القاهرة تراقب.. وستختبر مصداقية حماس من خلال تجاوبها مع طلباتها الأمنية

تحتاج إليها ضد الإخوان وفي سيناء ولضبط الحدود وكبح جماح المتطرفين

القاهرة تراقب.. وستختبر مصداقية حماس من خلال تجاوبها مع طلباتها الأمنية
TT

القاهرة تراقب.. وستختبر مصداقية حماس من خلال تجاوبها مع طلباتها الأمنية

القاهرة تراقب.. وستختبر مصداقية حماس من خلال تجاوبها مع طلباتها الأمنية

بينما يتطلع غزيون كثيرون إلى انعكاسات إيجابية ما، لمباحثات حركة حماس مع الأجهزة الأمنية المصرية، على الأوضاع المعيشية في قطاع غزة، يساور القلق آخرين ينتمون إلى تيارات سلفية في القطاع، من حقيقة ما يتسرب عن اتفاقات أمنية بين حماس والمخابرات المصرية.
ويقول مراقبون فلسطينيون إن الاتفاقات لا تزال بحاجة إلى وقت كي تنضج وتتكشف آثارها وتبعاتها وجديتها.
ولكن رام الله لا تبدو قلقة بعد يوم واحد من انتهاء المباحثات من إمكانية عقد اتفاقات سياسية بين مصر وحماس، تؤثر على مكانة السلطة الفلسطينية السيادية، بما في ذلك فتح معبر رفح.
وتشرح مصادر مطلعة ذلك لـ«الشرق الأوسط» فتقول إن مصر أبلغت حركة حماس أن فتح معبر رفح رهن بوجود السلطة الفلسطينية فيه، مؤكدة أن مباحثات مصر وحماس صبت في مصلحة حماس قليلا، ولكنها لن تنتهي «بانفراجة» بالنسبة لأهل غزة، من دون اتفاق مصالحة حقيقي.
وحسب المصادر نفسها، فإن اللقاءات التي جمعت مسؤولين من حماس بمسؤولين في المخابرات المصرية، أخذت طابعا أمنيا بحتا، وناقشت مواضيع أمنية كذلك، على علاقة بالأمن القومي المصري بالدرجة الأولى.
وكانت «الشرق الأوسط» نشرت عن بعض نتائج الاجتماعات بين وفد حماس والمخابرات المصرية، ومن بينها تبرؤ الوفد من الإخوان المسلمين وأي علاقة تنظيمية أو مالية تربط حماس بهم، والتعهد بضبط الحدود، والتعاون في أي مسألة أمنية تمس بسيادة مصر، بما في ذلك منع أي تحركات لعناصر سلفية من وإلى سيناء، ومراقبة أي تعاون بين جماعات في غزة وجماعات في سيناء، وعدم التدخل في شأن مصر بأي شكل من الأشكال ولا حتى إعلاميا.
وطلب وفد حماس في المقابل فتح معبر رفح المغلق ووقف الحملات الإعلامية ضد الحركة، ووقف ضخ مياه البحر في الأنفاق بين رفح الفلسطينية ورفح المصرية، واستئناف مصر لدورها في محادثات التهدئة مع إسرائيل وكذلك مباحثات المصالحة مع حركة فتح.
ولم يعرف رد القاهرة في هذه القضايا، باستثناء معبر رفح، لكنّ مراقبين يعتقدون أن مصر ستراقب أولا جدية حركة حماس.
وقال المحلل السياسي والخبير في شؤون الحركات الإسلامية، ناجي شراب: «سيحتاج الاتفاق إلى بعض الوقت.
لا شيء يخص غزة يمكن أن يترجم بسرعة». وأضاف شراب لـ«الشرق الأوسط»: «واضح أن هناك ملفات لم تحسم، مثلا ما جاء على لسان المسؤول في حماس، خليل الحية، بإدانة الاغتيالات السياسية، يمكن أن يكون طلبا مصريا بإدانة الإرهاب (الإخواني).. هناك أسئلة سندرك إجابتها لاحقا، الأسئلة المصرية لحماس حول الأمن وسيناء والعمليات سيتضح منه طبيعة تعامل حماس معها في وقت لاحق».
