إحباط في اجتماع لندن التمهيدي للدول المانحة.. و3 رسائل إلى القادة

الخارجية الألمانية لـ {الشرق الأوسط}: لا حل للأزمة الإنسانية بسوريا في غياب حل سياسي مستدام

وزيرة الدولة البريطانية للتنمية الدولية جستين غرينينغ تلقي كلمتها خلال اجتماع المنظمات غير الحكومية لدعم سوريا في لندن أمس («الشرق الأوسط»)
وزيرة الدولة البريطانية للتنمية الدولية جستين غرينينغ تلقي كلمتها خلال اجتماع المنظمات غير الحكومية لدعم سوريا في لندن أمس («الشرق الأوسط»)
TT

إحباط في اجتماع لندن التمهيدي للدول المانحة.. و3 رسائل إلى القادة

وزيرة الدولة البريطانية للتنمية الدولية جستين غرينينغ تلقي كلمتها خلال اجتماع المنظمات غير الحكومية لدعم سوريا في لندن أمس («الشرق الأوسط»)
وزيرة الدولة البريطانية للتنمية الدولية جستين غرينينغ تلقي كلمتها خلال اجتماع المنظمات غير الحكومية لدعم سوريا في لندن أمس («الشرق الأوسط»)

بتقرير مصور يحكي معاناة السوريين وكلمات افتتاحية يعمها الإحباط، انطلقت أولى فعاليات اجتماع المنظمات الدولية والمجتمع المدني التمهيدي لمؤتمر الدول المانحة لسوريا أمس في لندن.
اجتمعت في قمة أمس المصغرة منظمات إنسانية غير حكومية، وناشطون في المجتمع المدني بهدف توجيه نقاش مؤتمر الدول المانحة اليوم إلى أكثر المجالات حاجة إلى الدعم المادي الدولي، وإلى أبرز انشغالات السوريين في الداخل وفي دول اللجوء.
وخلص المجتمعون أمس إلى أنه مهما ارتفع حجم التبرعات، فإنها لن تساهم في تغيير الوضع على الأرض بشكل فعال، حيث إنها لا تعالج سبب الحرب والدمار في سوريا. وهو ما أكده بير كولن، ممثل وزارة الخارجية الألمانية في الخارج، لـ«الشرق الأوسط» على هامش الاجتماع. ورأى كولن أن «الهدف من اجتماع اليوم (أمس) ومؤتمر غد (اليوم) هو الاقتراب من إيجاد حل سلمي للحرب في سوريا، فضلاً عن الاستماع لما يحمله المجتمع المدني السوري من رسائل»، مضيفًا: «في انتظار التوصل إلى حل للنزاع، إنه واجبنا الأخلاقي دعم سوريي الداخل وتوفير أكبر قدر من المساعدات الإنسانية للمتضررين».
أما الرسالة الثانية التي وجهها ممثلو المجتمع المدني السوري لقادة الدول المجتمعين اليوم، هي أن «تجاهل الغرب لفظائع الرئيس بشار الأسد في حق شعبه بحجة الحرب ضد الإرهاب جزء من المشكلة، وأن المجتمع الدولي مستمر في هدر مجهوداته وأموال الإغاثة طالما لم يضع حدًا لقصف المدنيين من طرف النظام والقوات الموالية له»، كما جاء على لسان رائد الصالح، مدير الدفاع المدني بسوريا، ومرسيل شيهوارو، مديرة منظمة «كش مالك» غير الربحية.
إلى ذلك، دعا ممثلو المجتمع المدني السوري أعضاء مجلس الأمن إلى المسارعة بإنشاء منطقة آمنة داخل سوريا لتمكين المنظمات غير الحكومية من إدخال المساعدات الطبية والمواد الغذائية الأساسية إلى المناطق المحاصرة. وأوضح وائل العجي، المتحدث باسم الشبكة السورية لحقوق الإنسان، على هامش الاجتماع أن سوريا بحاجة إلى تدخل حقيقي من المجتمع المدني وإلى فرض ضغوط فعلية على النظام وداعميه، مشيرًا إلى التصعيد الكبير في القصف الروسي بالتزامن مع مؤتمر جنيف ومؤتمر المانحين في لندن.
أما الرسالة الثالثة التي سعى ممثلو المجتمع المدني إلى توجيهها إلى القادة هي أن سوريا لم تكن «جنة» قبل اندلاع الحرب كما تصورها بعض الحكومات الغربية، «السوريون تظاهروا في 2011 لسبب، وهو حكم ديكتاتوري تحول إلى عنف وقتل مدنيين»، كما قالت ربى محيسن، مؤسسة منظمة «سوى» للتنمية في رد على كلمة وزير الخارجية النرويجي، بورغ برندي. وكان برندي يذكر أن سوريا كانت، قبل 5 سنوات مضت، دولة متوسطة الدخل يقصدها لاجئون من المنطقة بحثًا عن الحماية. ودعا الوزير إلى تصنيف سياسة التجويع المعتمدة في سوريا ومنع إدخال المساعدات إلى المناطق المحاصرة كـ«جرائم حرب»، ومعاقبة المسؤولين عنها.
وقوبل الشعور بالإحباط في جل مداخلات مسؤولي المنظمات غير الحكومية بتفاؤل نسبي من طرف المسؤولين الحكوميين، إذ دعت وزيرة الدولة البريطانية للتنمية الدولية، جستن غرينينغ، نظراءها في الدول المانحة إلى التبرع بأكبر قدر ممكن من المساعدات في مؤتمر اليوم «بهدف بث الأمل في قلوب السوريين اللاجئين، وإعطائهم سببًا للاستمرار في الكفاح». وركزت غرينينغ خلال كلمتها والتصريحات على هامش الاجتماع على ضرورة تذكير المجتمع الدولي أن «ال - 4.6 لاجئ سوري والـ10 ملايين الآخرين الذين هم بحاجة إلى الدعم داخل الحدود السورية ليسوا فقط أرقاما تتداولها التقارير الدولية والإعلام، وإنما هم أطباء وممرضات وطلبة وطالبات ورجال أعمال كانوا يقودون حياة عادية قبل اندلاع الأزمة قبل خمس سنوات». ولفتت إلى أنه «من الأساسي إصلاح نظام الإغاثة الدولية القائم حاليا، إذ يصل متوسط فترة اللجوء عالميًا اليوم إلى 17 سنة على الأقل قبل تمكن اللاجئ من العودة إلى بلده»، مضيفةً أنه في غضون ذلك ينبغي على المجتمع المدني دعم المجتمعات المضيفة في الدول المجاورة لسوريا التي تعاني من شح الموارد وضيق المؤسسات التعليمية وندرة فرص العمل. ورأت غرينينغ أن أهم مجالات الإغاثة يتمثل في التعليم، مشيرة إلى مبادرة «لا لجيل ضائع» التي أطلقتها بريطانيا، داعية الدول المانحة إلى الانضمام إلى هذه المبادرة بهدف إلحاق جميع الأطفال اللاجئين بالمدارس قبل نهاية السنة الدراسية الحالية.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.