رضا اليحياوي.. بوعزيزي تونس الجديد

أصيب بصعقة كهربائية أثناء اعتراضه على سحب اسمه من قائمة التشغيل

رضا اليحياوي.. بوعزيزي تونس الجديد
TT

رضا اليحياوي.. بوعزيزي تونس الجديد

رضا اليحياوي.. بوعزيزي تونس الجديد

«ابني ضحية الفساد والتهميش والوعود الجوفاء».. بهذه العبارة لخص عثمان اليحياوي الوضع الذي يواجهه الشبان، بعد أن أشعلت وفاة ابنه خلال تظاهرة في القصرين وسط البلاد موجة من الاحتجاجات الاجتماعية في تونس.
فقد توفي رضا اليحياوي وعمره لا يتجاوز 28 سنة، بعدما أصيب بصعقة كهربائية، السبت الماضي، بعد أن تسلق عمود كهرباء أثناء احتجاجه مع آخرين على سحب اسمه من قائمة التشغيل في القطاع العام. وبعد يومين من الاحتجاجات في المنطقة الفقيرة الواقعة وسط تونس، حيث تستشري البطالة، انتقلت الاحتجاجات على التهميش إلى ولايات أخرى.
ورغم إقالة مسؤول كبير في القصرين بعد وفاة رضا، وفتح تحقيق حول أسباب تعديل قائمة التشغيل. إلا أن عثمان اليحياوي يملك إجابة بسيطة لذلك بقوله: «لولا الفساد لما شطب اسم ابني، ولكان لا يزال حيا الآن. وطالما أن الشبان بحاجة للوساطة والتدخلات للحصول على وظيفة سيموت شباب آخرون مثله».
ففي يوم السبت «الأسود»، كما يقول والده، كان رضا الحامل لدبلوم مهني في الكهرباء يسعى لمقابلة المحافظ لمعرفة لماذا حرم من فرصة عمل. لكن تم تجاهل طلبه، وهذا ما أدى إلى وفاته برأي والده عثمان الذي قال بلهجة متحدية، والذي يشارك منذ السبت الماضي مع مئات آخرين في الاحتجاجات اليومية أمام مقر الولاية «إذا لم أحصل على حق ابني، فأنا مستعد للتضحية بغيره»، وطالب بتعويض مالي عن وفاة رضا، وبأن تعترف السلطات به «شهيدا» مثل 338 من ضحايا الإرهاب وضحايا القمع الدامي للانتفاضة التي جرت في نهاية 2010 ضد نظام زين العابدين بن علي.
وبالمثل، يقول محرز، شقيق رضا والبالغ من العمر 36 عاما، إن «إهمال الدولة لهذه المنطقة المهمشة منذ عشرات السنين» هو السبب في موت أخيه، ويضيف هذا الشاب الباحث عن عمل مؤكدا أن «الوضع الاجتماعي شديد الصعوبة.. والسلطات تدفع الشباب الفقير إلى التوجه نحو الاتجار بالمخدرات أو الإرهاب».
ويشاركه هذا الرأي الكثير من شباب القصرين، حيث يرتسم الفقر على كل شيء فيها، من الطرق المهملة إلى الأحياء المكتظة والمساكن المتهالكة. وفي هذا الصدد يقول إبراهيم، البالغ من العمر 24 عاما والذي ينتعل حذاء مهترئا «نحن هدف سهل للتنظيمات الإرهابية.. ونحن في حالة من التشاؤم والقرف واليأس، حيث إننا يمكن أن نسير خلف الشيطان للخروج من هذا البؤس».
من جهتها، تقول الخريجة الجامعية فوزية الرتيبي: «نعاني الكثير من الظلم، ولم تعد لنا طاقة للاحتمال. لقد طفح الكيل»، وتضيف هذه الشابة، التي تعاني من البطالة منذ ثلاث سنوات، بأنها مستعدة للعمل مقابل 200 دينار في الشهر (90 يورو) حتى تتمكن من شراء الدواء لأمها المريضة.
وأمام هذا المشهد المتكرر بعد خمس سنوات من إحراق البائع المتجول محمد البوعزيزي نفسه في سيدي بوزيد، وانطلاق الثورة على النظام، يقول سليم البالغ من العمر 27 عامًا إن هذا الوضع دليل على أن «سياسيينا لم يفهموا شيئًا».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.