بريطانيا: معركة البقاء في أوروبا.. ومعادلة التنازلات السياسية

الوطنية في مقدمة مطالب المشككين

بريطانيا: معركة البقاء في أوروبا.. ومعادلة التنازلات السياسية
TT

بريطانيا: معركة البقاء في أوروبا.. ومعادلة التنازلات السياسية

بريطانيا: معركة البقاء في أوروبا.. ومعادلة التنازلات السياسية

بدأ رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أخيرًا سلسلة زيارات أوروبية قصيرة لإقناع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بطرح بلده للبقاء ضمن التكتل الموحّد بموجب اتفاق مبدئي يقدم تنازلات للندن، مقابل تنظيم كاميرون حملة «نعم لأوروبا» قبل موعد الاستفتاء الوطني المزمع عقده في بريطانيا خلال شهر يونيو (حزيران) المقبل. وبعد ظهر أمس بتوقيت لندن أعلن في العاصمة البلجيكية والأوروبية بروكسل عن تأجيل البت - على لسان مسؤول بالاتحاد البالغ عدد أعضائه 28 – بعدما واجه الحوار ما وصف بعقبات «خطيرة»، وبالتالي، طلب من الزعماء حجز الإقامة في الفنادق لليلة إضافية حتى اليوم السبت. وجاء على لسان المسؤول قوله «الوضع خطير. لقد ألغيت الجلسة التي كان من المقرر عقدها الساعة 15:00 بتوقيت غرينتش كما أرجئ اجتماع الزعماء حتى موعد العشاء على أقل تقدير وطلب منهم حجز الإقامة بالفنادق حتى غد (اليوم)». وتجدر الإشارة إلى أن مبدأ التسوية يعد أساس معاهدات الاتحاد الأوروبي، وسر استمراره منذ نشأته إلى اليوم، وإن كان هذا صعب المنال أحيانًا وبعيدًا عن الكمال في معظم الأحيان. ويقوم الاتحاد الأوروبي بدوله الأعضاء الـ28، على قوانين تسعى لإرضاء الأطراف جميعها إلى أقصى حد ممكن، دون الانتقاص من سيادة الدول أو خدمة مصالح بعضها دون أخرى. وتطبيق مبدأ التسوية هو ما يسعى إليه رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك من خلال رسم الخطوط العريضة لاتفاق يعالج أبرز شروط بقاء بريطانيا في الاتحاد، في القمّة التي كان من المتوقع أن تنتهي أمس.

تعدّ إعادة التفاوض على عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي قضية محورية في سياسة رئيس الوزراء البريطاني المحافظ ديفيد كاميرون، الذي جعل منها بطاقة انتخابية في وجه الجماعات اليمينية المطالبة بالانسحاب من الاتحاد. وهو يسعى إلى استعمالها لهدفين أساسيين: الأول، كسب ثقة المشككين والمنتقدين لسياسته الخارجية، والثاني، تخفيف الانقسامات داخل حزب المحافظين الحاكم بزعامته. وتمثّل المسودة الأولية التي أعلن عنها توسك – وهو بولندي – أفضل اتفاق قد تتوصّل إليه بريطانيا في الوقت الحالي، إن حشدت تأييد الأعضاء الـ27. وتشمل مطالب بريطانيا الأربعة: التنافسية، والسيادة، والرعاية الاجتماعية، والحكامة الاقتصادية.

* التنافسية
يطالب كاميرون بتمديد السوق الموحّدة وتعزيز التنافسية في الاتحاد الأوروبي، وذلك من خلال تسهيل حركة رؤوس الأموال من جهة، وتخفيف القوانين الأوروبية المنظمة للشركات الصغيرة والمتوسطة. ويبدو هذا المطلب سهل المنال، إذ أنّ المفوضية الأوروبية كانت تمارس ضغوطًا في هذا الاتجاه.

