«السوسي».. حيث لصحن الفول المدمّس تاريخ يعبق بالشهرة

«سي إن إن» صنّفت فطوره الأفضل بين 100 وجبة في العالم

تشكيلة من أطباق الفطور على مائدة السوسي - من أفضل أطباق الفول
تشكيلة من أطباق الفطور على مائدة السوسي - من أفضل أطباق الفول
TT

«السوسي».. حيث لصحن الفول المدمّس تاريخ يعبق بالشهرة

تشكيلة من أطباق الفطور على مائدة السوسي - من أفضل أطباق الفول
تشكيلة من أطباق الفطور على مائدة السوسي - من أفضل أطباق الفول

إذا مررت بشارع الزيدانية في بيروت لا بدّ أن تجذبك رائحة طبق الفول المدمّس التي لن تستطيع مقاومتها، فهي تناديك من أول الشارع المذكور لدخول مطعم «السوسي».
هذا المطعم الذي بدأ مشواره منذ ثلاثينات القرن الماضي، في أسواق بيروت القديمة، وبالتحديد خلف مبنى بلدية العاصمة (حيث مطعم غران كافيه حاليا)، كان مجرّد فكرة استحدثها يومها الحاج محمد محمود السوسي، ليقدّم فيه صحن الفول المدمّس والبليلة مع الكمّون لطلاب الجامعات والموظفين الحكوميين والعمّال وغيرهم من اللبنانيين، الذين كانوا يتناولون هذا الطبق كوجبة أساسية في يوم عملهم الطويل، لأنه يقيهم من الجوع طيلة النهار وإلى حين عودتهم إلى منازلهم.
وبعد الحرب اللبنانية نقل ابنه محمود مكان المطعم، ليصبح في شارع الزيدانية قرب جمعية المقاصد الإسلامية في منطقة المزرعة.
«هو إرث نفتخر به لا سيما أننا حافظنا على تقديم صحن الفول المدمّس بالجودة المطلوبة كي نبقى مخلصين لمنهج جدّي، يقول أحمد السوسي الذي تسلّم مهمّة إكمال رسالة جدّه مع ابن عمّته راجي الكبّي. وكان هذا الأخير يملك سرّ المصلحة بعد تركه الدراسة وملازمة جدّه في مطعمه. أهم الشخصيات في البلاد كانت تقصد مطعم «السوسي» مثل الراحلين رشيد الصلح ورشيد كرامي كذلك رؤساء ونواب كفؤاد السنيورة وفريد مكاري والراحل معروف سعد الذي كان يتأبّط رغيف الخبز أثناء تناوله الطعام وقوفا في محلات «السوسي» القديمة في أسواق بيروت، والتي كانت بالكاد تتسّع لثلاثة أشخاص جلوسا ولنحو العشرة وقوفا.
لا شيء يمتّ إلى الفخامة أو الرفاهية يطال مطعم «السوسي»، فكراسيه وطاولاته البلاستيكية البيضاء المصطفّة إلى جانب بعضها، والتي تتسع لنحو الثلاثين شخصا، إضافة إلى بعض التابلوهات التي تحمل صورا عن بيروت القديمة ولمؤسس المطعم تؤلّف العناصر الأساسية لديكوراته.
«لا تهمّنا الديكورات بقدر ما يهمّنا إرضاء الزبون، فنحن نندرج في فئة المطاعم الشعبية ومن يقصدنا يكون هدفه الأول والأخير هو تناول صحن فول مدمّس شهي ليس أكثر». يوضح لنا محمود السوسي الذي يعلّق أيضا على أحد جدران المطعم شهادة التميّز التي نالها من قبل محطة «سي إن إن» الأميركية التي صنّفت طبق الفطور لديه بالأفضل من بين 100 وجبة فطور في العالم في عام 2013.
أما نوعية الزبائن التي تقصده منذ لحظة يفتح أبوابه في السابعة صباحا ولغاية موعد إقفالها في الثانية بعد الظهر، فتتنوّع ما بين المواطن العادي والفنان النجم والسياسي والوزير أو النائب.
وحسب ما ذكر لنا صاحب المحّل فإن الرئيس الراحل رفيق الحريري كان من الزبائن المداومين، خصوصا أن أصل آل السوسي يعود إلى مدينة صيدا أي مسقط رأس رئيس الوزراء الراحل.
