ازدياد في وتيرة السيارات المفخخة والتفجيرات الإرهابية في عدن

مراقبون: نتيجة التزاوج بين عناصر استخباراتية سابقة وتنظيمات إرهابية

تفجير أمس الذي استهدف حاجزا للشرطة في عدن (أ.ف.ب)
تفجير أمس الذي استهدف حاجزا للشرطة في عدن (أ.ف.ب)
TT

ازدياد في وتيرة السيارات المفخخة والتفجيرات الإرهابية في عدن

تفجير أمس الذي استهدف حاجزا للشرطة في عدن (أ.ف.ب)
تفجير أمس الذي استهدف حاجزا للشرطة في عدن (أ.ف.ب)

استهدفت سيارة مفخخة نقطة أمنية في العقبة على مدخل عدن القديمة كريتر، وأسفرت العملية الإرهابية إلى سقوط 7 «شهداء» و11 جريحًا. وتأتي العملية الإرهابية بعد أقل من 24 ساعة من تبني تنظيم داعش تفجير بوابة قصر معاشيق بسيارة مفخخة.
وأوضح مصدر في شرطة عدن لـ«الشرق الأوسط» أن السيارة كان يقودها انتحاري، واستهدفت نقطة تفتيش أمنية على مدخل عدن القديمة تربط بين مدينتي المعلا وكريتر، مؤكدًا أن الجنود كشفوا السيارة المفخخة في نقطة كريتر وحاولوا إيقافها إلا أن قائد السيارة سارع إلى تفجيرها لحظة اكتشافها.
تنظيم داعش سارع بعد أقل من ساعة من التفجير الإرهابي إلى تبني العملية، مشيرًا إلى أن أويس العدني هو من نفذها.
إلى ذلك قالت مصادر محلية إن مسلحين مجهولين، استهدفوا مقر شرطة الممدارة شمال شرقي العاصمة عدن، فجر أمس (السبت)، بقنبلة يدوية، مشيرة إلى أن التفجيرات لم تسفر عن سقوط ضحايا بل خلفت أضرارًا مادية بالمباني وسيارات السكان المحليين المجاورة لمقر شرطة المدينة. وتأتي تلك العمليات الإرهابية بعد يوم واحد من هجوم لتنظيم داعش استهدف نقطة أمنية على بوابة قصر معاشيق (مقر الرئيس هادي وحكومة بحاح) أسفر عن سقوط 11 شهيدًا وأكثر من 20 جريحًا، بينهم عدد من السكان المدنيين كانوا مارين لحظة وقوع التفجيرات الإرهابية.
وقال مالك هرهرة قائد مقاومة كريتر في تصريحات إن قوات المقاومة ضبطت سيارة مفخخة من نوع «كرولا» بيضاء جوار البنك الأهلي بكريتر، وتم تفكيكها ونقلها إلى إدارة الأمن في عدن.
وتشهد العاصمة المؤقتة عدن منذ تحريرها من ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح في منتصف يوليو (تموز) الماضي سلسلة هجمات إرهابية وموجة اغتيالات شبه يومية وسط جهود متواصلة تبذلها اللجنة الأمنية بعدن والقوات الأمنية بقيادة محافظ عدن عيدروس قاسم وقائد الشرطة شلال شائع وسط فرض حظر تجوال ليلي وانتشار أمني مشدد.
ويرى خبراء أمنيون أن تلك التفجيرات الإرهابية تعد عمليات انتقامية بعد عدم تمكن منفذيها من الوصول إلى أهدافهم، وتمكن القوات الأمنية من محاصرتها وكشفها قبل وصولها إلى أهدافها المحددة. ويشير هؤلاء إلى أن جميع ضحايا تلك العمليات الإرهابية هم من السكان المدنيين وجنود الأمن، وهذا مؤشر إلى أن السلطات الأمنية باتت تفرض سيطرتها الأمنية يوما بعد يوم، في ظل ملاحقتها لأوكار مطلوبين واكتشاف معامل تصنيع متفجرات وعبوات ناسفة.
وأوضح مواطنون بعدن في أحاديث متفرقة لـ«الشرق الأوسط» أن المرحلة الراهنة التي تشهدها عدن من اختلالات أمنية وتزايد مستمر للاغتيالات والأعمال الإرهابية يتطلب تفعيل لجان الدفاع الشعبي، والاستفادة من التجربة السابقة للجنوب واستعادة تفعيلها في أحياء ومدن العاصمة عدن لتثبيت الأمن والاستقرار ومساعدة اللجنة الأمنية بعدن بقيادة المحافظ عيدروس قاسم وقائد الشرطة العميد الركن شلال شائع في إنجاح الخطة الأمنية لتأمين وحماية العاصمة عدن، واستتباب الوضع الأمني حد قولهم ينطلق من الأحياء السكنية.
بدوره، يرى قاسم داؤد رئيس مركز عدن للرصد والدراسات أن ما يحدث في عدن من اختراقات أمنية زادت خطورتها في الفترة الأخيرة، ومنذ «استشهاد» اللواء جعفر محمد سعد، وتعتبر نتيجة لما يمكن تسميته بتزاوج بين أجهزة وعناصر استخباراتية من جهة وعناصر إرهابية من جهة أخرى، والتي قد تكون جزءًا من الأولى ونتاجًا لها، وهذا الحالة تطلب وتستلزم توحيد وتنسيق جهود وقدرات وأعمال عدة أجهزة ومؤسسات رسمية مع دور المجتمع، الذي يعتبر مهمًا ومحوريًا في الظروف الراهنة.
وأكد في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن مواجهة هذه الجرائم يتطلب رفع كفاءة وجاهزية أجهزة الاستخبارات بكل مسمياتها، ورفدها بالعناصر المجربة والمؤهلة المتقاعدة منذ سنوات، الذين هم في مقدمة من تستهدفهم هذه الأعمال الإجرامية، إلى جانب دور وحدات وقوات وأجهزة الأمن العام، التي تتطلب إعادة بناء، واستكمال هيكلها، ومدها بكل مقومات العمل.
وأشار إلى أن مركز عدن للرصد والدراسات ومركز الرشيد يحضران لفعالية حوارية موسعة بمشاركة 150 من شخصيات ورموز وممثلي المجتمع في عدن ومن كل القوى والمكونات والشرائح والجماعات لبحث دور المجتمع في حماية التعايش والسلم الأهلي وتطبيع الحياة العامة، بما فيها الأمن الذي يحتل أولوية «وندرس حاليا مع محافظ عدن الترتيبات النهائية للعمل، الذي نتمنى أن ينفذ ويحقق النجاح وستكون مخرجاته منطلقًا لعمل واسع في الفترة المقبلة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.