أوروبا تنتظر إجراءات جريئة في اجتماع {المركزي} الأوروبي الخميس المقبل

منطقة اليورو في مواجهة ركود آخر

ماريو دراجي رئيس البنك المركزي الأوروبي وخلفه أعلام دول منطقة اليورو (رويترز)
ماريو دراجي رئيس البنك المركزي الأوروبي وخلفه أعلام دول منطقة اليورو (رويترز)
TT

أوروبا تنتظر إجراءات جريئة في اجتماع {المركزي} الأوروبي الخميس المقبل

ماريو دراجي رئيس البنك المركزي الأوروبي وخلفه أعلام دول منطقة اليورو (رويترز)
ماريو دراجي رئيس البنك المركزي الأوروبي وخلفه أعلام دول منطقة اليورو (رويترز)

قبل أربعة أيام من قرار التحفيز الذي طال انتظاره، يعكف مسؤولو المركزي الأوروبي على التشاور حول كيفية تعزيز موقف السياسة النقدية دون الإضرار بالقطاع المصرفي لدول الاتحاد.
ولا تزال منطقة اليورو تواجه أكبر أزماتها على الرغم من التدابير المتخذة التي تتراوح بين مزيد من التخفيض لأسعار الفائدة، وبين مواجهة تأثير التحفيز على السيولة الفائضة لدى القطاع المصرفي.
ويواجه المركزي الأوروبي أزمة حقيقية في القدرة على تسويق وتمرير قرار شراء سندات بما يقارب 1.5 تريليون يورو (1.6 تريليون دولار)، ويشتري المركزي الأوروبي حاليا بنحو 60 مليار يورو شهريا سندات حكومية لدول منطقة اليورو، وهو قريب من الحد الأقصى المسموح به قانونا.
ومع عودة التضخم في منطقة اليورو إلى المعدل السلبي، تقترب المنطقة بشكل أكبر من الدخول في ركود واسع، وتنتظر المؤسسات اتخاذ إجراءات جديدة من المركزي الأوروبي تجاه المزيد من التيسير الكمي.
ومن أهم البيانات التي تؤكد قرب إعلان التوسع في برنامج التيسير الكمي، بيانات انخفاض مؤشر مديري المشتريات في أوروبا إلى 53 نقطة في فبراير (شباط) انخفاضا من 53.6 نقطة في يناير (كانون الثاني)، لتستمر المنطقة في المعاناة من تباطؤ معدلات النمو المستمر منذ 13 شهرا.
وحدث التباطؤ في الاقتصادات الأربعة الكبار بمنطقة اليورو، ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا، وانخفض مؤشر مديري المشتريات الفرنسي تحت 50 نقطة ليبلغ 49.3 نقطة، مما يعني أن مؤشر الاقتصاد الفرنسي يعاني الانكماش للمرة الأولى منذ أكثر من عام.
والنقطة الـ50 هي نقطة التوازن في مؤشر مديري المشتريات، فإذا بلغ أكثر من 50 نقطة، فهذا يعني التوسع في قطاعات الصناعات التحويلية، وإذا انخفض عن 50 نقطة، فهذا يعبر عن انكماش في تلك الصناعات.
وفي ألمانيا بلغ المؤشر 54.1 نقطة، وهو أقل مستوى منذ خمسة أشهر، وبلغ في إيطاليا 53.7 نقطة، وفي إسبانيا 54.5 نقطة، وهو أقل مستوى منذ 14 شهر، وفي آيرلندا 59.5 نقطة، وهو أقل مستوى منذ 4 أشهر.
من ناحية أخرى، تزيد المخاوف من تباطؤ الاقتصاد العالمي وارتفاع قيمة اليورو، والتوترات في الأسواق المالية، وتأثير كل هذه العوامل على قطاعات الصناعات التحويلية.
وقال كريس ويليامسون الخبير الاقتصادي لـ«الشرق الأوسط»، إن معدل النمو في منطقة اليورو تراجع مرة أخرى باتجاه الركود.
ولا تعاني المنطقة فقط من فشل سياسات التحفيز في إخراجها من الركود الاقتصادي، فما زال الاستفتاء البريطاني على الخروج من الاتحاد الأوروبي يلقي بظلاله السياسية والاقتصادية على قوة المنطقة، بالإضافة إلى أزمة اللاجئين، واختلالات النظم المصرفية في دول المنطقة، والمخاوف الاقتصادية من ارتفاع سعر صرف اليورو أمام الدولار.
ويضيف ويليامسون أن منطقة اليورو تعاني من مخاطر السياسة النقدية والمخاطر السياسية داخل الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى مخاطر عمليات الهجرة، «كلها مجتمعة تؤدي إلى ضعف معدلات النمو».
من ناحية أخرى، هناك مشكلة انخفاض معدل التعاون بين القطاعات المصرفية في دول المنطقة، فالبنوك الفرنسية والألمانية لا تقرض نظيراتها الإيطالية والإسبانية، حيث تفضل معظم بنوك شمال أوروبا أن تدفع الأموال إلى «المركزي الأوروبي» بدلا من إقراضها لنظرائها في دول جنوب أوروبا، بينما تلجأ بنوك دول جنوب أوروبا للمركزي للحصول على السيولة أسبوعيا.
فبعد اندلاع الأزمة المالية العالمية في 2008 توقفت البنوك في منطقة اليورو عن تقديم قروض لبعضها بعضا عبر الحدود ولكنها استمرت في إقراض المؤسسات المالية الكبرى المتعاملة في بلادها، وعندما بدأ المركزي الأوروبي في إغراق النظام المصرفي بالسيولة عام 2012 انخفضت معدلات العائد على معاملات الإنتربنك - وهو نظام تقوم البنوك من خلاله بإقراض بعضها بعضًا - ويرجع السبب في ذلك إلى أن البنوك أصبح لديها كثير من السيولة، فلا تحتاج للاقتراض لتسوية معاملاتها لتصبح أكثر اعتمادا على المركزي الأوروبي.
وقال نيك كونيس، المحلل الاقتصادي في بنك «إيه بي» إن المركزي الأوروبي يعمل بقوة لتجنب انكماش آخر، إلا أن التباطؤ في النشاط الاقتصادي يرافقه تخفيف مماثل في وتيرة خلق فرص العمل، غير أن المنطقة بدأت تفقد زخم الانتعاش المرجو من وراء السياسية النقدية للمركزي الأوروبي.
ويضيف كونيس أن الغيوم أصبحت تسيطر على منطقة اليورو على مدى الشهرين الماضيين إلى حد كبير، نظرا لتزايد القلق حول تباطؤ الاقتصاد العالمي وخصوصًا في الصين.
ويأمل المركزي الأوروبي في دعم سياسة التحفيز وشراء السندات بمزيد من الخفض في أسعار الفائدة، والتحفيز الاقتصادي في منطقة اليورو، ورفع التضخم.
وتعهد رئيس المركزي الأوروبي ماريو دراجي في تصريح سابق له بإعادة النقاش حول حجم وأسلوب التحفيز الكمي في اجتماع السياسة النقدية للبنك الخميس المقبل، الذي سيستمر لمدة يومين.
ويشير كونيس إلى أن توسع المركزي الأوروبي في شراء السندات الحكومية سيشمل السندات الألمانية المستحقة قبل نهاية العام، ودون أي زيادة، فإن البنك سيشتري السندات الألمانية قبل نهاية البرنامج في مارس (آذار) 2017.
فوفقًا للقواعد الحالية، فإن مشتريات المركزي الأوروبي لا تتخطى 33 في المائة من حجم السندات المُصدرة في كل بلد في منطقة اليورو، ويؤكد الخبير في بنك «إيه إن بي»، أن ذلك من شأنه أن يضعف السندات الألمانية، إضافة للمعارضة الشديدة من قبل الأعضاء الـ25 في مجلس البنك، فالقواعد الحالية تضمن ألا يقوم المركزي الأوروبي بطبع النقود لتمويل الحكومات، فهو أمر محظور بموجب قانون الاتحاد الأوروبي. وصار من المتوقع أن يتخذ البنك المركزي إجراءات جريئة في اجتماع المركزي 10 مارس الحالي، والتي تشمل خفضًا آخر لأسعار الفائدة في المنطقة السلبية والتي تقدر حاليا بنحو سالب 0.3 في المائة.



