المبعوث الدولي ووفد الهيئة العليا للمعارضة يناقشان {بتعمق} مسألة الانتقال السياسي

دي ميستورا طرح مجموعة أسئلة وينتظر من المعارضة والنظام أجوبة عنها الاثنين المقبل

دي ميستورا لدى وصوله إلى مقر المفاوضات في جنيف أمس (أ.ف.ب)
دي ميستورا لدى وصوله إلى مقر المفاوضات في جنيف أمس (أ.ف.ب)
TT

المبعوث الدولي ووفد الهيئة العليا للمعارضة يناقشان {بتعمق} مسألة الانتقال السياسي

دي ميستورا لدى وصوله إلى مقر المفاوضات في جنيف أمس (أ.ف.ب)
دي ميستورا لدى وصوله إلى مقر المفاوضات في جنيف أمس (أ.ف.ب)

انصرفت الأنظار إلى حد ما عن جنيف وقصر الأمم الذي يستضيف منذ الاثنين الماضي المحادثات الرسمية غير المباشرة الخاصة بسوريا، وبدأت الوفود التلفزيونية والصحافية تتناقص بعد أن أرسى المبعوث الدولي نظاما روتينيا للقاءات: يوم للنظام واليوم التالي للمعارضة، وذلك حتى الرابع والعشرين من الشهر الحالي، ثم جولة ثانية بعد استراحة من أسبوعين. ووفق معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» فإن المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا سلم أمس وفد المعارضة «وقبل ذلك لوفد النظام» لائحة من مجموعة أسئلة وطالب بالحصول على إجابات علها يوم الاثنين القادم، أي قبل ثلاثة أيام فقط من النهاية المنتظرة لهذه الجولة من المحادثات. وبحسب أوساط متابعة لما يجري في جنيف، فإن ما يسعى إليه دي ميستورا حقيقة هو الحرص على استمرار المحادثات ومدها حتى لقاء وزير الخارجية الأميركي جون كيري بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الثلاثاء القادم في موسكو، وفق ما أفادت به مصادر أميركية. بالإضافة لذلك، فإن الوفدين ما زالا في المرحلة الاستكشافية أو التمهيدية ولم ينتهيا بعد من «الشكليات» وتسميات الوفود التي يستخدمها رئيس الوفد الرسمي السفير بشار الجعفري لتأخير استحقاقات المسائل «الجوهرية» ومحاولة تعديل صيغة التفاوض.
وأمس، اجتمع دي ميستورا وفريقه للمرة الثانية رسميا بوفد الهيئة العليا للتفاوض. كما أنه سيلتقي اليوم مجددا وفدي النظام والهيئة العليا وأطراف أخرى. وتركز البحث في اجتماع أمس مع المعارضة بشكل أساسي على «ورقة المبادئ والمقترحات» التي تسلمها دي ميستورا منه يوم الثلاثاء الماضي. ووصف دي ميستورا اجتماعه المسائي بأنه كان «جيدا ومكثفا» وأنه غاص على المسائل الأساسية، وتحديدا على موضوع المرحلة الانتقالية، وتمت مناقشة المبادئ والمقترحات التي تسلمها في محاولة منه لبناء تصور لقواسم مشتركة يمكن الانطلاق منها. وأشار دي ميستورا إلى التوافق بين وفدي النظام والمعارضة على موضوع وحدة سوريا، في إشارة لما أقدم عليه حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي. وشدد دي ميستورا أكثر من مرة على أهمية المرحلة الانتقالية وعلى رغبته في البدء سريعا ببحثها مع وفد النظام. وقال جورج صبرا، عقب اللقاء المسائي، إن ما حصل كان «اجتماع عمل جديا» محوره الورقة التي قدمها وفد الهيئة العليا التي تشكل وثيقة متكاملة للمبادئ ولطرق وضعها موضع التنفيذ. وأشار صبرا إلى أن الوفد طرح مجددا موضوع المعتقلين وأنه عمد لتسليم المبعوث الدولي وثيقة بهذا الشأن الذي أعلم الوفد أن الموضوع ستتم مناقشته جديا خلال لقاء كيري - لافروف الأسبوع القادم. وبرز من خلال ما جرى أمس أن المبعوث الدولي ووفد المعارضة يتبنيان الموقف نفسه بالنسبة للأطراف السورية الأخرى الموجودة في جنيف حيث يرفض كلاهما الحديث عن «وفد ثالث»، ويبنيان موقفهما على القرار الدولي رقم 2254. وقال صبرا إن هناك وفدا واحدا ينطق باسم الشعب الثوري والقوى الثورية وهو المنبثق عن الهيئة العليا للمفاوضات.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن دي ميستورا راغب، بعد انتهاء الجولة الحالية من المحادثات، في التغيب عدة أيام للاستراحة والاستجمام بعد الجهود الضخمة التي يبذلها منذ شهر يناير (كانون الثاني) الماضي. وخطة المبعوث الدولي اليوم هي الاجتماع مجددا بوفدي النظام والمعارضة والاستفادة من نهاية الأسبوع للقيام بعملية تقويم لأسبوع من المحادثات التي تنتهي في الرابع والعشرين من الشهر الحالي. وقالت مصادر غربية تواكب مسار المحادثات إن ما يحصل «إيجابي ولا يتعين حرق المراحل وانتظار ما ستأتي به المحادثات، خصوصا أن الهدنة التي انطلقت بفعل التفاهم الأميركي - الروسي أفضت إلى خفض كبير للعنف وإيصال المساعدات الإنسانية إلى ما يزيد على ربع مليون نسمة».
أما في موضوع ورقة المعارضة التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» فإنها تنص في قسمها الأول على المبادئ الأساسية وهي سيادة سوريا واستقلالها ووحدة أراضيها وضرورة انسحاب كافة القوى الأجنبية الموجودة على أراضيها. وينص البند الثاني على أن غاية العملية السياسية هي تغيير النظام الحالي «بشكل جذري وكامل»، بما في ذلك رأس النظام والأجهزة العسكرية والقوات المسلحة، وقيام نظام مدني ديمقراطي متعدد يضمن حقوق الأقليات ويساوي بين المواطنين في الحقوق والواجبات. وفي موضوع هيئة الحكم الانتقالية، تنص الوثيقة على قيام هيئة تتمتع بكافة الصلاحيات التنفيذية يمكن أن تضم أعضاء من الحكومة الحالية والمعارضة «ومن المجموعات الأخرى» على أساس الموافقة المتبادلة. وما تنص عليه الورقة إعادة النظر بالدستور والمنظومة القانونية وضمان حقوق المرأة وتمثيلها في كافة محطات المرحلة الانتقالية واعتماد اللامركزية الإدارية وإتاحة الفرص للجميع بعيدا عن الطائفية وأنواع التمييز والتفرقة الأخرى والالتزام بالمصالحة الوطنية وتبني مبدأ المساءلة. أما البند الأخير فينص على التزام مكافحة الإرهاب والتنظيمات الإرهابية وفق قرارات مجلس الأمن والشرعية الدولية.
وأمس، انتقد يان أيغلاند، مستشار دي ميستورا لشؤون الإغاثة الإنسانية، عقب اجتماع لمجموعة العمل الخاصة بها، النظام السوري بعرقلة عمليات الإغاثة ومنع الوصول إلى ست مناطق وإعاقة تسليم المساعدات الطبية وإخلاء المرضى. وأشار أيغلاند إلى أن الأمم المتحدة جددت طلب الوصول إلى هذه المناطق. وبسبب هذه العراقيل، فإن المساعدات لم تصل إلى أكثر من 260 ألف شخص. وأشار أيغلاند إلى أن النظام سلم خطط الإغاثة للشهر الأقدم وأن هناك تعويلا كبيرا على روسيا للوصول إلى المناطق التي لم يتم الوصول إليها حتى الآن.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».