وزير التنمية الدولية البريطاني: نحث الدول المانحة على توفير الالتزامات الدائمة للأزمة

أكد أن إيجاد فرص عمل للاجئين من أهداف مؤتمر «مساعدات سوريا»

وزير التنمية الدولية البريطاني ديزموند سوين
وزير التنمية الدولية البريطاني ديزموند سوين
TT

وزير التنمية الدولية البريطاني: نحث الدول المانحة على توفير الالتزامات الدائمة للأزمة

وزير التنمية الدولية البريطاني ديزموند سوين
وزير التنمية الدولية البريطاني ديزموند سوين

في مواجهة النزاع الوحشي والأزمة الإنسانية السورية، قرّرت الحكومة البريطانية أن تستضيف مؤتمرًا لجمع تبرّعات للسوريين المشردين، إذ أعلنت الحكومة أنها ستضغط على الدول لمضاعفة مساهماتها المالية من أجل التصدي للأزمة الإنسانية. وقال وزير التنمية الدولية البريطاني ديزموند سوين لـ«الشرق الأوسط»، خلال جلسة خاصة في وزارة التنمية البريطانية أمس، إن «الأزمة السورية مستمرة منذ ست سنوات وستستمر لفترة أطول. وبريطانيا من الدول المانحة، ونحن بحاجة إلى الاضطلاع بالتزاماتنا متعددة السنوات، حتى يتسنى لمن يعملون بالنيابة عنا في المنطقة معرفة أن هناك التزاما قائما من جانبنا حيالهم». وذكر الوزير سوين أن بريطانيا «هي ثاني أكبر دولة مانحة في العالم»، وأوضح: «لقد استجبنا للطوارئ في سوريا بطريقة أكبر مما فعلنا حيال أية أزمة إنسانية سابقة في تاريخنا المعاصر، إذ تبلغ قيمة مساهماتنا الحالية نحو 1.1 مليار جنيه إسترليني». وأردف: «لقد أخذنا زمام المبادرة في مختلف المجالات، وعلى رأسها التعليم، ولقد بذلنا جهودًا عظيمة من أجل إدخال أطفال اللاجئين السوريين إلى المدارس كي لا يكون هناك جيل بلا تعليم».
هذا، وسيحدد المؤتمر أهدافا طموحة تتعلق بالتعليم والفرص الاقتصادية لإحداث تغيير في حياة اللاجئين المتضررين من الأزمة السورية، ولمساعدة الدول المضيفة لهم، ووفق شرح سوين «سيحث المؤتمر الدول على المساهمة في تلبية متطلبات العام المقبل، ونحن نحاول تجنب نقص الأموال المطلوبة هناك. إننا نسعى من خلال هذا المؤتمر إلى رفع مستوى الطموحات بطريقة مختلفة، وهي عن طريق الحاجة إلى الاعتراف ببساطة أنه لا يمكننا الاستمرار في التعامل مع هذه الأزمة كأنها حالة طارئة اعتيادية مثل الفيضان أو الزلزال». وأردف سوين: «التعليم أصبح مكوّنًا أساسيًا ومهمًا من جهود الإغاثة السورية، وتحدونا طموحات كبيرة لتنمية وتطوير التعليم هناك. إننا نريد إدخال كل طفل سوري إلى المدرسة قبل عام 2017 الدراسي».
ومن جانب آخر، كما قال الوزير البريطاني، فإن إيجاد فرص عمل للاجئين هي من الأهداف المهمة الأخرى للمؤتمر، ومضى قائلاً: «إنها مهمة كبيرة بحق بالنيابة عن تلك الدول التي تستضيف أولئك اللاجئين، والتي تعاني بالفعل من مشكلاتها الاقتصادية. علينا الاعتراف بذلك وتقديم المساعدة في تعزيز الصالح العام بالنيابة عن العالم، ولا بد من وجود عروض مفيدة لهم تنفعهم وتنفع اللاجئين كذلك».
كذلك صرح الوزير البريطاني بأنه «إذا كنا نستطيع التحرك للتوصل إلى اتفاق بين الدول المضيفة لفتح أسواق العمل لديها أمام اللاجئين فلا بد من وجود عرض جيد لتلك الدول من الجانب الآخر». وتعهد بضخ البنوك متعددة الأطراف مزيدا من الأموال من أجل إتاحة التمويل بالشروط الميسرة للمانحين حتى تزداد قدرات التمويل المتاحة للاقتصاد اللبناني والأردني، ويمكن للقطاع الخاص الالتزام بالتنمية وتوفير مزيد من الوظائف بالنسبة إلى اللاجئين. واستطرد سوين: «سيكون ذلك مفيدا بشكل كبير بالنسبة إلى اللاجئين والدول المضيفة أيضًا، حتى يتمكنوا من العودة إلى سوريا بمهارات جديدة».
الجهد الرئيسي للمؤتمر هو التعامل مع الطوارئ الحالية من سداد أتعاب الرعاية الصحية وتلبية احتياجات الشعب السوري. ومع ذلك، يؤكد الوزير سوين على أن «الحل الحقيقي الوحيد للأزمة السورية هو الحل السياسي». ولقد اتفق قادة بريطانيا وألمانيا والنرويج أمس، خلال محادثات هاتفية، على أنه «يتوجب على جميع الدول المشاركة أن تجهد على الأقل لمضاعفة المساهمات التي قدمتها عام 2015 لهذه الأزمة»، حسب ما أعلنه مكتب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في بيان. وستتناول المحادثات المساعدات التي ستقدم إلى نحو 13,5 مليون شخص في وضع معدم أو نازحين في سوريا، وكذلك إلى 4,2 مليون سوري فروا من بلادهم ولجأوا إلى بلدان مجاورة مثل الأردن ولبنان.
وحاليا، تقدر نداءات الإغاثة المشتركة بين الوكالات في الأمم المتحدة في 2016 بنحو 7.73 مليار دولار. وهذا إضافة إلى 1.2 مليار دولار تحتاج إليها حكومات المنطقة المتأثرة بالأزمة في سياق خططها الوطنية للاستجابة للأزمة. وفي هذا السياق، رصدت بريطانيا ما يفوق 1.1 مليار جنيه إسترليني، استجابة للأزمة السورية منذ 2012، من خلال أكثر من 30 من شركائها في تقديم المساعدات، بمن فيهم وكالات الأمم المتحدة ومنظمات دولية غير حكومية، والصليب الأحمر.



مخاوف من تفاقم الأزمة في جورجيا مع انتخاب رئيس يميني مقرّب من موسكو ومناهض لأوروبا

رئيسة جورجيا سالومي زورابيشفيلي تتحدث في مؤتمر صحافي بالقصر الرئاسي في تبليسي 30 أكتوبر (أ.ف.ب)
رئيسة جورجيا سالومي زورابيشفيلي تتحدث في مؤتمر صحافي بالقصر الرئاسي في تبليسي 30 أكتوبر (أ.ف.ب)
TT

مخاوف من تفاقم الأزمة في جورجيا مع انتخاب رئيس يميني مقرّب من موسكو ومناهض لأوروبا

رئيسة جورجيا سالومي زورابيشفيلي تتحدث في مؤتمر صحافي بالقصر الرئاسي في تبليسي 30 أكتوبر (أ.ف.ب)
رئيسة جورجيا سالومي زورابيشفيلي تتحدث في مؤتمر صحافي بالقصر الرئاسي في تبليسي 30 أكتوبر (أ.ف.ب)

قد تتفاقم الأزمة في جورجيا مع انتخاب نواب حزب الحلم الجورجي اليميني المتطرف الحاكم مرشحه لاعب كرة القدم السابق ميخائيل كافيلاشفيلي، وهو شخصية موالية للحكومة التي تواجه مظاهرات مؤيّدة للاتحاد الأوروبي.

المرشح الرئاسي ميخائيل كافيلاشفيلي (أ.ب)

وأصبح كافيلاشفيلي القريب من موسكو رئيساً لجورجيا، بعدما اختاره الحزب الحاكم، السبت، في عملية انتخابية مثيرة للجدل، في الوقت الذي يسعى فيه الحزب الحاكم إلى تعزيز نفوذه في مؤسسات الدولة، وهو ما تصفه المعارضة بأنه صفعة لتطلعات البلاد في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، في حين أعلنت الرئيسة الحالية سالومي زورابيشفيلي أن التصويت «غير شرعي»، رافضة التنحي.

وتشغل زورابيشفيلي، الموالية للغرب، رئاسة جورجيا منذ 2018، وتنتهي ولايتها التي استمرت ست سنوات يوم الاثنين المقبل، وهي تصف نفسها بأنها الرئيسة الشرعية الوحيدة، وتعهّدت بالبقاء لحين إجراء انتخابات جديدة.

متظاهرة تحمل علم الاتحاد الأوروبي بمواجهة الشرطة في تبليسي (أ.ب)

وأعلن رئيس اللجنة المركزية للانتخابات، جيورجي كالانداريشفيلي، أن الهيئة الانتخابية التي يسيطر عليها الحزب الحاكم والتي قاطعتها المعارضة، انتخبت كافيلاشفيلي بـ224 صوتاً لمدة خمس سنوات على رأس السلطة.

وفاز كافيلاشفيلي، 53 عاماً، بسهولة بالتصويت، بالنظر إلى سيطرة «الحلم الجورجي» على المجمع الانتخابي المؤلف من 300 مقعد، الذي حلّ محل الانتخابات الرئاسية المباشرة في عام 2017. واحتفظ حزب الحلم الجورجي بالسيطرة على البرلمان في تلك الدولة التي تقع جنوب منطقة القوقاز، إثر الانتخابات التي جرت يوم 26 أكتوبر (تشرين الأول).

وتقول المعارضة إنه جرى تزوير الانتخابات، بمساعدة موسكو. ومنذ ذلك الحين، قاطعت الأحزاب الرئيسة الموالية للغرب الجلسات البرلمانية، مطالبين بإعادة الانتخابات. وتعهّد الحلم الجورجي بمواصلة الدفع باتجاه الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، ولكنه يريد أيضاً «إعادة ضبط» العلاقات مع روسيا.

الرئيسة المنتهية ولايتها سالومي زورابيشفيلي بين مؤيدين في العاصمة الجورجية (أ.ب)

وفي 2008، خاضت روسيا حرباً قصيرة مع جورجيا أدت إلى اعتراف موسكو باستقلال منطقتين انفصاليتين، أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، وتعزيز الوجود العسكري الروسي بهما.

واتهم المنتقدون «الحلم الجورجي» الذي أسسه بيدزينا إفانيشفيلي، وهو ملياردير جمع ثروته في روسيا، بأنه أصبح سلطوياً على نحو متزايد ويميل إلى موسكو، وهي اتهامات نفاها الحزب.

وقرار حزب الحلم الجورجي الشهر الماضي تعليق المحادثات بشأن محاولة انضمام البلاد إلى الاتحاد الأوروبي زادت من غضب المعارضة وأثارت احتجاجات ومظاهرات.

ومساء الجمعة، جرت المظاهرة أمام البرلمان في تبليسي من دون اضطرابات، على عكس الاحتجاجات السابقة التي تخلّلتها اشتباكات عنيفة منذ انطلقت في 28 نوفمبر (تشرين الثاني).

ومنذ التاسعة صباحاً بدأ مئات المتظاهرين يتجمعون متحدين البرد والثلج ومتوافدين إلى محيط البرلمان قبل أن يُعيّن الرئيس الجديد. وجلب بعضهم كرات قدم وشهاداتهم الجامعية استهزاء بالرئيس المنوي تعيينه. وقال تيناتن ماتشاراشفيلي ملوحاً بشهادة تدريس الصحافة التي حصل عليها: «ينبغي ألا يكون رئيسنا من دون شهادة جامعية، فهو يعكس صورة بلدنا».

مسيرة احتجاجية للمؤيدين للاتحاد الأوروبي بالقرب من مبنى البرلمان في تبليسي ليلة 28 نوفمبر (رويترز)

وبدأت، السبت، مظاهرة أمام البرلمان في أجواء هادئة، واكتفت الشرطة بحظر النفاذ إلى مدخل المبنى. لكنها وضعت ثلاثة خراطيم مياه ونحو عشرين مركبة على أهبة التدخل في ساحة الحرية. وقالت ناتيا أبخازافا، في تصريحات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «الشرطة في كل مكان... رغم الثلوج والأمطار والطقس البارد في الشتاء، سنناضل من أجل بلدنا». وكشفت صوفي كيكوشفيلي، من جهتها، أنه لم يُغمض لها جفن في الأسابيع الأخيرة. وأخبرت المحامية، البالغة 39 عاماً، التي تركت ابنها البالغ 11 عاماً وحيداً في المنزل: «بات الجميع مهدداً الآن، من الأصدقاء والأقرباء ولم يعد في وسعنا التركيز على العمل». وتوقعت أن تطبّق السلطات نهجاً استبدادياً «سيتفاقم مع مرور الوقت إن لم نقاوم اليوم... هذه هي الفرصة الأخيرة للنجاة».

وأوقفت السلطات خلال المظاهرات الاحتجاجية أكثر من 400 متظاهر، حسب الأرقام الرسمية. ووثّقت المعارضة ومنظمات غير حكومية حالات متعددة من عنف الشرطة ضد متظاهرين وصحافيين، وهو قمع نددت به الولايات المتحدة والأوروبيون.

