بالتزامن مع محادثات جنيف..ارتفاع أعداد ضحايا التجويع بريف دمشق

أكثر من 40 ألف مدني محاصرون في مضايا والزبداني

بالتزامن مع محادثات جنيف..ارتفاع أعداد ضحايا التجويع بريف دمشق
TT

بالتزامن مع محادثات جنيف..ارتفاع أعداد ضحايا التجويع بريف دمشق

بالتزامن مع محادثات جنيف..ارتفاع أعداد ضحايا التجويع بريف دمشق

سجل ناشطون سوريون وفاة أكثر من 111 قتيلا سقطوا خلال الشهر الماضي في مدينة دوما بينهم 12 امرأة، و27 طفلاً، فيما بلغ عدد القتلى على الجبهات 12 مقاتلاً، وقتيلان آخران تحت التعذيب في سجون النظام السوري، أما باقي القتلى فسقطوا جراء القصف الجوي العنيف والصواريخ العنقودية والمدفعية الثقيلة من قبل قوات النظام، كما تم تسجيل وفاة خمسة أطفال جراء نقص الدواء والغذاء جراء الحصار المفروض على المدينة من جانب قوات النظام.
وارتفع عدد قتلى الجوع في مدينة مضايا المحاصرة بريف دمشق إلى 61 قتيلاً، وما زال نحو 400 شخص يحتاجون لرعاية طبية خاصة، تعجز الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية عن إغاثتهم بسبب إصرار النظام وحزب الله على مواصلة سياسة فرض الحصار والتجويع. وبحسب مصادر محلية في مضايا، فإن كمية المساعدات التي تم إدخالها الشهر الماضي إلى مضايا لم تكن كافية، ولم تسهم في إنقاذ حالات سوء الامتصاص والجفاف بسبب التجويع لعدة أشهر، وباتت تستدعي رعاية طبية وصحية خاصة.
يذكر أن هناك أكثر من 40 ألف مدني ما زالوا محاصرين في مناطق مضايا والزبداني، ويعيشون أوضاعا إنسانية مزرية. ورغم الجهود الكبيرة التي بذلتها الأمم المتحدة ومكتب المبعوث الأممي في سوريا ستيفان دي ميستورا لتخفيف معاناة المدنيين، فإنها لم تنجح سوى في إدخالات شاحنات أغذية وبعض المواد الطبية التي لم تكن كافية، وإخراج عدد ضئيل من المصابين للعلاج خارج البلاد.
وأعلن أمس في دمشق عن دخول 14 شاحنة محملة بمواد غذائية وإغاثية إلى مدينة التل بريف دمشق، المحاصرة من قبل قوات النظام وميليشيا حزب الله منذ نحو ستة أشهر. وذكرت تنسيقية مدينة التل: «بعد حصار دام 196 يومًا، دخلت من 15 إلى 20 شاحنة إغاثية كمساعدات من قبل الأمم المتحدة عن طريق الهلال الأحمر إلى مدينة التل». ويعاني أهالي المدينة أوضاعا معيشية سيئة في ظل الحصار ومنع إدخال أي مادة غذائية أو طبية للمدينة، وأيضا منع المدنيين من الدخول إليها أو الخروج منها، باستثناء الطلبة والموظفين والمسموح لهم بإدخال كيس واحد فقط من أي مادة ما عدا الحليب والطحين والسكر.
وفي محاولة للرد على التقارير التي تدين النظام وتحمله مسؤولية عدم الاستجابة لنداءات الأمم المتحدة لفك الحصار عن المدنيين وتجويعهما، وبالتزامن مع المباحثات الحالية في جنيف، بثت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) تقريرا مصورا عن إدخال عدد من شاحنات محملة بمواد إغاثية غذائية ومواد تنظيف إلى منطقة معضمية الشام عن طريق الهلال الأحمر السوري، وصرح عضو الهيئة العليا للإغاثة التابعة للنظام، أن «المواد الغذائية دخلت للجميع في منطقة المعضمية»، مدعيا أن الأمر «من دون تدخل من الأمم المتحدة».
وأظهرت الصور عشرات المدنيين يتسلمون سلالا غذائية من متطوعي الهلال الأحمر. إلا أن ناشطين في المعارضة أكدوا أن تلك الشاحنات دخلت إلى مناطق بمحيط المعضمية وتحت سيطرة النظام، ولا تتعرض للقصف الجوي العنيف، فيما المناطق المحاذية لمدينة داريا حيث تدور معارك واشتباكات عنيفة، لا تزال تحت حصار مطبق، والمدنيون هناك يعيشون أوضاعا إنسانية بالغة السوء.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.