* السيادة الوطنية
اشترط كاميرون إعفاء بريطانيا من المبادئ التأسيسية لاتحاد أكثر ترابطًا، إلى جانب تعزيز الرقابة الوطنية وحق النقض في البرلمانات الوطنية. ويطرح هذا المطلب جدلاً أكبر من قضية التنافسية، إذ أن بعض الدول الأعضاء ترى فيها تمييزًا لبريطانيا دون غيرها، وتجاوزًا لمبدأ الاتحاد. ولقد قدّم توسك بهذا الصدد تنازلين بارزين في نص الاتفاق الأولي: الأول، من خلال إعطاء ضمانات لبريطانيا بأن عبارة «اتحاد أكثر ترابطًا» لا تشكّل أساسا لتوسيع صلاحيات الاتحاد الأوروبي، كما لا تخوّل لمحكمة العدل الأوروبية التدخل في القرارات الوطنية. إلى ذلك، اقترح توسك إضفاء تغيير طفيف على معاهدة الاتحاد الأوروبي تضمن إعفاء بريطانيا من أي قرار بإنشاء «اتحاد أكثر ترابطًا»، بشرط أن يجري التعديل بالتزامن مع تعديل المعاهدة المقبل، ما يجعل القضية رمزية إلى حدّ كبير.
أما التنازل الثاني، فيتمثّل فيما سماه توسك «نظام البطاقة الحمراء» الذي يتيح للبرلمانات الأوروبية منع القوانين الأوروبية الجديدة، شريطة أن يكون التصويت بغالبية مؤهلة من 55 في المائة خلال فترة 12 أسبوعًا. بيد أن هذا النظام يعطي سلطة كبيرة للبرلمانات الوطنية للدول الأعضاء، لكن الحصول على غالبية 55 في المائة يجعله صعب التطبيق في الواقع.

* الحكامة الاقتصادية
مخاوف بريطانيا من الناحية الاقتصادية تتعلق بشكل أساسي بتداعيات سوق أوروبية أكثر ترابطًا على قوة واستقلالية سوق مال لندن، ومكانتها كمركز مالي دولي. ومع أنه لا وجود لتوجه نحو سوق أوروبية أكثر ترابطًا في الوقت الراهن، فإن الاتفاق الأولي للمجلس الأوروبي يرفض التمييز بين الدول الأعضاء على أساس العملة، ويحمي لندن من أي التزامات مالية لدعم اليورو. كذلك فإنه يتيح للدول الأعضاء التي لا تعتمد العملة الموحّدة إعلان معارضتها لمقترحات منطقة اليورو (التي قد تضر بمصالحها الاقتصادية) من دون أن تعطيها حق النقض «الفيتو».
- الرعاية الاجتماعية
المطلب الأخير والأكثر تعقيدًا وإثارة للجدل يتعلق بـ«حرمان» الوافدين الأوروبيين إلى بريطانيا من استحقاقات الرعاية الاجتماعية بشكل خاص، وبحرية تنقّل مواطني الاتحاد الأوروبي بشكل عام. ويقدّم الجانبان طرحهما في هذه القضية من منطلق الإنصاف والعدالة. كاميرون ومؤيدوه يرون أنه ليس من العدالة في شيء أن ينتفع مواطنو الاتحاد الأوروبي من الرعاية الاجتماعية ومساعدات السكن في بريطانيا قبل المساهمة في التنمية الاقتصادية، في حين يرى أعضاء الاتحاد أنه لا يحق للندن التمييز بين مواطنيهم العاملين بها على أساس الجنسية.
ويرى توماس رين، الزميل في معهد «تشاتام هاوس» (المعهد الملكي للشؤون الاستراتيجية)، أن «القضية الرئيسية تتعلق برغبة بريطانيا في الحد من الهجرة، أكثر منها استحقاقات الرعاية الاجتماعية، إذ أن كاميرون يهدف من خلال تغيير نظام الرعاية الاجتماعية للأوروبيين إلى التحكم في نسب الهجرة».
وبالفعل، يوفر نص الاتفاق الأولي تنازلات في هذا الاتجاه كذلك. إذ يقترح نظامًا يمكّن بريطانيا من توفير استحقاقات الرعاية الاجتماعية للأوروبيين، ولكن فقط بعد مرور 4 سنوات من العمل بها، لا بمجرّد دخول حدودها، في حال شهدت معدلات هجرة هائلة على امتداد فترة زمنية طويلة.

* انقسامات حزب المحافظين
في الواقع، يواجه كاميرون تمردًا داخل حزب المحافظين الذي يتزعمه لتشجيعه المشرّعين على تجاهل آراء الحزب بشأن استفتاء مزمع على عضوية الاتحاد الأوروبي. وكان رئيس الوزراء المحافظ قد أعلن صراحة أنه سيساند فكرة البقاء داخل الاتحاد الأوروبي إذا ما وافق أعضاء آخرون في الاتحاد الأوروبي على مسودة اتفاق - التي سبق شرحنا أهم بنودها أعلاه – بشأن علاقة بريطانيا المستقبلية بالاتحاد. إلا أن كثيرين من أعضاء حزبه المنقسم بدرجة كبيرة بشأن أوروبا لا يعتزمون اتخاذ الموقف نفسه.
وأبلغ كاميرون البرلمان أن على المشرّعين – أي النواب – إلا يختاروا الجانب الذي سيقفون في صفه على أساس ما قد تمليه عليهم لجان حزبهم المحلية، بل اتخاذ قرارهم بأنفسهم بشأن «ما الذي يرونه أفضل لمستقبل بريطانيا». وأثارت هذه التصريحات ردًا غاضبًا من أعضاء الحزب الذين اعتبروا أنها قوضت النيات الطيبة التي كسبها كاميرون بوعده بإجراء الاستفتاء في بادئ الأمر. وقال إد كوستيلو، أحد حركيي حزب المحافظين لـ«الشرق الأوسط» في حوار معه «إن رئيس الوزراء تجاهل آراء أعضاء حزبه منذ انتخابه... وتعاطيه مع قضية الاستفتاء خاطئة.. إذ لا أحد يتمتع بالسلطة المطلقة». دعا كوستيلو إلى «نقل النقاش إلى بريطانيا، قبل أوروبا»، مقترحا تنظيم مناظرات تلفزيونية تناقش فيها وجهتي النظر المؤيدة لمغادرة الاتحاد الأوروبي والرافضة لها. ولفت إلى أن القيادة لم تتح فرصة بعد للطرفين لتبادل الآراء: «فكل ما نشهده اليوم هو تعبير عن آراء ثابتة في مقالات الرأي، بدل نقاشات بناءة تساعد المواطنين على تحديد مواقفهم».
من جهة ثانية، كتب ممثلون عن نحو 40 من لجان حزب المحافظين المحلية في خطاب لصحيفة «صنداي تلغراف» المحافظة الأسبوعية يقولون «نحن نحث رئيس الوزراء على الامتناع عن تقليل الاحترام للعاملين الأوفياء الذين ساعدوه على الفوز بحكومة أغلبية»، مضيفين أنه «من المؤسف للغاية أن يتجاهل رئيس الوزراء أولئك الذين ساعدوه على تحقيق نجاحه، ويتوجب عليه أن يتذكر أنه لا يوجد رئيس وزراء يتمتع بحق مقدّس في الحكم». وأظهر استطلاع رأي أجرته صحيفة «صنداي تايمز» المؤيدة للمحافظين أيضًا، شمل 144 من النواب المحافظين في البرلمان، وعددهم 330 نائبا، أن 57 في المائة من الذين اتخذوا قرارهم بالفعل يعتزمون تأييد الانفصال عن الاتحاد الأوروبي.
ويأمل كاميرون الذي وعد بالتصويت لصالح البقاء داخل الاتحاد تحت ضغوط من المتشككين من أعضاء حزبه أن يساعد ذلك على تسوية الخلافات المستمرة منذ فترة طويلة بين المحافظين بشأن أوروبا، أمام خلفية تحدي «حزب استقلال المملكة المتحدة» (يوكيب) اليميني المناوئ للبقاء ضمن الاتحاد.

* حملة الإقناع بالبقاء
كاميرون في خطاب في مجلس العموم الأسبوع الماضي كان قد حاول إقناع النواب بـ«خوض المعركة معا» للحصول على الإصلاحات التي تسمح للمملكة المتحدة بالبقاء في الاتحاد الأوروبي، بينما ينتقدها المشككون في جدوى الوحدة الأوروبية والصحف بشدة. وتعليقا على الإصلاحات التي اقترحها المجلس الأوروبي - والمفصلة آنفًا - قال كاميرون «إذا كنتم تريدون إنهاء العطاء بلا مقابل... وإذا كنتم تريدون تحقيق المساواة بين الدول الأعضاء وغير الأعضاء في منطقة اليورو، وإذا كنتم تريدون أوروبا أكثر قدرة على المنافسة، فلنخض هذه المعركة معًا». وأضاف الزعيم البريطاني الذي دافع عن مسودة الاتفاق الذي كشفه الاتحاد الأوروبي أن «ساعة القرار تقترب».
وأشاد كاميرون ومؤيدوه بإصلاحين على وجه الخصوص، هما الإجراء الطارئ الذي يسمح للمملكة المتحدة بوقف الإعانات الاجتماعية للمهاجرين، وضمانات بألا تتأثر أوساط المال البريطانية في حال تحسن اليورو. ومن ثم، كرّر ترحيبه «بالتقدم الكبير الذي تحقق في طلباتنا الأربعة للإصلاح»، مؤكدا في الوقت نفسه أنه «ما زال هناك عمل طويل ويجب أن نبرهن على تصميم وصبر» لإنجازه.
من جهته، كان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند قد حذر أخيرًا من أنه يرفض أي «تفاوض جديد» خلال القمة. وتابع أن «التسوية التي تم التوصل إليها تتيح إيجاد حلول لمشاكل بدت حتى الآن صعبة الحل. ولكن لا يمكن أن يشهد المجلس الأوروبي تعديلات جديدة... ولا ينبغي إعطاء البريطانيين الضمانات الضرورية إلا ضمن إطار احترام المبادئ الأوروبية».
بدورها، رأت الحكومة الألمانية أن اقتراحات المجلس الأوروبي «طموحة»، رافضة التعليق على نقاط خلافية محتملة ومكتفية بالإعلان أن برلين تدرس هذه الخطة «بشكل مكثف». ومن جهته، صرح رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، في البرلمان الأوروبي، أن مشروع الاتفاق «عادل لبريطانيا، وعادل للدول الـ27 الأعضاء» في الاتحاد.

* مجازفة الاستفتاء
جدير بالذكر، أنه تحت ضغط المشككين في ماهية «أوروبا» من «يوكيب» والأجنحة المشككة في جدوى الانتماء للاتحاد الأوروبي داخل الأحزاب الأخرى، تعهد رئيس الوزراء المحافظ، الذي أعيد انتخابه في مايو (أيار) 2015. بتنظيم استفتاء على الرغم من المجازفة بالتسبب بأزمة كبرى في اتحاد تهزّه أصلا أزمة المهاجرين.. وأخيرًا اللاجئين.
وبوعد كاميرون إجراء هذا الاستفتاء، الذي ينطوي على مجازفة كبيرة ويمكن أن يسبب زلزالاً في الاتحاد، يأمل رئيس الحكومة البريطانية الذي أعيد انتخابه بأغلبية مريحة في الحد من اندفاع «يوكيب» الذي يقوده نايجل فاراج. غير أن المشككين في جدوى الاتحاد انتقدوا، كما كان متوقعا، المقترحات الأوروبية، وكان ضمنهم عمدة لندن المحافظ بوريس جونسون الذي دعا إلى بذل «مزيد» من الجهود. ومن جهته، وصف فاراج الاتفاق المطروح بأنه «سيئ».
وفي المقابل، يبدو أن كاميرون تمكن من إقناع وزيرة الداخلية تيريزا ماي بمشروع الاتفاق، بينما يتوقع أن يقود أربعة وزراء آخرون في حكومته حملات من أجل خروج بريطانيا من الاتحاد.
وتشير لهجة الاستياء التي تبنّتها الصحف البريطانية إلى أن كاميرون سيخوض معركة صعبة. إذ كتبت صحيفة «ديلي ميل» اليمينية في عنوان صفحتها الأولى أنها «معجبة بكاميرون (...) لكن بشأن أوروبا، علينا أن نقول بصراحة بأن عماه يقطع الأنفاس إزاء الوهم الكبير». أما صحيفة «التايمز» فكتبت أنه «يجب أن يكون الأمر إصلاحًا جذريًا للعلاقات مع اتحاد أوروبي أكثر عقلانية وأكثر مسؤولية»، مشيرة إلى أن «كاميرون اكتفى على ما يبدو بما يريد، (وهو) اتحاد من دون إصلاح يذكر». ووحدها صحيفة «الفايننشيال تايمز» الجادة دافعت عن رئيس الوزراء البريطاني، وكتبت أن «أداءه كان أفضل مما كان متوقعًا في عملية إعادة التفاوض» بشأن عضوية بريطانيا في الاتحاد.
أزمة الهجرة.. ورقة ضغط بوجهين وحول موضوع المهاجرين، حذّر متحدث باسم كاميرون الأسبوع الماضي من أن آلاف المهاجرين قد يتدفقون على بريطانيا من فرنسا، إذا صوّت الناخبون لصالح الانفصال عن الاتحاد الأوروبي في تأكيد على موقف كاميرون المعلن بأن الانفصال سيضرّ بالأمن.
وبينما رأى منتقدون أنها بداية «حملة تخويف» لمحاولة دفع الناخبين للتصويت لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي، شدد المتحدث أن الانفصال عن الاتحاد قد يضرّ باتفاق مع فرنسا يسمح لحرس الحدود البريطاني بإجراء فحوص للمهاجرين هناك. وفي مؤتمر صحافي، دعم كاميرون الرسالة بالقول: «إن الاتفاق الذي يجعل الحدود البريطانية داخل فرنسا، كما هو الحال في ميناء كاليه، هو اتفاق جيد لبريطانيا» وأنه سيكافح للإبقاء عليه. وأضاف: «إذا أمكننا البقاء في الاتحاد بعد إدخال إصلاحات عليه.. تعرفون ما الذي ستحصلون عليه.. تعرفون أن الحدود ستبقى في كاليه.. وتعرفون أن لدينا صوتًا يفصل في القواعد حين يتعلق الأمر بمستقبل أوروبا.. كما تعرفون أننا سنحصل على معلومات حيوية تتعلق بالإرهابيين أو المجرمين الذين يسافرون في أوروبا، لأننا جزء من هذه المنظمات». وفي وقت سابق، كان المتحدث باسم كاميرون قد قال: إن آلاف اللاجئين قد يعبرون بحر المانش إلى داخل بريطانيا «خلال الليل»، إذا ما صوّتت بريطانيا لصالح الانفصال عن الاتحاد خلال استفتاء يونيو المقبل.
في المقابل، يرى مؤيدو حملة الخروج من الاتحاد أن الانفصال عن أوروبا سيمكن بريطانيا من تعزيز المراقبة على الحدود، وإقرار قوانين تتيح كبح الهجرة الأوروبية وغير الأوروبية التي تشمل آلاف اللاجئين وغير الشرعيين الذين يحاولون الوصول إلى بريطانيا من دول الاتحاد الأوروبي.
وحول فرص بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، يرى البروفسور إيان بيغ، الأستاذ الجامعي في مدرسة لندن الاقتصادية والعلوم السياسية، أنه «يصعب الحسم في الموضوع في الوقت الحالي»، مستبعدًا في الوقت ذاته أن يغيّر معارضو كاميرون في حزب المحافظين و«يوكيب» مواقفهم الرافضة لـ«أوروبا» حتى في حال وافقت الدول الأعضاء على اتفاق المجلس الأوروبي الأولي، الذي يقدم تنازلات كبيرة لصالح بريطانيا. وفي المقابل، يدعم جزء كبير من حزب العمال بقاء بريطانيا في الاتحاد بعد الإصلاحات.
هذا، وأظهر استطلاع أجري بعدما طرح كاميرون مقترحات لإبقاء بلاده داخل الاتحاد الأوروبي أن مؤيدي خروج بريطانيا من الاتحاد يزيدون بتسع نقاط مئوية عن عدد مؤيدي البقاء فيه. وأجرت مؤسسة «يوغوف» الاستطلاع الذي نشرت حصيلته في صحيفة «التايمز» خلال اليومين اللذين أعقبا طرح رئيس الحكومة للتغييرات المقترحة بشأن علاقة بريطانيا بالاتحاد.
ويمثل الاستطلاع أكبر تقدّم لحملة الخروج من الاتحاد منذ الاتفاق على صياغة الاستفتاء في سبتمبر (أيلول) الماضي. فلقد بيّن الاستطلاع أن 45 في المائة من البريطانيين سيؤيدون الخروج من الاتحاد الأوروبي، مقارنة مع 36 في المائة يريدون البقاء. وكانت حملة الخروج متقدمة بفارق أربع نقاط مئوية فقط في استطلاع أجري الشهر الماضي. وقال 19 في المائة بأنهم لم يحسموا أمرهم، أو أنهم لن يصوتوا. ويبقى القول: إنه من شأن خروج بريطانيا يفقد الاتحاد ثاني أكبر اقتصاد فيه - بعد ألمانيا – وأحد أكبر قوتين عسكريتين فيه. ويحذّر المؤيدون للبقاء في الاتحاد من أن الخروج قد يضر باقتصاد بريطانيا ويؤدي لانقسامها من خلال دفع اسكوتلندا لإجراء استفتاء آخر على الاستقلال، بينما يقول معارضو الاتحاد الأوروبي بأن بريطانيا ستزدهر خارجه.

* مزايا البقاء ضمن الاتحاد مقابل مغادرته من وجهة نظر بريطانية
- الحفاظ على الاستقرار السياسي وتجنب استفتاء لاستقلال اسكوتلندا جديد
- الاستفادة من السوق الموحدة ومن انفتاح أسواق الاتحاد الأوروبي
- تجنب تعطيل النمو الاقتصادي خلال الفترة الانتقالية والتأثير سلبا على قدرة بريطانيا على اجتذاب الاستثمارات الخارجية
- البقاء جزءا مهما من كتلة سياسية موحدة والحفاظ على موقف تفاوضي ودبلوماسي قوي في المنابر الدولية

* مزايا المغادرة:
- توفير المساهمات في ميزانية الاتحاد
- تصويب الاهتمام بعيدًا عن «الركود الأوروبي» ونحو الاقتصادات الناشئة
- حرية التحكم في قوانين الهجرة



الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».