لبنان: فرص الانتخابات الرئاسية تتلاشى.. والراعي يطلب وساطة بابا الفاتيكان

الحريري يتلقى اتصالاً من عون ويبحث مع فرنجية إنهاء الشغور وتفعيل المؤسسات

من إحدى الجلسات السابقة للبرلمان اللبناني (غيتي)
من إحدى الجلسات السابقة للبرلمان اللبناني (غيتي)
TT

لبنان: فرص الانتخابات الرئاسية تتلاشى.. والراعي يطلب وساطة بابا الفاتيكان

من إحدى الجلسات السابقة للبرلمان اللبناني (غيتي)
من إحدى الجلسات السابقة للبرلمان اللبناني (غيتي)

على الرغم من زخم الحراك السياسي داخليًا وخارجيًا على خطّ الاستحقاق الرئاسي في لبنان، خصوصًا بعد تبني حزب «القوات اللبنانية» بزعامة الدكتور سمير جعجع ترشيح رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون لرئاسة الجمهورية، فإن مؤشرات نزول الكتل النيابية إلى البرلمان لانتخاب رئيس تتلاشى يومًا بعد يوم. وهنا يشير المراقبون إلى عاملين أساسيين، الأول عدم صدور أي موقف عن حلفاء عون وخصوصًا «حزب الله» من المبادرة «القواتية»، والثاني إعلان عون الصريح استمراره في مقاطعة الجلسات، ما لم يضمن توافر أكثرية نيابية توفّر له الأصوات التي توصله إلى القصر الجمهوري. ولعلّ ذلك ما حمل البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى زيارة الفاتيكان ولقاء البابا فرنسيس، حيث طلب وساطته من أجل «تسهيل إجراء الانتخابات الرئاسية لكي يستعيد لبنان دوره المميز في المنطقة».
مشهدية احتفال المصالحة العونية - القواتية في بلدة معراب (حيث مقر جعجع) التي طوت عقودًا من الصراعات العسكرية والسياسية بين الطرفين خلطت الأوراق لدى فريقي 8 و14، واقتربت من فرط عقد التحالفات القائمة منذ عام 2005 من دون أن تخرق الجدار الرئاسي، فإن الاتصال الهاتفي الذي أجراه عون أمس مع رئيس «تيار المستقبل» (رئيس الحكومة الأسبق) سعد الحريري، وتبعه اتصال آخر أجراه الحريري بالمرشح الرئاسي النائب سليمان فرنجية، طرح أسئلة جديدة عمّا ستذهب إليه الأمور عشية جلسة الانتخاب المحددة في الثامن من فبراير (شباط) المقبل.
فلقد أفاد بيان المكتب الإعلامي للحريري أن الأخير أبلغ عون «ترحيب تيار المستقبل بالمصالحة التي لطالما دعونا إليها وسعينا إلى تحقيقها بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر»، مشيرًا إلى «المبادرات التي سبق وأطلقها، وآخرها مع النائب سليمان فرنجية». وأكد الحريري على «ضرورة النزول إلى المجلس النيابي لإنهاء الشغور في موقع الرئاسة». كما أعلن البيان أن الحريري «أجرى اتصالا بالنائب سليمان فرنجية تم خلاله تقويم آخر الاتصالات والجهود الحالية لوضع حد للفراغ الرئاسي وإعادة تفعيل عمل الدولة ومؤسساتها».
وفي غياب معلومات عن فحوى هذه الاتصالات، أوضح عضو كتلة «المستقبل» النائب عمّار حوري، أن «موقف كتلة المستقبل لم يتغيّر بما خصّ الترشيحات، وهي تدعم كل جهد يقوم به الرئيس الحريري في هذا السياق». وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «نحن رحبنا بمصالحة التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، لكننا ماضون في دعم الوزير سليمان فرنجية». وتابع أن «مصالحة معراب خلقت واقعًا جديدًا مهمًا، وهو أنه بات لدينا مرشحان أساسيان للرئاسة هما عون وفرنجية، وعلينا أن نطبق الديمقراطية، وأن ينزل المرشحان وكل النواب إلى المجلس، ومن يحظى بالأكثرية يصبح رئيسًا للبنان». وعمّا إذا كان نواب «المستقبل» سيحضرون جلسة الانتخاب في 8 فبراير المقبل، أجاب حوري «نحن من يدعو الكتل إلى النزول إلى المجلس، وبالطبع سنحضر، ولم يسبق لنا أن قاطعنا أي جلسة».
إلى ذلك، كشف مصدر في تيار «المرَدة» الذي يرأسه فرنجية لـ«الشرق الأوسط»، أن الأخير «ماضٍ في ترشحه لرئاسة الجمهورية، كما أن الرئيس الحريري لا يزال على موقفه ومتمسّك بمبادرته الداعمة لترشيح فرنجية». ورفض المصدر الكشف عمّا إذا كان نواب «المرَدة» سيشاركون في جلسة انتخاب الرئيس المحددة في الثامن من فبراير المقبل، مؤكدًا أن «القرار عند سليمان فرنجية وحده». وكان البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، التقى البابا فرنسيس في الفاتيكان أمس، وبحث معه الأوضاع في الشرق الأوسط ولبنان، «ولا سيما الحروب في المنطقة وتداعياتها على المسيحيين». وأفاد بيان وزعته بكركي أن اللقاء «شدّد على ضرورة وقف الحرب وعودة النازحين إلى أوطانهم في أسرع وقت، وتطرق البحث أيضا إلى الأوضاع في لبنان والفراغ الرئاسي الذي فرض واقعا مريرًا على اللبنانيين وعلى الحياة السياسية في لبنان». وطلب الراعي «وساطة البابا من أجل تسهيل إجراء الانتخابات الرئاسية لكي يستعيد لبنان دوره المميز في المنطقة، والذي يحرص عليه الفاتيكان كل الحرص». أما حكوميًا، فدعا رئيس الحكومة تمام سلام إلى جلسة لمجلس الوزراء تعقد يوم الخميس المقبل، مع جدول أعمال يتضمن 379 بندًا. لكن سرعان ما أعلن وزراء التيار الوطني الحر (وزراء عون) مقاطعتهم للجلسة، لعدم تضمنها بند التعيينات العسكرية، فيما لم يعرف موقف «حزب الله» الذي قاطع وزراؤه الجلسة الماضية تضامنًا مع حلفائهم في التيار الحرّ.



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.