلاثاء، التي أسفرت عن سقوط أكثر من ثلاثين قتيلا ومائتي جريح. واقترح تيد كروز تسيير دوريات في الأحياء المسلمة، بينما دعا دونالد ترامب إلى إغلاق الحدود وإعادة استخدام التعذيب. وجاءت هذه المزايدات في يوم الانتخابات التمهيدية في ولايات أريزونا حيث فاز ترامب، ويوتاه حيث جاء كروز في الطليعة وإيداهو وأرخبيل ساموا.
وفي الانتخابات التمهيدية التي جرت مساء الثلاثاء، حقق دونالد ترامب فوزا كبيرا في ولاية أريزونا، وحصد على تأييد 56 مندوبا دفعة واحدة، رغم الجهود التي بذلتها الجماعات المحافظة والشخصيات العامة في الحزب، مثل ميت رومني والسيناتور ليندسي جراهام ولجان العمل السياسي التي يديرها رجال الحزب، لحشد التأييد لصالح السيناتور تيد كروز ووقف تقدم ترامب. فيما فاز السيناتور تيد كروز في انتخابات ولاية يوتا، وحصل على تأييد 40 مندوبا. ورغم نجاح كروز، إلا أن أمامه طريق طويل وصعب لكسب مزيد من المؤتمرات الحزبية، مقابل ترامب الأوفر حظا في السابق والأقرب إلى ضمان ترشيح الحزب له في يوليو (تموز) القادم.
وبعد فوزه في أريزونا، أصبح ترامب يمتلك تأييد 739 مندوبا، مقابل 465 مندوبا لصالح تيد كروز، و143 مندوبا لصالح حاكم ولاية أوهايو جون كاسيك. ويتطلب الفوز بترشيح الحزب الحصول على تأييد 1237 مندوبا.
وفي المعسكر الديمقراطي، حققت هيلاري كلينتون فوزا كبيرا في ولاية أريزونا، فيما فاز بيرني ساندرز في يوتاه وإيداهو، ومن المتوقع أن يحقق فوزا سهلا في ولايته فيرمونت وفي المؤتمرات الحزبية الديمقراطية يوم السبت القادم في ولاية واشنطن وألاسكا وهاواي. وتملك هيلاري كلينتون تأييد 1711 مندوبا (يشمل 482 من المندوبين الكبار «السوبر» الذين لهم ثقل كبير في تصويت المؤتمر)، فيما يملك بيرني ساندرز 939 مندوبا (بينهم 27 مندوبا كبيرا).
ودفعت اعتداءات بروكسل اثنين من المرشحين الجمهوريين إلى تقديم مقترحات متشددة ضد المسلمين، في محاولة لإظهار سياسات أكثر تشددا ضد التطرف والإرهاب مقابل السياسات التي يعتبرونها متهاونة من قبل إدارة الرئيس باراك أوباما. وقال السناتور المحافظ المتشدد عن تكساس، تيد كروز، في بيان بعد الاعتداءات التي وقعت في مطار بروكسل ومحطة قطار الأنفاق في العاصمة البلجيكية إنه «علينا أن نسمح لقوات الأمن بالقيام بدوريات والحفاظ على الأمن في الأحياء المسلمة، قبل أن تصبح متطرفة». وهذه هي المرة الأولى التي يستهدف فيها كروز المسلمين، وليس المسلمين المتطرفين فقط. وكان قد توعد تنظيم داعش «بوابل من القنابل» بعد هجوم سان برناردينو في كاليفورنيا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، الذي ارتكبه زوجان متطرفان. وبدا كروز «متفهما» عندما اقترح ترامب المرشح الأوفر حظا للفوز بترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية، منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة خوفا من أن يتسلل معهم متطرفون. وكرر كروز المقتنع بأن «الإسلام المتطرف يخوض حربا ضد الولايات المتحدة»، أنه «يجب أن يوضع حد فورا لبرنامج الرئيس (الأميركي) جلب عشرات الآلاف من المسلمين السوريين».
ورد مدير الاتصال في شرطة نيويورك جي بيتر دونالد مساء الثلاثاء، بمهاجمة كروز في تغريدة كتب فيها «تيد كروز، هل يشكل نحو ألف شرطي مسلم (تهديدا) أيضا؟ من الصعب تصور تصريح أكثر تحريضا وسخافة».
إلى ذلك، انتقد المرشحان الجمهوريان سياسة الهجرة الأوروبية التي اعتبرا أنها متساهلة جدا، وسمحت بحسب ترامب «بتدفق إرهابيين متطرفين إلى أوروبا». وقال ترامب لقناة «فوكس نيوز» إنه في حال وقوع هجوم مماثل في الولايات المتحدة، فإنه «سيغلق الحدود» الأميركية و«لن يسمح للمهاجرين بدخول الولايات المتحدة». وأضاف أنه إذا كان المرشحون للهجرة «مسلمين، فيجب أن يخضعوا للمراقبة بدقة». وأكد لشبكة «إن بي سي» أن المسلمين «لا يندمجون في دول أخرى». وحذر قطب العقارات الثري من أنه إذا وقع اعتداء «فسنجد المسؤولين عنه وسيتألمون كثيرا»، مؤكدا من جديد أنه سيفرض استخدام التعذيب و«أكثر من الإيهام بالغرق» المحظور في الولايات المتحدة منذ أن طبقته وكالة الاستخبارات المركزية على أشخاص يشتبه بتورطهم في اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001.
