واشنطن تستعرض قدراتها النووية.. رسالة إلى المنافسين الاستراتيجيين

واشنطن تستعرض قدراتها النووية.. رسالة إلى المنافسين الاستراتيجيين
TT

واشنطن تستعرض قدراتها النووية.. رسالة إلى المنافسين الاستراتيجيين

واشنطن تستعرض قدراتها النووية.. رسالة إلى المنافسين الاستراتيجيين

أجرى الجيش الأميركي الليلة الماضية، اختبارا لثاني صاروخ باليستي عابر للقارات في أسبوع لاستعراض قدرات أسلحته النووية في وقت يشهد تصاعد التوترات الاستراتيجية مع دول مثل روسيا وكوريا الشمالية.
وانطلق الصاروخ (ماينيوتمان 3)، من منصة إطلاق في قاعدة فاندنبرغ الجوية في كاليفورنيا، في ساعة متأخرة الليلة الماضية، واخترق السماء بسرعة وصلت إلى 24 ألف كيلومتر في الساعة، قبل أن يسقط بعد نصف الساعة في منطقة مستهدفة على بعد 6500 كيلومتر بالقرب من أرخبيل كواجالين في جزر مارشال بجنوب المحيط الهادي.
من جانبه، قال روبرت وورك نائب وزير الدفاع الأميركي إنّ الاختبارات التي أجرتها الولايات المتحدة والتي بلغ عددها 15 مرة على الأقل منذ يناير (كانون الثاني) 2011، تبعث برسالة إلى المنافسين الاستراتيجيين مثل روسيا والصين وكوريا الشمالية، مفادها أنّ الولايات المتحدة لديها ترسانة نووية فعالة. مضيفًا للصحافيين قبل الإطلاق: «هذا تحديدًا السبب الذي يدفعنا لذلك». وتابع: «نحن والروس والصينيون نجري بشكل دوري اختبارات لنثبت أن الصواريخ العاملة التي لدينا يعتد بها. وتلك إشارة مفادها.. أنّنا مستعدون لاستخدام الأسلحة النووية للدفاع عن بلادنا إذا لزم الأمر».
واكتسب إظهار فعالية القوة النووية أهمية إضافية في الآونة الأخيرة، نظرًا لأن الترسانة الأميركية تقترب من نهاية عمرها الافتراضي، ولأن سلسلة فضائح في القوة النووية قبل عامين أثارت أسئلة عن مدى استعدادها.
وأنفقت وزارة الدفاع ملايين الدولارات على تحسين أوضاع القوات المسؤولة عن تشغيل وصيانة الأنظمة النووية. كما تركز الإدارة على تحديث الأسلحة.
وتطالب ميزانية الدفاع النهائية التي طرحها الرئيس باراك أوباما هذا الشهر بزيادة قدرها 1.8 مليار دولار في الإنفاق على الأسلحة النووية لتطوير القاذفات النووية المتقادمة والصواريخ والغواصات وغيرها من الأنظمة.
وسيتيح المبلغ الذي طلبه الرئيس وهو 19 مليار دولار لوزارتي الدفاع والطاقة التحرك لإجراء إعادة هيكلة للبنية الأساسية الخاصة بالأسلحة الذرية يتوقع أن تتكلف 320 مليار دولار على مدى عشر سنوات وما يصل إلى تريليون دولار على مدى 30 عاما.
ومن المفارقات أن يزيد الإنفاق على التسلح النووي في عهد رئيس جعل من الحد من اعتماد الولايات المتحدة على الأسلحة الذرية، نقطة محورية في جدول أعماله خلال سنواته الأولى في المنصب.
ودعا أوباما إلى عالم خالٍ من الأسلحة النووية في كلمة ألقاها في براغ وتوصل بعد ذلك إلى معاهدة جديدة للأسلحة الاستراتيجية مع روسيا. ونال جائزة نوبل للسلام لأسباب منها موقفه فيما يتعلق بالحد من الأسلحة الذرية.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.