«بنك اليابان» أمام قرار تاريخي... هل يرفع الفائدة الأسبوع المقبل؟

العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
TT

«بنك اليابان» أمام قرار تاريخي... هل يرفع الفائدة الأسبوع المقبل؟

العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)

يعقد «بنك اليابان» آخر اجتماع له بشأن سياسته النقدية لهذا العام الأسبوع الجاري، ليأخذ قراراً بشأن أسعار الفائدة وذلك بعد ساعات قليلة من قرار «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي المتوقع بخفض الفائدة.

فما الذي يمكن توقعه ولماذا يعتبر قرار «بنك اليابان» بشأن الفائدة ذا أهمية خاصة؟

في مارس (آذار) الماضي، أنهى «بنك اليابان» مسار أسعار الفائدة السلبية، ثم رفع هدف الفائدة القصيرة الأجل إلى 0.25 في المائة في يوليو (تموز)، مشيراً إلى استعداده لرفع الفائدة مرة أخرى إذا تحركت الأجور والأسعار بما يتماشى مع التوقعات.

وثمة قناعة متزايدة داخل «بنك اليابان» بأن الظروف باتت مؤاتية لرفع الفائدة إلى 0.5 في المائة. فالاقتصاد الياباني يتوسع بشكل معتدل، والأجور في ارتفاع مستمر، والتضخم لا يزال يتجاوز هدف البنك البالغ 2 في المائة منذ أكثر من عامين.

ومع ذلك، يبدو أن صانعي السياسة في البنك ليسوا في عجلة من أمرهم لاتخاذ هذه الخطوة، نظراً لتعافي الين الذي ساهم في تخفيف الضغوط التضخمية، بالإضافة إلى الشكوك المتعلقة بسياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي قد تؤثر على الرؤية الاقتصادية المستقبلية، وفق «رويترز».

وسيكون القرار بشأن رفع الفائدة في ديسمبر (كانون الأول) أو تأجيله إلى اجتماع آخر في 23-24 يناير (كانون الثاني) صعباً، حيث سيعتمد ذلك على مدى اقتناع أعضاء المجلس بأن اليابان ستتمكن من تحقيق هدف التضخم بشكل مستدام.

ناطحات السحاب والمباني المزدحمة في طوكيو (أ.ب)

ماذا قال صانعو السياسة في «بنك اليابان» حتى الآن؟

يحافظ صانعو السياسة في «بنك اليابان» على غموض توقيت رفع الفائدة المقبل. وفي مقابلة إعلامية حديثة، قال الحاكم كازو أويدا إن رفع الفائدة المقبل قريب، ولكنه لم يوضح بشكل قاطع ما إذا كان ذلك سيحدث في ديسمبر.

إلا أن المفاجأة جاءت من عضو مجلس الإدارة تويواكي ناكامورا، الذي أشار إلى أنه ليس ضد رفع الفائدة، لكنه شدد في المقابل على ضرورة أن يعتمد القرار على البيانات الاقتصادية المتاحة.

وبينما يركز «بنك اليابان» على رفع الفائدة بحلول مارس المقبل، تشير التصريحات غير الحاسمة إلى أن البنك يترك لنفسه حرية تحديد التوقيت المناسب لهذه الخطوة.

متى تتوقع الأسواق والمحللون رفع أسعار الفائدة التالي؟

أكثر من نصف الاقتصاديين الذين تم استطلاعهم من قبل «رويترز» الشهر الماضي يتوقعون أن يقوم «بنك اليابان» برفع أسعار الفائدة في ديسمبر. كما يتوقع حوالي 90 في المائة من المحللين أن يرفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة إلى 0.5 في المائة بحلول نهاية مارس 2024.

