مطاردة أبو بكر وزكارنة تثير تساؤلات حول شكل الصراع داخل السلطة الفلسطينية

تواصل اعتصامها داخل التشريعي وعضو المجلس الثوري مختفٍ

مطاردة أبو بكر وزكارنة تثير تساؤلات حول شكل الصراع داخل السلطة الفلسطينية
TT

مطاردة أبو بكر وزكارنة تثير تساؤلات حول شكل الصراع داخل السلطة الفلسطينية

مطاردة أبو بكر وزكارنة تثير تساؤلات حول شكل الصراع داخل السلطة الفلسطينية

فيما واصلت النائبة في المجلس التشريعي الفلسطيني، نجاة أبو بكر، اعتصامها في المجلس التشريعي الفلسطيني أمس، لليوم الخامس على التوالي، للاحتماء من قرار اعتقال بحقها أصدره النائب العام، وتصفه بغير قانوني، ما يزال بسام زكارنة، عضو المجلس الثوري عن حركة فتح، مختفيا عن الأنظار، بعد محاولة الأجهزة الأمنية اعتقاله كذلك قبل أيام، في مشهد أثار الكثير من التساؤلات حول شكل الصراع داخل السلطة.
وعلى الرغم من أن أبو بكر وزكارنة كادران في حركة فتح، التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، الأولى تمثل الحركة في المجلس التشريعي الفلسطيني، والثاني يمثلها في المجلس الثوري، فإن الحركة لم تعلن موقفا واضحا من قضيتهما، باعتبار أن عباس أمر أو وافق على الأقل، على الإجراءات بحقهما، كما لم تفلح محاولات مسؤولين في الحركة إقناع الرئيس الفلسطيني بالتراجع عن أوامر الاعتقال. وقالت مصادر، بأن جزءا كبيرا من قيادة فتح ضد ما يجري، لكنهم لا يخرجون عن أوامر الرئيس الفلسطيني الذي يتعامل مع حكومة الحمد الله على أنها حكومته ولا يجوز لفتح محاربتها. وهذه العلاقة بين فتح والحكومة طالما كانت جدلية ومحل تباين.
وصدرت القرارات ضد أبو بكر وزكارنة في الـ24 فبراير (شباط) الماضي، بعد ملاسنات مع الحكومة الفلسطينية التي يترأسها رئيس الوزراء رامي الحمد الله، التي نفت بدورها أي علاقة لها بمحاولات اعتقال أبو بكر وزكارنة.
وجاءت القرارات فيما كانت أزمة إضراب المعلمين في أوجها، وهو الإضراب الذي ما زال يشل المدارس في الضفة الغربية. واللافت أن زكارنة وأبو بكر هما أكثر من تقدم صفوف المعلمين وشارك في مظاهرات لهم ضد الحكومة.
وقبل محاولة اعتقاله، اتهم زكارنة الحمد الله بإحالته للتقاعد على خلفية دعمه لمطالب المعلمين، كما اتهمت أبو بكر النائب العام باستدعائها للنيابة على خلفية رأيها في قضية المعلمين. وردت الحكومة بقولها بأنها لم تسع إلى اعتقال زكارنة، على الرغم من أن الأمن الوقائي الفلسطيني ذهب لاعتقاله في بيته. ورد المكتب الإعلامي للنيابة العامة، باتهام أبو بكر مباشرة «بارتكابها جرائم معاقبة عليها في قانون العقوبات الساري بموجب قضايا تحقيقية مسجلة لدى نيابة رام الله».
وبعد محاولتين فاشلتين لاعتقال أبو بكر وزكارنة، لجأت الأولى للمجلس التشريعي واعتصمت به مع عائلتها، فيما لجأ الثاني إلى مكان مجهول. واتضح لاحقا، أن سبب استدعاء أبو بكر للنيابة هو تصريحات اتهمت فيها أحد الوزراء الفلسطينيين بالفساد.
وتستقبل أبو بكر العشرات المتضامنين معها يوميا، بعدما فكت الأجهزة الأمنية حصارها للمجلس التشريعي، وتقول: إنها لن تغادر قبل أن يلغي النائب العام القرار باعتقالها. وتشرح أبو بكر لضيوفها، أنه «ليس من حق الشرطة أو المباحث أن تبلّغ أي نائب في المجلس التشريعي بأمر الاعتقال أو رفع الحصانة عنه، إلا بعد العودة للمجلس التشريعي»، وتتهم النائب العام بتجاوز القوانين. وتصر أبو بكر على اتهامات مسؤولين بالفساد، وتقول: إنها تملك وثائق حول ذلك. وقالت أبو بكر، بأنها ستواصل الحرب ضد الفاسدين في السلطة والحكومة مهما كلفها الأمر.
ولا يستطيع زكارنة إعطاء تصريحات للصحافيين كما فعلت أبو بكر، لكنه يكتب على «فيسبوك» بين الفينة والأخرى، رسائل يسعى إلى توجيهها ضد الحكومة. وكتب أمس: «الحكومة تحاربنا في أخلاقنا، تحاربنا وتعلم أننا أبو الولد، وأن هذه السلطة نتاج تاريخ عظيم من التضحيات لنا من الشهداء والجرحى والأسرى، وفتح الخاسر الأول». وحذر زكارنة ممن «يتربص بالسلطة الوطنية وفتح» وأضاف: «نحن لسنا جزءا من أي طرف خارجي، نحن أهدافنا مطلبية نقابية سوف نأخذها عاجلا أم آجلا، نحن جزء أصيل من السلطة الوطنية وأجهزتها». وأضاف: «الحكومة ليست لنا ولا تخدمنا، غريبة، تتعامل مع شعبها وكأنهم مستوطنون، الحكومة عايشة على الوشوشة وتجنيد الأشخاص والولاءات من خلال المصالح، لاحظوا كل شعبنا في واد، والحكومة في واد».
ويلاحظ أن الجميع في فتح يحمل الحمد الله المسؤولية، على الرغم من أن الكثير من القرارات لا يمكن أن تتخذ من دون موافقة الرئيس.
وحتى الأمس، لا أحد في فتح أو السلطة أو الحكومة، استطاع أن يجد حلا لمعضلة زكارنة وأبو بكر، وسط تبادل اتهامات.
وينسحب هذا على الإضراب الذي تحول إلى أزمة، أي إضراب المعلمين، وكذلك خلافات قديمة وجديدة داخل السلطة الفلسطينية، في مؤشر يراه البعض ضعفا وتصدعا أكبر، على طريق حرب خلافة الرئيس.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.