وثيقة مسربة تكشف خطة لإنشاء فريق استخباراتي يراقب وقف إطلاق النار في سوريا

خطة دي ميستورا غير قابلة للتطبيق ميدانيًا وسياسيًا

وثيقة مسربة تكشف خطة لإنشاء فريق استخباراتي يراقب وقف إطلاق النار في سوريا
TT

وثيقة مسربة تكشف خطة لإنشاء فريق استخباراتي يراقب وقف إطلاق النار في سوريا

وثيقة مسربة تكشف خطة لإنشاء فريق استخباراتي يراقب وقف إطلاق النار في سوريا

في خضم الجهود التي تبذل وإن بتعثّر على خط سير المفاوضات السورية في جنيف على وقع تكثيف الطائرات الروسية لقصفها في عدد من المناطق، جاء الحديث عن اقتراح قدّمه المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا يقضي بـ«وقف إطلاق النار» الذي يرى خبراء أنه غير قابل للتطبيق وسابق لأوانه بناء على الوقائع الميدانية والعسكرية.
وعبّر صراحة عن هذا الاقتراح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أمس، قائلا إن «روسيا قدمت أفكارا براغماتية حول سبل التوصل إلى وقف مستمر لإطلاق النار في سوريا». وهو ما كشفته أيضًا وثيقة مسربة حصلت عليها مجلة «فورين بوليسي» حملت عنوان: «مشروع لمفاهيم طرق وقف إطلاق النار»، مشيرة إلى أن «دي ميستورا يسعى إلى إنشاء خلية لجمع معلومات استخباراتية في سوريا تساعد في تنفيذ أي اتفاقات صادرة عن المحادثات. مع العلم أن النظام السوري كان قد رفض سابقًا وجود مراقبين دوليين حتى مع أبسط معدات الاتصال»، وفق تقرير المجلة.
ويعد جمع المعلومات الاستخباراتية أمرًا حساسًا من الناحية السياسية بالنسبة إلى منظمة الأمم المتحدة، حيث عبّرت الحكومات التي تستضيف بعثات الأمم المتحدة عن قلقها من أن يتم استخدام تلك المعلومات في التجسس عليها.
واعتبر القيادي في الجيش الحر العميد أحمد رحال أن ما يحصل اليوم هو ذر للرماد في العيون، وطرح اقتراح وقف إطلاق النار ليس إلا إضاعة للوقت، سائلا في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «عندما يعجز دي ميستورا والمجتمع الدولي عن تطبيق قرار مجلس الأمن 2254 بوقف قصف المدنيين وفك الحصار وإيصال المساعدات إلى العائلات، كيف بإمكانه تنفيذ وقف إطلاق النار، وهي العملية التي تتطلب جهودا كبيرة مقارنة مع وقف القصف الذي يجب أن تتولاه روسيا التي تقود المعركة العسكرية وترعى المفاوضات السياسية؟».
ورأى رحال أن وقف إطلاق النار يفوق قدرة دي ميستورا على تنفيذه، وهي ليست من اختصاصه، بل تتطلب عملا استخباراتيا وأمنيا وليس دبلوماسيا أو سياسيا، وتحقيقه يبقى مستحيلا في ظل غياب المعطيات اللازمة والبيئة الحاضنة له، في ظل وجود عشرات الفصائل العسكرية على الأرض من قبل النظام والمعارضة، قائلا إن «دخول صحافي إلى مناطق المعارك أمر صعب، فكيف بدخول عناصر استخباراتية؟».
بدوره، رأى الخبير العسكري الاستراتيجي، العميد المتقاعد نزار عبد القادر، أن طرح «وقف إطلاق النار» سابق لأوانه في ضوء الوقائع في الميدان السوري الذي تحول إلى حرب بالوكالة لأطراف متعددة محلية ودولية وإقليمية. وأوضح في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «أول الغيث أن يسعى دي ميستورا على الأقل إلى الطلب من روسيا لتحييد دورها السياسي والعسكري وهي التي تشارك في الحرب ضد كل الشعب السوري».
ولم تذكر وثيقة دي ميستورا المسربة، التي تحمل عنوان «مشروع لمفاهيم طرق وقف إطلاق النار» وجود حاجة إلى وحدة استخباراتية، ولكنها استخدمت سلسلة من التعبيرات اللطيفة مثل «التوعية بالموقف» و«حصاد البيانات» و«جمع المعلومات»، من أجل إبراز الحاجة إلى جمع المعلومات الاستخبارية الحساسة حول جهود مكافحة الإرهاب المبذولة ضد تنظيم داعش والسلوك العسكري للحكومة وقوات المعارضة.
ويدعو المقترح الجديد أيضًا إلى الاستعانة بمحللين سياسيين وأمنيين ومعلوماتيين لتقويم المعلومات الصادرة عن عدد من المصادر، بما في ذلك الحكومات الأجنبية والشبكات الاجتماعية، ويتطلب الأمر أيضًا وجود خبراء مكافحة الإرهاب والمتفجرات.
وبحسب تقرير المجلة الأميركية فإنه من غير المؤكد أن يرى مقترح دي ميستورا النور، حيث واصلت الحكومة السورية بدعم من القوات الجوية الروسية ضرب المعارضة السورية رغم تجمع كل الأطراف في جنيف لإجراء محادثات السلام.
ورفض مكتب دي ميستورا التعليق، بينما أشار مسؤول مقرب إلى أن «المقترح مبدئي وتتم مراجعته». وقال ريتشارد جوان، خبير البعثة الأممية لحفظ السلام بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن الأمم المتحدة تخدع نفسها إذا ما ظنت أنها تستطيع إنشاء خلية استخباراتية لجمع المعلومات في سوريا.
وكانت الأمم المتحدة قد أشارت إلى أنها تفتقر إلى القدرة على فرض وقف إطلاق النار في سوريا. وحث دي ميستورا المجموعة الدولية لدعم سوريا والمؤلفة من 17 دولة تضم الولايات المتحدة وروسيا وإيران وتركيا والسعودية على بدء التفاوض على وقف إطلاق النار خلال اجتماع رفيع المستوى ينعقد في ميونيخ في 11 فبراير (شباط) الحالي. وتوصي الوثيقة بدراسة «تعيين قائد لديه خبرات عسكرية للتركيز على إدارة وتنسيق اتفاقات وقف إطلاق النار داخل سوريا».
وحذر فريق دي ميستورا من أن نشر فريق الأمم المتحدة في مناطق النزاع السورية «سوف يتطلب ضمانات أمنية مناسبة من المقاتلين والحكومات الأجنبية التي توفر الدعم العسكري أو المالي للأطراف المتحاربة».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».