دراسة أميركية تحذر: بحر الصين الجنوبي قد يتحول إلى بحيرة صينية بحلول 2030

فندت محاولات إعادة التوازن الاستراتيجي لآسيا التي أعلن عنها أوباما

دراسة أميركية تحذر: بحر الصين الجنوبي قد يتحول إلى بحيرة صينية بحلول 2030
TT

دراسة أميركية تحذر: بحر الصين الجنوبي قد يتحول إلى بحيرة صينية بحلول 2030

دراسة أميركية تحذر: بحر الصين الجنوبي قد يتحول إلى بحيرة صينية بحلول 2030

حذرت إحدى الدراسات الأميركية الجديدة من امتلاك الصين للكثير من حاملات الطائرات بحلول عام 2030، لدرجة أن بحر الصين الجنوبي قد يتحول إلى بحيرة صينية افتراضية، معتبرة أن ميزان القوى في منطقة آسيا والمحيط الهادي بات يتحول بعيدا عن الولايات المتحدة.
تأتي هذه المخاوف في وقت لم يشهد فيه العالم محاولات لإعادة التوازن الاستراتيجي لآسيا، الذي أعلن عنه الرئيس باراك أوباما، من خلال تقديم إيضاحات كافية، أو توفير ما يكفي من الموارد للتعامل مع التهديدات المتصاعدة من قبل الصين وكوريا الشمالية، حسبما ما خلص إليه التقرير، الصادر عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، والذي أضاف أيضًا أنه ينبغي على الولايات المتحدة المحافظة على توسيع وجودها العسكري في منطقة آسيا والمحيط الهادي، وتسريع الجهود الرامية إلى تعزيز القدرات العسكرية للحلفاء والشركاء في المنطقة.
والدراسة الصادرة عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية جاءت بعد أن طالب الكونغرس من وزارة الدفاع الأميركية إجراء تقدير مستقل للاستراتيجيات الأميركية في منطقة آسيا والمحيط الهادي.
وقد خلصت هذه الدراسة إلى توفير مزيد من الاهتمام والموارد لاستراتيجية إعادة التوازن، التي أعلنها عنها الرئيس أوباما، خاصة في ظل محاولة الصين تسريع وتيرة «الإجراءات القسرية»، وبناء الجزر في بحر الصين الجنوبي وبحر الصين الشرقي، واستمرار كوريا الشمالية في تطوير قدراتها النووية والباليستية.
ومما جاء في هذا التقرير أن «الإجراءات الصينية والكورية الشمالية تعمل بشكل روتيني على تحدي مصداقية الالتزامات الأمنية لدى الولايات المتحدة، ووفق المعدل الحالي لقدرات الولايات المتحدة، فإن ميزان القوى العسكرية في المنطقة أصبح يتحول بعيدا عن الولايات المتحدة بمرور الوقت».
وقال التقرير أيضًا أن الصين سوف تمتلك الكثير من حاملات الطائرات في هذه المنطقة الآسيوية بحلول عام 2030، مما يسمح لها بترويع الدول الأخرى، من دون الحاجة الضرورية إلى التصرف بطريقة التهديد المباشر.
وكانت الصين قد أعلنت رسميا في نهاية العام الماضي عن بناء حاملة الطائرات الثانية في أسطولها البحري، ولكن من المتوقع بأن تشيد المزيد من تلك الحاملات في الأعوام المقبلة. وفي هذا الصدد يقول التقرير: «بالنسبة للمطالبين بالهيمنة والمنافسة في بحر الصين الجنوبي، يعتبر ذلك تغييرا في قواعد اللعبة، إذ سوف تكون هناك على الدوام المجموعة الضاربة المرافقة للحاملة، والتي تجوب المياه المتنازع عليها هناك، أو خلال فترة زمنية تقدر بنصف يوم من الإبحار السريع».
وسواء سيطرت الصين على الإقليم أو تفاوضت بشأن خطة لتقاسم الموارد مع غيرها من المطالبين، فإن التقرير يقول إن «بحر الصين الجنوبي سوف يتحول إلى بحيرة صينية افتراضية، مثل البحر الكاريبي أو خليج المكسيك، الذي يتبع الولايات المتحدة الأميركية في الوقت الحالي». ومن شأن ذلك أيضا أن يجعل العمليات البحرية الأميركية في بحر الصين الجنوبي من المقترحات المحفوفة بالمخاطر، إلا من خلال الغواصات العسكرية الأميركية. وكان من المفترض لاستراتيجية إعادة التوازن أن تكون واحدة من أهم أولويات السياسة الخارجية للرئيس أوباما، ولكن الأزمات الدولية الأخرى، بما في ذلك الصراع في منطقة الشرق الأوسط، وصعود تنظيم داعش الإرهابي، إلى جانب التوترات الحالية مع روسيا، قد استحوذت على جُل انتباه واهتمام الإدارة الأميركية الحالية.
وقد يغذي هذا التقرير من الانتقادات الموجهة إلى الرئيس من حيث تجاهله للتهديدات التي يشكلها صعود الصين وعداء كوريا الشمالية. وقد حدد مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ثلاثة أهداف رئيسية للولايات المتحدة في تلك المنطقة: حماية الرعايا والحلفاء الأميركيين، وتعزيز التجارة وفرص التعاون المتبادل، وتعزيز أيضا المعايير الديمقراطية العالمية.
ولكن التقرير قد أعرب عن مخاوفه من أن إعادة التوازن «قد لا يكون كافيا لتأمين وحماية تلك المصالح»، وقال إن تحديد الموارد العسكرية وفق مستويات الميزانية المحددة بموجب قانون مراقبة الميزانية من شأنه «تقييد تنفيذ استراتيجية إعادة التوازن بشدة»، وفي هذا السياق حث التقرير الكونغرس على «صياغة اتفاقية بين الحزبين الكبيرين على المدى الطويل بهدف تمويل الدفاع في المستويات العليا، والتي تلقى قاعدة عريضة من الاتفاق بشأنها».
كما يشكو التقرير كذلك من الارتباك في جميع أنحاء واشنطن ومنطقة آسيا، والمحيط الهادي حول استراتيجية إعادة التوازن، إلى جانب المخاوف حول تنفيذها، ويرجع ذلك جزئيا إلى عدم وجود تقدير مركزي يوضح أبعاد تلك الاستراتيجية. وأوصى التقرير قائلا: «يتطلب التعامل مع ذلك الارتباك في السلطة التنفيذية وضع استراتيجية واضحة ومتماسكة، ومناقشة هذه الاستراتيجية مع الكونغرس إلى جانب حلفاء الولايات المتحدة وشركائها حول العالم».
ولكن ينبغي على الولايات المتحدة كذلك بناء قدرات حلفائها وشركائها في تلك المنطقة للاستجابة والرد على التهديدات المتنامية. وأفاد التقرير أخيرا «أن التحديات الأمنية باتت تتحرك بوتيرة أسرع كثيرا من قدرات دول المنطقة على مواجهتها».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.