«الناس من كل الشرائح الاجتماعية تقصدنا، كالفنانين جورج وسوف وراغب علامة ومروان الشامي، وكذلك بعض رجال السياسة والإعلام كالرئيس نجيب ميقاتي وزافين قيوميجيان». يتابع أحمد السوسي.
ولكن ما هو سرّ صحن الفول في مطعم السوسي؟ «كل ما في الأمر هو أننا حافظنا على عناصر الجودة خلال إعدادنا للطبق، فنحن نشتري نوعا أول من الفول المستورد من إنجلترا، فيما حبوب الحمص فهي مكسيكية المنشأ من صنف رقم 12. أي أن حجمها الكبير شبيه بحبّة البندق، أما إعداده فيتم في أوعية كبيرة من النحاس. فحلّة الزلعة (وعاء مصنوع من النحاس ذو عنق ضيّق) التي كان جدّي يستعملها في الماضي اندثرت ولم تعد موجودة».
ويضيف أحمد السوسي المتحمّس لإخبارنا عن شهرة مطعمه: «إننا نعدّه بنفس الطريقة التي كان يتبعها جدّي، فهناك فنّ في طريقة صنعه، تبدأ من مرحلة الغليان حتى مرحلة تقديمه على المائدة. فبعض ربّات المنازل تسلق الفول بواسطة طنجرة الضغط وهذا خطأ، فالأصول تقضي بتركه يغلي على نار خفيفة حتى يصبح متماسكا وطريّا في نفس الوقت». ورغم أن مكونات أطباق الفول المدمس والبليلة والفتّة والمسبحة المؤلفة من الحمّص، تتطلّب حسب أسلوب المطعم تتبيلها بالثوم وعصير ليمون الحامض والبوصفير، ومن ثم غمرها بزيت الزيتون الطازج، فإن سرّ نكهة أطباقه تكمن بعنصر أساسي ومهم ألا وهو شغف العمل. «صحيح أننا نضع المكونات اللازمة لكل طبق نقدّمه وبالجودة المطلوبة، إلا أن ذلك لا يكفي لإضفاء النكهة المميزة على الطبق دون أن نزوّده برشّة حبّ من القلب». ولكن كيف يترجم هذا الحبّ للزبون؟ وهل يشعر به؟ «طبعا هو يشعر بذلك من خلال كرمنا في كميّات الطعام في الطبق واستقبالنا البشوس له، إضافة إلى عناصر أخرى نتمسّك بها منذ تأسيس المطعم حتى اليوم، كالنظافة والجودة العالية للبضاعة التي نستعملها». ويتابع أحمد السوسي: «لقد حفظنا كل ذلك عن جدّي تماما كما نحفظ جدول الضرب في المدرسة، فلا مجال لارتكاب الخطأ في حساباته وإلا نحصد نتيجة سلبية».
ومن الأطباق اللبنانية الشعبية التي يقدّمها مطعم «السوسي»، حمّص بالقاورما (لحم غنم مجفف) وفتّة الحمص باللبن والصنوبر، والسودا وبيض الغنم والكفتة النيئة وغيرها من الأطباق التي تندرج في لائحة المطبخ اللبناني العريق.
أما أسعار الأطباق فتتراوح ما بين 3 و10 دولارات، وذلك حسب المكوّنات التي يتألّف منها كلّ طبق.
السيّاح كما أبناء البلد يغادرون المطعم على أمل العودة إليه قريبا: «جميعهم يودعوننا وهم مبتسمون بعد أن يتذوّقوا أطباقنا، ونحن نحاول قدر الإمكان أن نولّد أجواء مريحة في المطعم بفضل بشاشتنا واللطف المطلوب مع الزبون. فالضيف يجب أن نعززّه ونكرّمه كي لا يشعر بالغربة». يقول أحمد السوسي معلّقا.
وعن أهمية طبق الفول المدمّس يقول: «لطالما سمعنا أهالينا يرددون على مسامعنا بأن الفول هو بمثابة (مسامير الركب) فهو يتضمن فوائد جمّة. وهناك قول مأثور في منطقتنا يقول (خلص الفول أنا مش مسؤول أما الفلافل فباقي على طول)، للإشارة على أن طبق الفول يجب أن يتمّ تناوله طازجا وهو يزاحم طبق الفلافل بشهرته».
اسم المطعم وعنوانه مندرجان في لائحة أهم فنادق بيروت ومطاعمها وكذلك على اللائحة السياحية في مطار بيروت الدولي، فهو عنصر أساسي من عناصر الخدمة السياحية في لبنان خصوصا أن شهرته طالت مختلف بقاع العالم.



حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)
صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)
TT

حلويات خطيرة لا يطلبها طهاة المعجنات أبداً في المطاعم

صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)
صندوق من الكعك والكعك المحلى من إنتاج شركة «غريغز سويت تريتس» في نيوكاسل أبون تاين - بريطانيا (رويترز)

في بعض المطاعم والمقاهي، توجد بعض الخيارات الاحتياطية التي تجعل طهاة المعجنات حذرين من إنفاق أموالهم عليها؛ لأنها علي الأرجح خيار مخيب للآمال. على سبيل المثال، قالت أميليا جايست، طاهية المعجنات في The Lodge at Flathead Lake، وهي مزرعة شاملة في مونتانا الأميركية: «إذا كان المطعم جزءاً من سلسلة، فسأقرر أن معظم الحلويات يتم صنعها في مطبخ تجاري خارج الموقع»، وفقاً لما ذكرته لصحيفة «هاف بوست» الأميركية.

يرجع هذا إلى أن هذه المطاعم المملوكة للشركات تحتاج إلى تقديم خدمات ترضي الجماهير؛ وهو ما يؤدي عادة إلى اختيار آمن وتقليدي للغاية، وفقاً لريكي سوسيدو، رئيس الطهاة التنفيذي للحلويات في مطعم Pata Negra Mezcaleria في أتلانتا.

وقال سوسيدو: «عندما يكون الأمر عبارة عن كعكة براوني على طبق، وشريحة من الكعكة، وكريمة بروليه، وربما بعض الكريمة المخفوقة»، فهذه هي إشارة لتخطي الطبق.

وإذا رأيت كعكة معروضة مع خطوط قطع واضحة وموحدة تماماً، فمن المرجح أن تكون من مخبز جملة متخصص ولم تُعدّ بشكل طازج.

مع ذلك، قالت كلوديا مارتينيز، رئيسة الطهاة للحلويات في مطعم Miller Union الحائز نجمة ميشلان في أتلانتا: «إذا كان مطعماً صغيراً في منتصف الطريق، فقد تعلمت أنه عادةً لا يتم تصنيعه داخلياً؛ لأن معظم المطاعم لا تستطيع تحمل تكلفة وجود طاهي حلويات على قائمة الرواتب».

واتفق طهاة المعجنات على أن هناك علامات تحذيرية عن النظر في قائمة الحلوى، ولماذا يتخطون بعض الأصناف.

كعكة الجبن

بالنسبة لمارتينيز، فإن كعكة الجبن الكلاسيكية هي واحدة من أكبر المؤشرات على أنها قد تكون في سوق شعبية أو مطعم يجذب السياح.

من جانبه، جوس كاسترو، طاهي المعجنات، قال: «أتذكر أنني ذهبت إلى مطعم مشهور بكعكات الجبن واشتريت كعكة كاملة وقيل لي أن أنتظر ساعتين على الأقل حتى تذوب؛ لأنها تصل إليهم مجمدة»؛ وهو ما يؤكد بلا شك أنها لم تُصنع طازجة في المنزل بواسطة طاهي معجنات.

قد تقدم المطاعم التي يعمل بها طهاة معجنات تفسيرات راقية للطبق المفضل التقليدي من قبل قاعدة عريضة من الجمهور، واعترف جايست: «إذا تم صنع كعكة الجبن في المنزل أو بواسطة مخبز محلي، فمن الصعب عليّ أن أقول لا!» لكن هذا لا يزال اختياراً غير آمن.

