واصل رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري حراكه السياسي، أمس، وبزخم من مدينة طرابلس شمالي لبنان، التي تُعتبر معقلاً أساسيًا لتياره إلى جانب مدينة صيدا الواقعة جنوب البلاد. ويسعى رئيس الحكومة السابق لرص صفوف تياره واستنهاض قواعده الشعبية التي تأثرت كثيرًا بغيابه عن البلاد لأكثر من 5 سنوات، وذلك عشية استحقاق الانتخابات البلدية المرتقبة في شهر مايو (أيار) المقبل، التي ستكون مقياسًا أساسيًا لشعبية الأحزاب والتيارات السياسية بعدما تم تأجيل الانتخابات النيابية مرتين على التوالي منذ عام 2009.
ووعد الحريري أهل طرابلس والضنية والمنية والقلمون وكل الشمال، بأنه سيزورهم «منطقة منطقة». وقال: «قد أكون أطلت الغياب، ولكن كان لدي أسباب، أما الآن فسأبقى وسأجول بينكم، وسنستنهض البلد، ونقول للناس من نحن وإننا لم نتغير وإننا لن نتخلى عن دماء (شهدائنا) وسنكمل هذا الطريق».
وتردد أخيرًا أن شعبية الحريري تراجعت على حساب شخصيات أخرى داخل تيار المستقبل، وأنه عاد ليستقر في بيروت لشد عصب جماهيره. وأشار القيادي في تيار المستقبل مصطفى علوش إلى أن زيارة رئيس تيار المستقبل إلى طرابلس كانت «متوقعة ومفيدة»، لافتًا إلى أن ما يسعى إليه «استنهاض الحياة السياسية في البلد ككل وإعادة الأمل للناس بأن الأمور ليست متروكة لمنطق حزب الله التعطيلي». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «المجتمع الطرابلسي بأغلبيته الساحقة بموقع اليائس من إمكانية مواجهة مشروع ومنطق حزب الله بقدرات محلية، لذلك فإن حراك الرئيس الحريري يعطي هذا المجتمع واللبنانيين ككل جرعة جديدة من الصمود حتى تتغير الظروف الإقليمية بما يلغي مفاعيل منطق حزب الله».
ونظرا لتعثر الاستحقاق الرئاسي منذ مايو 2014 وعدم بروز أي معطيات جديدة توحي بإمكانية إحداث خرق يُذكر في جدار هذه الأزمة، تتجه الأنظار إلى استحقاق الانتخابات البلدية خصوصًا بعد اهتزاز التحالفات السياسية الداخلية وقيام ثنائيات جديدة، أبرزها الثنائي المسيحي «التيار الوطني الحر» - «حزب القوات»، مما قد يؤدي لنتائج غير مسبوقة على مستوى التمثيل البلدي والنيابي على حد سواء. وفيما تنشط في مدينة طرابلس الجهود للوصول إلى تفاهم بين قياداتها على المجلس البلدي الجديد، وبالتالي تفادي معركة قاسية في المدينة الخارجة حديثا من مسلسل أمني طويل استنزفها منذ عام 2008، لفت ما أعلنه علوش عن أن تيار المستقبل «يُجهّز نفسه لمعركة انتخابية داخل المدينة»، إلى أن «أي اتفاق جدي يوجب أن نكون مستعدين للمعركة».
وفي إطار الاستعدادات العملية للانتخابات البلدية، أصدر وزير الداخلية نهاد المشنوق أمس قرارين قضيا بإنشاء لجنة لإدارة الانتخابات البلدية والاختيارية في الوزارة، وغرفة عمليات مركزية خاصة، كما جرى تثبيت مواعيد إجراء الانتخابات في كل محافظة على أن تنطلق في 8 مايو.
وكان الحريري، وقبل توجهه إلى طرابلس، زار البطريرك الماروني بشارة الراعي، وبحث معه في الأزمة الرئاسية. وإذ أكد «استكمال المشوار» مع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، بإشارة إلى التزامه دعم ترشيحه لرئاسة الجمهورية، اعتبر أننا «قادرون على اجتراح الحل من لبنان، حتى لو كانت هناك ضغوط إقليمية». وقال: «إذا قال أحد ما إنه حريص على مصلحة المسيحيين فيجب عليه انتخاب رئيس للجمهورية، وفي الانتخابات ربح وخسارة، وليس هناك ما يسمى ربحًا دائمًا، والدليل على ذلك أنني نزلت في مرحلة من المراحل ورشحت نفسي لرئاسة مجلس الوزارة، ولكن الرئيس نجيب ميقاتي هو من ربح وأكملت الديمقراطية».
وعلى ما يبدو يدرس تيار «المردة»، وبجدية، إمكانية مشاركته في جلسة انتخاب الرئيس المرتقبة في الثاني من مارس (آذار)، وهو ما أشارت إليه مصادر في التيار لـ«الشرق الأوسط»، مما يعني قدرة الحريري على التأثير على مرشحه الرئاسي الذي قاطع طوال المرحلة الماضية جلسات انتخاب الرئيس تلبية لتوافق قوى 8 آذار، وعلى رأسها حزب الله و«تكتل التغيير والإصلاح» على عدم المشاركة بأي جلسة قبل إتمام اتفاق وطني مسبق على انتخاب رئيس التكتل النائب ميشال عون رئيسًا للبلاد.
من جهتها، قالت مصادر في تيار المستقبل لـ«الشرق الأوسط» إن فرنجية وعد الحريري بأن يدرس جديا المشاركة في جلسة 2 مارس، إلا أنها لم تعلق الكثير من الآمال حول إمكانية خروج هذه الجلسة بالنتيجة المرجوة حتى ولو تم تأمين النصاب القانوني، «نظرًا لصعوبة حصول فرنجية على الأصوات التي تؤمن انتقاله إلى القصر الجمهوري ما دام هناك من هو مصرّ على تعطيل الاستحقاق الرئاسي».
الحريري يستكمل حراكه من طرابلس لاستنهاض قواعده الشعبية وإعادة رص صفوف تياره
وزارة الداخلية اللبنانية تتخذ تدابير لإجراء الانتخابات البلدية في موعدها
الحريري يستكمل حراكه من طرابلس لاستنهاض قواعده الشعبية وإعادة رص صفوف تياره
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة