صراع تصريحات بين واشنطن وموسكو وتشكيك في النيات لحل الأزمة السورية

كيري: روسيا تقف أمام إرادة المجتمع الدولي لحل الأزمة

وزير الخارجية الأميركي جون كيري يلقي كلمته في مؤتمر الأمن الدولي في ميونيخ أمس (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الأميركي جون كيري يلقي كلمته في مؤتمر الأمن الدولي في ميونيخ أمس (إ.ب.أ)
TT

صراع تصريحات بين واشنطن وموسكو وتشكيك في النيات لحل الأزمة السورية

وزير الخارجية الأميركي جون كيري يلقي كلمته في مؤتمر الأمن الدولي في ميونيخ أمس (إ.ب.أ)
وزير الخارجية الأميركي جون كيري يلقي كلمته في مؤتمر الأمن الدولي في ميونيخ أمس (إ.ب.أ)

احتدم أمس الصراع في ميونيخ بين أكبر قوتين في العالمين وتحديدا بين واشنطن وموسكو ليطلقا تصريحات نارية وتشكيكا في النيات حول حل الأزمة السورية، ليطالب وزير الخارجية الأميركي جون كيري، في مؤتمر الأمن الدولي، روسيا بتغيير استراتيجيتها تجاه القضية السورية، والقضايا الدولية الأخرى.
وقال كيري إن الجزء الأكبر من القصف الروسي يركز حتى الآن على المعارضة الشرعية لنظام الأسد. وطالب حكومة الكرملين بالتركيز على «أهداف أخرى» كي تتيح للمجموعة الدولية الداعمة لسوريا فرصة تطبيق الهدنة فعلاً.
وصف كيري عواقب الحرب الأهلية في سوريا بأنها أسوأ كارثة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية، وأضاف أن تداعياتها، وخصوصًا موجات اللاجئين السوريين، ستمتد إلى ما وراء منطقة الشرق الأوسط. ولا يمكن تطبيق الاتفاق، حول وقف «الأعمال العدائية» في سوريا، بحسب رأيه، إلا إذ غيرت روسيا استراتيجيتها.
وذكر كيري أن التوصل إلى حل سياسي في أسرع وقت سيكون مفتاح التوصل إلى حل سلمي، وأن ذلك سيكون «نقطة تحول» في القضية. وستحدد القرارات التي تتخذ في الأسابيع المقبلة ما إذا كانت الحرب في سوريا ستنتهي أو أن النزاع سيتعمق أكثر.
ووجه كيري نقدًا شديدًا للسياسة الخارجية الروسية متهما موسكو بالوقوف بالضد من إرادة المجتمع الدولي من خلال دعمها للمتمردين في أوكرانيا ودعمها لحكومة بشار الأسد. ورد على ادعاءات ميدفيديف عدم قصف المدنيين، متهمًا روسيا بممارسة سياسة عدوانية.
وحذر رئيس الدبلوماسية الأميركية أوروبا من الانقسام بسبب أزمة اللاجئين، وأشار إلى أن أوروبا موحدة قادرة فعلاً على الخروج من الأزمة، وسبق لأوروبا أن تجاوزت أزمات أكبر وهي موحدة. امتدح أيضا سياسة المستشارة أنجيلا ميركل تجاه اللاجئين ووصفها «بالشجاعة».
ويأتي وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ضمن ركب «المتشائمين» من اتفاق «وقف الأعمال العدوانية» في سوريا والتوصل إلى هدنة تمهد لسلام دائم فيها.
وقال لافروف على هامش المؤتمر إنه لم يعد واثقًا تمامًا من أن هذا اللقاء سيكون ناجحًا، وخصوصًا في ما يتعلق بالهدنة. وجاء هذا التصريح بعد أن قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري إنه لا يجد مبررًا لكثير من التفاؤل.
وكان رئيس المؤتمر فولفغانغ إيشنغر قد سأل وزراء خارجية ألمانيا وروسيا عن مدى تفاؤلهم في نجاح خطة الهدنة في سوريا، فقال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير إنه يمنح الهدنة فرصة 51 في المائة، معبرًا عن تفاؤله باتخاذ خطوة مهمة على طريق وقف القتال. ورد لافروف، بحسب تقرير لصحيفة «زود دويتشه تزايتونغ»، بأن طرح مزيد من الشروط التي يعتقدها لازمة لنجاح خطة الهدنة.
وعبر الوزير الروسي عن قناعته بأن الجانب الأميركي يعلق نجاح الهدنة فقط على وقف القصف الروسي لمواقع «داعش» و«جبهة النصرة». وطالب لافروف الولايات المتحدة بالتعاون مع روسيا في قضية «تعريف المنظمات الإرهابية» قائلاً إن الولايات المتحدة ترفض التعاون في هذا المجال. وأضاف أنه من دون هذا التعاون، وبالاستعانة بالجيش السوري، لن تتمكن القوات المسلحة لروسيا والولايات المتحدة من إنهاء الحرب في سوريا.
إلى ذلك، حذر ديمتري ميدفيديف، رئيس الحكومة الروسية، في خطابه الذي ألقاه في مؤتمر الأمن في ميونيخ من مغبة الانزلاق إلى حرب باردة، التي قال إنه «تم الانحدار إليها»، فيما أكد على «أهمية المحافظة على وحدة أراضي الدولة السورية وعدم السماح بتفككها على أسس عرقية وطائفية».
وأشار ميدفيديف إلى أن العالم لن يتحمل مزيدا من التجارب المريرة التي تشهدها ليبيا واليمن وأفغانستان، وأن العواقب لا بد أن تكون وخيمة بالنسبة لكل الشرق الأوسط. وقال إن «الكثير من المسلحين في سوريا قدموا من روسيا ومن الدول المجاورة لها، وهم يسعون للعودة إلى بلادنا من أجل تنفيذ أعمال إرهابية. لا يجوز السماح بذلك».
وأشار إلى أن ما تفعله روسيا في سوريا يستهدف الدفاع عن مصالحها الوطنية، على حد تعبيره. وناشد ميدفيديف الأطراف الخارجية التوقف عن تهديداتها وعدم التلويح بشن العملة العسكرية البرية في سوريا، بقوله: «لا تخوِّفوا أحدًا بالعملية البرية»، وإذ نفى ميدفيديف قصف الطيران الروسي المواقع المدنية السورية، قال بضرورة تبادل الآراء من أجل سرعة وقف إطلاق النار في سوريا، وتبادل المعلومات بين القوات الجوية الروسية في سوريا وقوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، من أجل الحيلولة دون ظهور ما وصفها بالاحتكاكات والأزمات.
وأشار ميدفيديف إلى التزام بلاده بمواصلة العمل من أجل تنفيذ المبادرات السلمية المشتركة لحل الأزمة السورية، مؤكدا عدم وجود أي بديل للحوار الإقليمي والدولي في هذا المجال.
وفي خطابه الذي ألقاه في مؤتمر الأمن أمس، قال سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية إن التنسيق بين العسكريين الروس والأميركيين يشكل أساسا لحل المشكلات الإنسانية في سوريا، وشرطا لا بد منه لتحقيق هدنة في البلاد.
وإذ أشار لافروف إلى أن الهدنة في سوريا ممكنة فقط في حال التنسيق بين روسيا والتحالف الدولي، عاد ليؤكد أن «العسكريين الروس يعملون في سوريا تلبية لطلب من دمشق». وفيما قال إن مجموعة دعم سوريا لم تناقش احتمالات العملية البرية في سوريا، حذر لافروف من مغبة طرح شروط مسبقة للحوار بشأن سوريا، مثل الحل الكامل للمسائل الإنسانية، ودعا إلى «عدم «شيطنة» دور الرئيس السوري بشار الأسد في إحداث الأزمة الإنسانية في سوريا، وحمل الإرهابيين مسؤولية انفجار هذه الأزمة. وأضاف أن «المسائل الإنسانية يمكن حلها فقط عن طريق التعاون، أما الحديث عن ضرورة حلها قبل وقف العنف، فيقود إلى طريق مسدود».
وكانت الخارجية الروسية أعلنت أمس عدم صحة ما يتوارد من أنباء حول ما وصفته ماريا زاخاروفا، الناطقة الرسمية باسم الخارجية الروسية، بـ«خرافة» بدء البحث والتفكير في العملية البرية من قبل روسيا في أراضي سوريا، فيما أكدت تركيز بلادها على المسار السوري من أجل تحقيق التسوية السياسية في سوريا، وأنه «لا يمكن دون هذه التسوية استعادة السيطرة على كل الأراضي السورية، وتحقيق الاستقرار والتوافق بين المجموعات الإثنية كافة».
مع ذلك، أعرب لافروف عن تفاؤل حذر بإمكانية التوصل إلى وقف إطلاق النار في سوريا، قائلا إن فرص تطبيقه قد تتجاوز 49 في المائة، حسبما نقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.