في المقابل، تقوم السوق بتسعير احتمال رفع الفائدة في ديسمبر بحوالي 30 في المائة فقط.

كيف يمكن أن تتفاعل السوق؟

سيأتي قرار «بنك اليابان» بعد ساعات قليلة من قرار «الاحتياطي الفيدرالي الأميركي»، الذي من المتوقع أن يقوم بتخفيض أسعار الفائدة. وقد يؤدي هذا التباين في التوجهات بين المصرفين المركزيين إلى تقلبات في قيمة الين وعوائد السندات.

ومن المحتمل أن يؤدي رفع الفائدة من قبل «بنك اليابان» إلى تعزيز قيمة الين. أما إذا قرر البنك إبقاء الفائدة كما هي، فقد يؤدي ذلك إلى ضعف الين، على الرغم من أن الانخفاض قد يكون محدوداً إذا قامت السوق بتسعير احتمالية رفع الفائدة في يناير بسرعة.

ما الذي يجب أن تراقبه السوق أيضاً؟

بغض النظر عن قرار «بنك اليابان» بشأن رفع الفائدة أو تثبيتها، من المتوقع أن يقدم محافظ البنك أويدا إشارات بشأن المسار المستقبلي لأسعار الفائدة ويحدد العوامل التي قد تحفز اتخاذ هذه الخطوة في مؤتمره الصحافي بعد الاجتماع.

وإذا قرر «بنك اليابان» الإبقاء على الفائدة ثابتة، فقد يتجنب أويدا تقديم إشارات حادة لتفادي حدوث انخفاضات غير مرغوب فيها في قيمة الين، مع توضيح العوامل الرئيسية التي سيركز عليها في تقييم توقيت رفع الفائدة.

من ناحية أخرى، إذا قرر «بنك اليابان» رفع الفائدة، قد يتبنى أويدا موقفاً متساهلاً لتطمين الأسواق بأن البنك لن يتبع سياسة رفع الفائدة بشكل آلي، بل سيتخذ قراراته بحذر بناءً على الوضع الاقتصادي.

إضافة إلى قرار الفائدة، سيصدر «بنك اليابان» تقريراً حول إيجابيات وسلبيات أدوات التيسير النقدي غير التقليدية التي استخدمها في معركته المستمرة منذ 25 عاماً ضد الانكماش، وهو ما يمثل خطوة رمزية نحو إنهاء التحفيز الضخم الذي تبناه البنك.

محافظ «بنك اليابان» في مؤتمر صحافي عقب اجتماع السياسة النقدية في أكتوبر الماضي (رويترز)

ومن المتوقع أن يستخلص هذا التقرير أن تخفيضات أسعار الفائدة تظل أداة أكثر فعالية لمكافحة الركود الاقتصادي مقارنة بالتدابير غير التقليدية مثل برنامج شراء الأصول الضخم الذي نفذه المحافظ السابق هاروهيكو كورودا.

ماذا سيحدث بعد ذلك؟

إذا رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة، فمن المحتمل أن يبقى على نفس السياسة النقدية حتى أبريل (نيسان) على الأقل، عندما ينشر التوقعات الفصلية الجديدة التي تمتد حتى السنة المالية 2027 لأول مرة.

أما إذا قرر البنك الإبقاء على الفائدة ثابتة، فإن انتباه الأسواق سيتحول إلى البيانات والأحداث الهامة التي ستسبق اجتماع يناير، مثل خطاب أويدا أمام اتحاد رجال الأعمال «كيدانرين» في 25 ديسمبر، وظهور نائب المحافظ ريوزو هيمينو في 14 يناير.

ومن المرجح أن يقدم تقرير «بنك اليابان» ربع السنوي عن الاقتصادات الإقليمية، الذي سيصدر قبل اجتماع 23-24 يناير، مزيداً من الوضوح لأعضاء مجلس الإدارة بشأن ما إذا كانت زيادات الأجور قد انتشرت على نطاق واسع في أنحاء البلاد.