نيجيريا تتجه لإلغاء دعم الوقود المثير للجدل في عام 2016

عملاق النفط الأفريقي يُخفض أسعار البنزين محليًا

نيجيريا تتجه لإلغاء دعم الوقود المثير للجدل في عام 2016
TT

نيجيريا تتجه لإلغاء دعم الوقود المثير للجدل في عام 2016

نيجيريا تتجه لإلغاء دعم الوقود المثير للجدل في عام 2016

بعد سنوات من الجدل حول قضية دعم الوقود وارتفاع سعر البنزين في نيجيريا، ووسط معاناة نيجيريا الاقتصادية من تفاقم الخسائر الناتجة عن التراجع الكبير في أسعار النفط العالمية، أعلنت الحكومة النيجيرية عن عزمها تخفيض تكاليف البنزين وإلغاء دعم الوقود بموجب آلية تسعير جديدة ليدخل حيز التنفيذ من يناير (كانون الثاني) المُقبل.
وقال إيمانويل ايبي كاتشيكو، وزير البترول النيجيري، والذي يشغل أيضًا منصب العضو المنتدب لشركة البترول الوطنية المملوكة للدولة، إن الأسعار ستتراجع إلى 85 نايرا لكل لتر من 87 نايرا.
وعلى الرغم من إعلان الحكومة الاتحادية انخفاض سعر البنزين من 97 نيرا إلى 87 نيرا للتر الواحد في يناير من هذا العام، بتخفيض 10 نيرات نتيجة لانخفاض أسعار النفط الخام في السوق الدولية، يتطلع المستهلكون إلى مزيد من الخفض بعد وصول سعر البرميل في السوق العالمية لأقل من 40 دولارًا للبرميل.
ويعتبر سعر لتر البنزين في نيجيريا الأغلى بين الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك)، حيث تبيع فنزويلا لتر البنزين بما يوازي سنتين، وليبيا بـ14 سنتًا، والمملكة العربية السعودية بـ15 سنتًا، والجزائر بـ20 سنتًا، والكويت بـ21 سنتا، والبحرين بـ26 سنتا، وقطر بـ27 سنتا، وإيران 32 سنتا، وأخيرا نيجيريا بـ42 سنتا، وفقًا لبيانات «Global Petroleum Prices».
وفي حين يُمثل تراجع أسعار النفط وخفض الإيرادات مصدر إزعاج لسوق العملات وأسهمها، فهي تقدم أيضًا فرصة للحكومة لإنهاء الإعانات التي تكلف الميزانية نحو 7 مليارات دولار في السنة. فقد كان دعم الوقود مصدرا للجدل، كما تم ربطه بكل قضايا الفساد وندرة الوقود في السنوات الأخيرة.
وقد تسبب في أزمة نقص الوقود في مايو (أيار) الماضي بسبب فشل أكبر منتج للنفط في أفريقيا في دفع فواتير تصل إلى مليار دولار من مدفوعات دعم الوقود.
ورغم استفادة المستهلك المحلي من تراجع أسعار البنزين، تضررت نيجيريا، التي تشكل صادراتها من النفط نحو 90 في المائة من إجمالي الإيرادات، بشدة من انخفاض سعر النفط، ومن المتوقع أن يتضاعف عجز الميزانية إلى 2.2 تريليون نايرا (نحو 11 مليار دولار) العام المقبل. ورغم العجز المتوقع، ففي إطار خطة التنمية في البلاد، أعلن الرئيس النيجيري خطط لزيادة الإنفاق بنسبة 20 في المائة في العام المقبل عن طريق الاقتراض بشكل كبير وسط تراجع أسعار النفط. وقال محمد بخاري، في أول ميزانية له منذ توليه الحكم في مايو، إنه سيمضي في إنفاق 32 مليار دولار في عام 2016 على البنية التحتية والاقتصاد، موضحا أن الحكومة تسعى للحصول على تمويل من الخارج بنحو 900 مليار نايرا.
وتعتمد نيجيريا، أكبر منتج للنفط في أفريقيا، على واردات الوقود لتلبية الاحتياجات المحلية منذ أن بدأت مصافيها في إنتاج 445 ألف برميل فقط يوميًا من النفط المُكرر بعد عقود من سوء الصيانة والفساد وسوء الإدارة. ومن المرتقب أن تبدأ مصفاة النفط الرئيسية في بورت هاركورت الإنتاج الأسبوع المقبل بعد الانتهاء من الإصلاحات، وفقًا لبيان صدر عن وزارة النفط النيجيرية الجمعة الماضية.
