طهران تشرع في إعداد قوائم بـ«المعارضات» و«المجموعات الإرهابية» في سوريا

كُشف عنها مع وصول دي ميستورا لتضاعف العراقيل أمام الحل السياسي

أشخاص من سكان حلب القديمة تظاهروا أمس وسط ركام الدمار الذي يحيط بالمدينة للتعبير عن تضامنهم مع أهالي بلدة مضايا المحاصرة من قبل نظام الأسد (أ.ف.ب)
أشخاص من سكان حلب القديمة تظاهروا أمس وسط ركام الدمار الذي يحيط بالمدينة للتعبير عن تضامنهم مع أهالي بلدة مضايا المحاصرة من قبل نظام الأسد (أ.ف.ب)
TT

طهران تشرع في إعداد قوائم بـ«المعارضات» و«المجموعات الإرهابية» في سوريا

أشخاص من سكان حلب القديمة تظاهروا أمس وسط ركام الدمار الذي يحيط بالمدينة للتعبير عن تضامنهم مع أهالي بلدة مضايا المحاصرة من قبل نظام الأسد (أ.ف.ب)
أشخاص من سكان حلب القديمة تظاهروا أمس وسط ركام الدمار الذي يحيط بالمدينة للتعبير عن تضامنهم مع أهالي بلدة مضايا المحاصرة من قبل نظام الأسد (أ.ف.ب)

وضعت إيران، أمس، عراقيل إضافية أمام المبادرات الآيلة للتوصل إلى حل سياسي في سوريا، إثر إعلان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية حسين جابر أنصاري أن بلاده «تعمل على إعداد قائمة بأسماء المجموعات الإرهابية وأخرى للمعارضات السورية لتقديمها إلى الاجتماع المقبل لمجموعة العمل الدولية حول سوريا».
وتزامن هذا التصريح مع زيارة المبعوث الأممي الخاص بسوريا ستيفان دي ميستورا إلى طهران، غداة زيارته إلى دمشق، والتي أعلن خلالها وزير الخارجية السوري وليد المعلم عن استعداد بلاده للمشاركة في مفاوضات جنيف، المزمع عقدها في 25 من الشهر الحالي، وذلك من ضمن دعم مجلس الأمن الدولي لخطة مدتها 18 شهرا لإنهاء الحرب المستمرة في سوريا منذ خمس سنوات، وخريطة طريق نتجت عن محادثات السلام الدولية التي أطلقت مؤخرا بهدف إنهاء النزاع.
وأدانت المعارض السورية التصريحات الإيرانية بشأن قوائم المشاركين وقوائم المنظمات الإرهابية، التي حدث إجماع بين الدول المشاركة في مؤتمر فيينا الأخير على أنها تتمثل في تنظيمي داعش وجبهة النصرة. ورأى عضو الهيئة العليا للمفاوضات جورج صبرة أن التصريحات الإيرانية بخصوص المعارضة السورية «تشير إلى حجم التطفل الإيراني على الوضع في سوريا، كما تحدد بوضوح من الذي يقرر على الأرض في سوريا وفي القصر الجمهوري السوري»، لافتا، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «التجبّر لدى الإيرانيين بلغ بهم لأن يعبروا علنا عن تدخلهم وتسلطهم في الدول العربية بهذا الشكل».
وقال صبرة: «نضع هذه الحقيقة أمام المجتمع الدولي لمعرفة ما يجري في سوريا»، معتبرا أن «السوريين يقاومون غزوا روسيا واحتلالا إيرانيا، ولم تعد المشكلة في (الرئيس السوري) بشار الأسد ونظامه فقط، بل المشكلة تتمثل كذلك في إيران وأطماعها لأنها اعتبرت سوريا ممرا إلى بلاد العرب».
وأضاف صبرة: «على الأمم المتحدة اليوم، بعد التصريحات الإيرانية ووضوح الرؤية، أن تتساءل عن أي حل سياسي سيكون في سوريا، ومن هي الأطراف التي تريد فعلا الدخول في هذا الحل خصوصا أن إيران التي تتحدث بهذه اللغة عن المفاوضين السوريين والمنظمات التي تريد أن تصنفها إرهابية، هي نفسها التي لم توافق على بيان (جنيف 1)» الذي توصل إليه المفاوضون في جنيف في عام 2012.
وكان أنصاري أعلن في مقابلة مع وكالة «إسنا» الإيرانية أن «هناك قوائم أعدت من جانب السلطات المعنية بأسماء المجموعات الإرهابية والمعارضة»، وقال «نعمل على وضع اللمسات الأخيرة عليها»، مشيرا إلى أن بلاده احتجت على قائمة المجموعات المعارضة والإرهابية التي قدمها الأردن إلى الاجتماع الثالث لمجموعة العمل الذي عقد في نيويورك. وأوضح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أن اللاعبين الرئيسيين «سيشاركون في إعداد القائمة بعدما تم الاتفاق على ذلك»، لافتا إلى أن التوصل إلى اتفاق حولها بسرعة «يعني بدء الحوار السوري السوري في جنيف».
وبحسب وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا)، دعا جابر أنصاري اللاعبين الأساسيين والإقليميين إلى العمل على تسهيل الحوار بين الحكومة والمعارضة على أساس جدول زمني محدد، لافتا إلى أنه لا مكان للمجموعات الإرهابية على طاولة الحوار.
واستبق أنصاري بهذا التصريح وصول ستيفان دي ميستورا إلى طهران، أمس الأحد، حيث اجتمع مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف للبحث في تطورات الأزمة السورية والجهود المبذولة لإنهاء الصراع هناك. ووصل المسؤول الدولي إلى إيران أمس الأحد في إطار جولة إقليمية شملت السعودية وسوريا ولبنان وقطر، تمهيدا لاجتماع أطراف النزاع السوري المقرر في الخامس والعشرين من الشهر الحالي في جنيف.
وبينما لم يُنقل عن دي ميستورا أي تصريح، سُربت أسماء في وسائل إعلام سورية حول الشخصيات التي ستشارك في وفد المعارضة السورية إلى مباحثات جنيف، حيث كان النظام السوري قد اشترط معرفته تلك الأسماء قبل حضورها، وهو ما رسم شكوكا حول ما إذا كان دي ميستورا قد علم بها، أو يريد إبلاغ الإيرانيين بها.
لكن مصادر بارزة في المعارضة السورية نفت أن يكون المبعوث الدولي على اطلاع على قائمة وفد المعارضة، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أنه «من حق المعارضة تقديمها في الوقت المناسب». وأكدت المصادر أنه «لن تقدم القائمة قبل إزالة جميع العقبات وتوفير المناخات الملائمة لبدء المفاوضات، وتنفيذ البنود 12 و13 و14 من القرار الدولي 2254 لتكون بمثابة بادرة حسن نية من النظام تستبق مفاوضات جنيف»، مشددة على أن تلك القرارات «هي واجبة التنفيذ فورا حسب قرار مجلس الأمن، وتمثل معيار المصداقية للشروع بأي حل سياسي».
وعن الأسماء المسربة قالت المصادر إن هناك قائمتين من المتدربين على أصول التفاوض، أعدت القائمة الأولى، أما القائمة الثانية فستتضمن 30 اسما، موضحة أن الوفد المفاوض «سيتم اختياره من المتدربين ومن خارج قوائم المتدربين أيضا».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.