وقال ترامب في مقابلة مع تلفزيون «أي تي في» البريطاني إن المسلمين لا يبذلون جهدا كافيا لمنع وقوع اعتداءات، «لأنهم لا يقومون بإبلاغ السلطات على الإطلاق»، مضيفا: «أقول للمسلمين في بريطانيا وفي الولايات المتحدة أيضا أنه حين يشتبهون بأمور مريبة عليهم أن يبلغوا عنها». وتابع «المشكلة الكبرى هي أنهم لا يبلغون على الإطلاق، وكأنهم يحمون بعضهم بعضا، لكنهم يلحقون ضررا كبيرا بشكل فعلي ويجب أن ينفتحوا على المجتمع وأن يبلغوا عن الأشرار».
من جهته، رأى مجلس العلاقات الأميركية - الإسلامية (كير) المدافع عن حقوق المسلمين في الولايات المتحدة أن «استهداف مرشح للرئاسة أميركيين بسبب ديانتهم فقط يشكل صدمة». وقال المدير العام للمنظمة، نهاد عوض، في صحيفة «هيوستن برس» إن «بث الخوف والهستيريا والتمييز ضد أميركيين مسلمين مناف للدستور ومناف لأميركا، ولا يليق بأحد المرشحين الرئيسيين للرئاسة». وأضاف: «يجب على كل الأميركيين إدانة هذه التصريحات». ورفض مجلس مسلمي بريطانيا الذي يمثل مئات المساجد والجمعيات الخيرية تصريحات ترامب، وقال مقداد فارسي، المتحدث باسمه، إن التصريحات تصب في مصلحة ما يريده الإرهابيون وهو «أن يشعر المسلمون أنهم مهمشون». أما نيل باسو، مسؤول مكافحة الإرهاب في الشرطة البريطانية، فقال لهيئة الإذاعة البريطانية إن ترامب مخطئ، وقد وصم قسما من الشعب وهذا أسوأ شيء يمكننا فعله». ورأى المحلل نيت سيلفر أنه «يجب أن نتوقع مزيدا من هذه التصريحات من ترامب، لأن هجمات باريس وسان برناردينو أدت إلى تعزيز موقعه في استطلاعات الرأي على المستوى الوطني». وأشار سيلفر إلى أن ترامب ربح سبع نقاط مئوية بعد هذه الاعتداءات.
أما كايلي كونديك من مدونة كريستال بول، فيرى أن اقتراح كروز «لن يغير كثيرا» مسار حملة الانتخابات التمهيدية التي يتصدرها ترامب. لكنه أضاف أنه في الانتخابات العامة في الثامن من نوفمبر (تشرين الثاني) «قد تبدو مقترحات ترامب وكروز متطرفة بشكل مبالغ فيه».
ورفضت اللجنة الأميركية العربية لمكافحة التمييز (ADC) تصريحات المرشحين الجمهوريين، وقالت إن «التصريحات التي استخدمها السياسيون، مثل السيناتور تيد كروز كمبرر لتعزيز سياسيات تعادي العرب والمسلمين، ستكون انتهاكا للحقوق الدستورية للملايين من الأميركيين».
من جانبها، قالت المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون إنها تخالف ترامب وكروز الرأي. وقالت لشبكة «إن بي سي» إن «القول إننا سنغلق حدودنا بالكامل أمر غير واقعي». وأضافت في تغريدة: «يمكننا أن نكون أقوياء وأذكياء دون أن نشجع التعذيب والتعصب. لن نسمح للخوف بأن يملي علينا سياستنا الخارجية». وأضافت كلينتون أنه بدلا من استهدافهم، «نحتاج إلى أن نمد اليد للأميركيين المسلمين ونجعل من الأماكن التي يعيشون فيها خط دفاع أوليا». لكنها لم تتردد في الحديث عن الأمن بدعوتها الدول الأوروبية إلى «تشديد قوانينها» ضد الإرهاب. كما عبرت عن أملها في مزيد من التنسيق مع هذه الدول في مجال الاستخبارات. وأكدت أنها تنوي «تعزيز المراقبة»، وحتى ضمان أمن الأهداف الأقل أهمية «بمزيد من الوجود الأمني». وأكد خصمها برني ساندرز: «نحن نحارب منظمة إرهابية، منظمة همجية تقتل أبرياء. نحن لا نحارب ديانة».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.