وللحفاظ على تلبية الاحتياجات المحلية من الوقود، تعتمد شركة النفط الوطنية النيجيرية على واردات من قبل تجار تجزئة الوقود الأخرى، الذين يحصلون على فارق السعر بين التكاليف وأسعار ضخ الخام الثابتة. كما أن لديها اتفاقات مع عدة شركات تكرير في الخارج لمبادلة المنتجات المكررة للخام.
وفي الوقت نفسه، في محاولة لإنهاء حالة ندرة الوقود الحادة في جميع أنحاء البلاد، تستأنف شركة كادونا (KRPC) للتكرير والبتروكيماويات، إنتاج نحو 1.5 مليون لتر إضافي من الوقود التي سيتم ضخها في السوق المحلية.
وتتوقع الحكومة النيجيرية جني 820 مليار نايرا (4 مليارات دولار) من صادرات النفط في عام 2016، على أساس افتراض إنتاج 2.2 مليون برميل يوميًا بسعر 38 دولارًا للبرميل. ذلك مقارنةً مع عائدات متوقعة بنحو 3.9 تريليون ناير (19 مليار دولار) بنهاية العام الحالي وسط معدل إنتاج بلغ 2.28 مليون برميل يوميًا بمتوسط سعر 53 دولارًا للبرميل.
ويتنبأ تقرير مشاورات المادة الرابعة مع إيران، الصادر من قبل المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي، بأن سعر النفط قد ينخفض إلى ما بين 5 و15 دولارًا في عام 2016 نظرًا للرفع المحتمل للعقوبات الاقتصادية على إيران وقدرة الدولة المنتجة للنفط في الشرق الأوسط على ضخ مليون برميل إضافي من النفط الخام يوميًا.
وتراجعت أسعار خام منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) بنحو 50 في المائة، منذ أن رفضت المنظمة خفض الإنتاج في اجتماع 2014 في فيينا، لتتراجع من 110 دولارات إلى أقل قليلاً من 38 دولارًا مطلع الأسبوع الحالي.
ووصف محللون تقرير صندوق النقد الدولي بأنه أسوأ سيناريو يُمكن أن تواجهه نيجيريا، ذلك بعد أن حددت الحكومة أسعار النفط الخام في موازنة عام 2016 عند 38 دولارًا للبرميل الأمر الذي قد يضع البلاد في مأزق، وفقًا للمحليين.
وأوضح مودا يوسف، مدير عام غرفة آغوس للتجارة والصناعة، أنه «إذا ذهب سعر النفط إلى 20 دولارا للبرميل كما هو متوقع، سيكون التأثير على الاقتصاد النيجيري صعبا للغاية بالنظر إلى أن الميزانية المقترحة للعام المقبل تقيس سعر النفط عند 38 دولارا للبرميل. وذلك يتطلب تحليل الاتجاهات الحالية من قبل الحكومة على أن تقوم بتفعيل بعض التعديلات.
وقال يوسف، في تصريحات صحافية: «قد تميل الحكومة للاقتراض أكثر من ذلك، ولكن الاقتراض ليس خيارًا مستداما، فلدينا بالفعل عجز قياسي بلغ 2.2 تريليون نايرا، بينما تُمثل تكاليف خدمة الدين نحو 1.3 تريليون نايرا بما يُعادل 35 في المائة من العائدات».
أما بسمارك ريوناي، العضو المنتدب لشركة المشتقات المالية، فقال في مقابلة يوم السبت الماضي، إن وصول النفط لسعر 20 دولارًا يعني أن نيجيريا لم يعد لديها هامش ربح لتصدير النفط. موضحًا أن هناك خيارات أخرى متاحة للحكومة الاتحادية للبقاء على قيد الحياة. مشيرا إلى أن آخر تصريح صدر من قبل الحكومة الاتحادية لإلغاء نظام دعم الوقود يأتي في الوقت المناسب.
ووفقًا لأديمولا، مدير شركة «BGL PLC» ، فإن «هناك عددا قليلا من الخيارات المتاحة للحكومة لتغطية الخسائر المحتملة من عائدات النفط». موضحًا أن الحكومة قد تلجأ إلى رفع الضرائب والجبايات والرسوم. ولكن في حين أن هذا قد يبدو وكأنه بديل جذاب، فإنه يؤدي إلى النظر إلى نيجيريا على أنها دولة مضادة للاستثمار. وأضاف أديمولا أن الحكومة يمكن أن تركز على خفض التكاليف من خلال تقليل تكاليف الإدارة، والتي قد تؤدي أيضا إلى تخفيضات في الرواتب أو ترشيد الموظفين.

*الوحدة الاقتصادية بـ«الشرق الأوسط»



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.