والجمعة، قالت منظمة العفو الدولية إن المتظاهرين تعرّضوا لـ«أساليب تفريق وحشية واعتقالات تعسفية وتعذيب».

في المقابل، حمّل «الحلم الجورجي» المتظاهرين والمعارضة المسؤولية عن أعمال العنف، مشيراً إلى أن المظاهرات كانت أكثر هدوءاً منذ أيام، وأن الشرطة ضبطت كميات كبيرة من الألعاب النارية. ويقول المتظاهرون إنهم ماضون في احتجاجاتهم حتى تتراجع الحكومة عن قرارها.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في رسالة مصورة، إن فرنسا تقف إلى جانب «أصدقائها الجورجيين الأعزاء» في «تطلعاتهم الأوروبية والديمقراطية». وأضاف ماكرون: «لا يمكن لجورجيا أن تأمل في التقدم على طريقها الأوروبي إذا قُمعت المظاهرات السلمية باستخدام القوة غير المتناسبة، وإذا تعرّضت منظمات المجتمع المدني والصحافيون وأعضاء أحزاب المعارضة لمضايقات».

حشد من المتظاهرين في تبليسي عاصمة جورجيا (أ.ب)

وقالت داريكو غوغول (53 عاماً) لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، في حين كانت تشارك في مظاهرة احتجاجية أمام البرلمان، إن الانتخابات التشريعية التي جرت في أكتوبر (تشرين الأول) «سُرقت، يجب على (زورابيشفيلي) أن تبقى في منصبها، وأن ترشدنا بطريقة أو بأخرى في هذا الوضع المعقد للغاية».

وأكدت هذه الموظفة في منظمة غير حكومية تُعنى ببرامج تنموية، أن ميخائيل كافيلاشفيلي «لا يمكنه أن يمثّل البلاد».

من جهته، أشاد رئيس البرلمان شالفا بابواشفيلي أمام الصحافيين برجل «لا تشوب وطنيته أي شائبة»، و«لا يقع تحت نفوذ قوة أجنبية، كما هي حال» الرئيسة المنتهية ولايتها. وعلّق أحد المارة لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لم نغادر الاتحاد السوفياتي لتحكمنا واشنطن أو بروكسل أو كييف أو باريس أو أي كان».

وأعلنت واشنطن، الجمعة، أنها فرضت على نحو 20 شخصاً في جورجيا، بينهم وزراء وبرلمانيون، حظر تأشيرات لاتهامهم بـ«تقويض الديمقراطية».

مسيرة احتجاجية للمؤيدين للاتحاد الأوروبي أمام مبنى البرلمان في تبليسي ليلة 28 نوفمبر (أ.ف.ب)

وحتى قبل أن يُصبح كافيلاشفيلي رئيساً، شكّك خبراء في القانون الدستوري في شرعية انتخابه، خصوصاً من أحد واضعي الدستور، فاختانغ خمالادزيه. وحسب هذا الخبير الدستوري فإن سبب هذا التشكيك هو أن البرلمان صادق على انتخاب النواب خلافاً للقانون الذي يقضي بانتظار قرار المحكمة بشأن طلب الرئيسة زورابيشفيلي إلغاء نتائج انتخابات أكتوبر.

وصلاحيات رئيس الدولة في جورجيا محدودة ورمزية. لكن ذلك لم يمنع زورابيشفيلي المولودة في فرنسا والبالغة 72 عاماً، من أن تصبح أحد أصوات المعارضة المؤيدة لأوروبا. وأضاف خمالادزيه أن «جورجيا تواجه أزمة دستورية غير مسبوقة»، مشدداً على أن «البلاد تجد نفسها من دون برلمان أو سلطة تنفيذية شرعيين. والرئيس المقبل سيكون غير شرعي أيضاً».

وتعكس المحادثة الهاتفية التي جرت الأربعاء بين ماكرون وبيدزينا إيفانيشفيلي، الرئيس الفخري للحزب الحاكم، هذا التشكيك بالشرعية، إذ إن ماكرون اتصل بالرجل القوي في جورجيا بدلاً من رئيس الوزراء إيركلي كوباخيدزه؛ للمطالبة بالإفراج عن جميع المتظاهرين الموقوفين المؤيدين للاتحاد الأوروبي. لكن المتظاهرين في تبليسي عدّوا، الجمعة، أن انتخابات السبت لن تغير شيئاً.