ويعتقد شراب أن حماس أبدت تعاونا كبيرا مع مصر، لأنها استدعيت كحركة سياسية، في وقت كانت فيه متهمة بالتعاون في قضايا «إرهابية» في مصر، وبعد أيام فقط من إدراج حزب الله على قائمة المنظمات الإرهابية.
ويضيف: «كأن مصر قالت لحماس إنه لم يعد لديكم فرصة أخرى». وأضاف: «قد يعكس تصريح موسى أبو مرزوق أن غزة لن تكون ملجأ آمنا لمن يضر بمصلحة مصر، مواقف حماس من طلبات مصر ومدى تعاونها».
وردا على سؤال حول حاجة مصر إلى حماس، يقول شراب، إن مصر تحتاج إلى حماس فعلا كحركة تسيطر على قطاع غزة، لأن بوسعها ضبط الحدود والتعاون الأمني في قضايا تتعلق بالمتطرفين في غزة وسيناء. كما تحتاج إليها لتوجيه رسالة بالغة الأهمية لتنظيم الإخوان المسلمين في مصر.
وتعد حماس ابن تنظيم الإخوان المسلمين في فلسطين، وطالما فاخرت بذلك وأعلنته على الملأ، قبل أن تضطر إلى إعلان أنه لا علاقات تنظيمية أو إدارية لها مع الإخوان، في أعقاب اتهام مصر للإخوان وحماس باغتيال النائب العام المصري هشام بركات.
وكان وزير الداخلية المصري اللواء مجدي عبد الغفار قال في مؤتمر صحافي قبل نحو أسبوعين إن جماعة «الإخوان المسلمين» تقف وراء اغتيال النائب العام السابق هشام بركات، وإن «حماس» كان لها «دور كبير جدًا» في العملية، موضحًا أن اغتيال بركات جرى في إطار «مؤامرة كبرى» بأوامر من قيادات لجماعة «الإخوان المسلمين» المحظورة وتعيش في تركيا، وبتنسيق مع «الذراع الأخرى المسلحة في غزة، وهي حركة حماس التي اضطلعت بدور كبير جدًا في هذه المؤامرة».
ونفت حماس الاتهامات لها بالتورط في اغتيال النائب العام المصري، ووصفت الأمر بمجرد «ادعاءات باطلة»، وقالت إنها ستقدم مذكرة لتفنيدها.
ويرى مراقبون أن مصر نجحت في إبعاد حماس عن الإخوان، بل أكثر من ذلك. وقال المحلل السياسي طلال عوكل: «مصر تحتاج إلى حماس في علاقتها التصادمية مع الإخوان المسلمين».
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «إنها رسالة بأن حماس ذات المكانة الشعبية الجيدة في وعي عناصر ومناصري الإخوان، تخلت عنكم وتتعاون معنا.. هذا يفيد مصر في حربها ضد الإخوان، وفي نقد سلوكهم كذلك». ويعتقد عوكل أن أي اتفاقات بين حماس ومصر رهن بجدية التعاون بين الطرفين}.
وأضاف: «حماس بحاجة إلى العمق المصري وإلى تدخل مصر في القضايا الأهم، المصالحة والتهدئة، وما سيعكسه ذلك على الحركة نفسها وعلى قطاع غزة، ومصر بحاجة إلى حماس في سيناء والحدود وعلاقتها بالإخوان»، فهل تكون لزيارة وفد حماس إلى القاهرة في هذا الوقت الدقيق، «ما بعدها» كما قال مسؤول الوفد موسى أبو مرزوق؟ أم أن الملفات الأمنية الثقيلة ستفسد العلاقة مرة أخرى؟



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».