وقال سوسيدو: «خلال تجربتين مختلفتين، أعطوني كعكة جبن فاسدة، وربما نسوا السكر في إحداهما!». ومنذ ذلك الحين، أصبح لا يثق في كعكات الجبن.

كريمة بروليه

قالت دانييلا ليا رادا، رئيسة الطهاة في مطاعم هيلتون اتلانتا: «كريمة بروليه هي الحلوى التي لا أطلبها أبداً». وتضيف: «تستخدم معظم المطاعم قاعدة مسحوقة لصنعها، كما تستخدم الفانيليا المقلدة لتقليل التكلفة وإخفاء زيف قاعدة المسحوق. وعادة ما تكون مطبوخة أكثر من اللازم وحبيبية، ولا يتم حرقها بشكل صحيح أبداً ويتم تزيينها بنسبة 99 في المائة بالفراولة، وهو أمر قديم الطراز للغاية».

كعكات براونيز

قالت جايست: «البراونيز من الحلويات التي أعطيها صفراً؛ لأنها في الغالب مصنوعة تجارياً»، وأشارت إلى أنه من السهل وغير المكلف شراء مزيج كعكات براونيز لخبزها في المنزل للحصول على نتائج أفضل. تقترح إضافة رقائق شوكولاته إضافية أو طبقة من زبدة الفول السوداني لجعلها أكثر روعة.

مولتن كيك

تأخذ ليا رادا الشوكولاته على محمل الجد؛ ولهذا السبب، لن تطلب كعكة الحمم البركانية المذابة (المولتن كيك) أبداً. قالت: «عادةً ما تكون مصنوعة من الشوكولاته الرخيصة ذات النسبة العالية من السكر».

قالت كاريليس فاسكيز، رئيسة الطهاة في فندق فورث أتلانتا إنها «تميل إلى مذاق معززات النكهة الاصطناعية».

وقالت مارتينيز بشأن شكاوى الجودة: «البراونيز تُنتج دائماً بكميات كبيرة وتُباع بتكلفة عالية؛ مما يجعلها ذات قيمة رديئة».

الفطائر

لا يوجد شيء جميل مثل الفطائر الطازجة المخبوزة، لكن لسوء الحظ، لا يثق الكثير من طهاة المعجنات في تلك التي تظهر في قوائم الحلوى ويستشهدون بها باعتبارها الحلويات الأكثر شيوعاً التي تتم الاستعانة بمصنعات ومخابز جملة تجارية لإعدادها.

قالت جايست: «يتم الحصول على الفطائر دائماً بشكل تجاري؛ لأنها رائعة للمطاعم وفي متناول اليد نظراً لسهولة تخزينها والحفاظ عليها طازجة في الفريزر». بالإضافة إلى ذلك، «تشتريها المطاعم بتكلفة منخفضة وتفرض مبلغاً جنونياً لبيعها إلى الزبون»، كما قال كاسترو.

ويتجنب الطهاة في العادة فطيرة الليمون والكرز؛ لأن «تلك الفطائر عادة ما تعتمد على معزز النكهة بدلاً من الفاكهة الحقيقية».

وتصف الطاهية مارتينيز فطيرة الليمون بأنها «مخيبة للآمال، وتفتقر إلى الإبداع، وحلوة للغاية وعادة ما تكون مجمدة»، وقالت ليا رادا إنها تنفر من «القشرة الناعمة، وكريمة الليمون الحلوة للغاية». بالنسبة لجيست، «إنها ببساطة ليست شيئاً يجب اختياره إذا كنت ترغب في تناول منتجات طازجة من الصفر».

الحلويات المزينة بشكل سيئ

الجميع يحبون ملعقة كبيرة من الكريمة المخفوقة... أليس كذلك؟ على ما يبدو، هذا اختيار خاطئ، وفقاً لهيئة طهاة المعجنات الأميركية.

وكشفت مارتينيز: «كريمة مخفوقة على شكل نجمة مع زينة النعناع، ​​وفراولة مقطعة مثل الوردة، هذه علامات على أن الحلوى ربما تم توفيرها من قِبل مخبز تجاري».

تلك التفاصيل التي توضح أن الحلوى لم يحضّرها شخص لديه خبرة احترافية في مجال الحلويات.