المعارضة السورية تنفي سيطرة النظام على مدينة الشيخ مسكين وتؤكد صدّ الهجوم وقتل قائده

قوات الأسد تستعيد بلدة مهين.. وروسيا تقصف مخيمًا للنازحين في معرة النعمان

المعارضة السورية تنفي سيطرة النظام على مدينة الشيخ مسكين وتؤكد صدّ الهجوم وقتل قائده
TT

المعارضة السورية تنفي سيطرة النظام على مدينة الشيخ مسكين وتؤكد صدّ الهجوم وقتل قائده

المعارضة السورية تنفي سيطرة النظام على مدينة الشيخ مسكين وتؤكد صدّ الهجوم وقتل قائده

أعلن الجيش السوري النظامي أن قواته دخلت مدينة الشيخ مسكين الخاضعة لسيطرة المعارضة في محافظة درعا بجنوب سوريا، وسيطرت على ساحتها الرئيسية وعلى الأحياء الشرقية والشمالية للمدينة التي تقع على طريق إمداد رئيسي من دمشق إلى درعا، إلا أن المعارضة المسلحة سارعت إلى نفي هذه المعلومات، وأكدت أنها شنّت هجومًا معاكسًا تصدت فيه لقوات النظام، وأشارت إلى أن الهجوم الذي نفذه جيش النظام والميليشيات التابعة له كان مدعومًا بأعنف حملة قصف جوي روسية في الجنوب حتى الآن. ورأى عضو المجلس العسكري في «الجيش السوري الحر» أبو أحمد العاصمي أن «المعلومات التي روّج لها النظام غير دقيقة ومبالغ فيها»، معتبرًا أنها «محاولة منه للبحث عن نصر وهمي».
العاصمي قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «قوات النظام مدعومة بمجموعة كبيرة من مقاتلي (حزب الله) شنت هجومًا واسعًا من الجهة الشمالية الغربية لمدينة الشيخ مسكين، ودارت اشتباكات عنيفة مع الثوار بدأت قبل ظهر (أول من ) أمس واستمرت حتى المساء، وحققت بعض التقدم، لكن فصائل المعارضة سرعان ما شنت هجومًا معاكسًا وأجبرت القوات المهاجمة على التراجع». وتابع عضو المجلس العسكري لـ«الجيش الحر» في تصريحه: «تمكن الثوار من إيقاع قوات النظام في كمين عند الجهة الشرقية للشيخ مسكين، وحاصروا مجموعة من ضباط وجنود النظام، وتمكنوا من قتل قائد عمليات الفرقة الخامسة في قوات النظام، وهو ضابط برتبة رائد من آل العلي». وأردف أن الطيران الحربي الروسي لعب دورًا كبيرًا في تأمين الغطاء الجوي للقوات المهاجمة، ونفّذ أكثر من 90 غارة على منطقة جغرافية محصورة ومحدودة، لكن بعد أن استنفد مهمته وباتت خطوط التماس قريبة جدًا انتهى دوره، فجاء الهجوم المعاكس الذي كبّد خلاله الثوار قوات النظام ومقاتلي حزب الله أكثر من 30 قتيلاً، واستولوا على مدرعة «شيلكا» ودبابة «ت 52» وإعطاب دبابة أخرى، وغنيمة أسلحة خفيفة ومتوسطة.
وفي مدينة حمص في وسط سوريا، نقل «مكتب أخبار سوريا» عن مصدر عسكري معارض، فضل عدم الكشف عن اسمه، أن «القوات النظامية المتمركزة في الجزيرة السابعة قامت بقتل شابين قنصا وإصابة آخر بجروح داخل حي الوعر، في خرق واضح لاتفاق الهدنة المبرم بين الطرفين، ما دفع اللجنة إلى الإيعاز للفصائل المعارضة الموجودة في الحي إلى إغلاق طريق المهندسين ومنع حركة مرور الأهالي عبره». وقال المصدر: «إن جبهة الجزيرة السابعة تخضع لسيطرة ميلشيا (أبو الفضل العباس) التي تقاتل إلى جانب القوات النظامية، والتي أعلنت عند إبرام اتفاق الهدنة معارضتها له».
أما ريف محافظة حمص فكان مسرحًا لعمليات عسكرية، حيث استعادت القوات النظامية مدعومة بغطاء من الطيران الروسي السيطرة على بلدة مهين في ريف حمص الشرقي بعد اشتباكات مع تنظيم داعش مساء الثلاثاء. ويأتي ذلك بعد يوم واحد من سيطرة النظام على المستودعات العسكرية لبلدة مهين وجبليها الكبير والصغير، عقب معارك استمرت أكثر من ثلاثة أيام مع التنظيم، لتصبح البلدة تحت نيران القوات النظامية.
وفي السياق، شن الطيران الحربي الروسي أمس عشرات الغارات على مدينة تدمر الخاضعة لسيطرة «داعش»، وتركز القصف على أحياء الجمعية الغربية ومنطقة الصناعة والبيارات وقلعة تدمر الأثرية، ما أدى إلى أضرار مادية في المناطق المستهدفة.
إلى ذلك، قتل أربعة مدنيين وأصيب آخرون بجروح أمس، في قصف للطيران الروسي على مخيم للنازحين قرب قرية الشيخ مصطفى في ريف مدينة معرة النعمان الخاضعة لسيطرة المعارضة بجنوب محافظة إدلب. وقال أيمن الحاج يوسف عضو فريق الدفاع المدني في مدينة معرة النعمان إن الطيران الروسي «نفذ غارتين بالصواريخ الفراغية على مخيم عابدين الواقع بالقرب قرية الشيخ مصطفى، ما أدى إلى مقتل أربعة مدنيين جميعهم من نازحي ريف حماه الشمالي، وإصابة ما لا يقل عن عشرة آخرين بجروح مختلفة».
من جهة أخرى، أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن توثيق «مقتل 2371 مدنيًا ومقاتلا منذ 30 سبتمبر (أيلول) حتى فجر (أمس) الأربعاء جراء آلاف الغارات الجوية الروسية التي استهدفت محافظات سورية عدة، منذ بدء موسكو حملتها الجوية المساندة لقوات النظام». ويتوزع القتلى وفق الحصيلة الجديدة التي نشرها المرصد أمس إلى 792 مدنيًا سوريًا، بينهم 180 طفلا (دون 18 سنة) و116 سيدة، بالإضافة إلى 1579 مقاتلا، بينهم 655 عنصرا من تنظيم داعش و924 مقاتلا من الفصائل الإسلامية والمقاتلة وبينها جبهة النصرة والحزب الإسلامي التركستاني.
ومعلوم أن روسيا تنفي باستمرار أن تكون غاراتها الجوية تستهدف مدنيين سوريين، وتدحض صحة التقارير التي توردها منظمات دولية وحقوقية في هذا الإطار.
ولقد اتهمت منظمة العفو الدولية في تقرير أصدرته الأسبوع الماضي موسكو بقتل «مئات المدنيين والتسبب بدمار هائل في سوريا جراء الغارات الجوية التي تشنها على مناطق سكنية. واعتبرت أن هذه الغارات «ترقى إلى حد كونها جرائم حرب». وكشفت المنظمة عن توثيقها «أدلة تشير إلى استخدام روسيا للذخائر العنقودية المحظورة دوليا والقنابل غير الموجهة في مناطق سكنية مكتظة في سوريا». كذلك نددت منظمة «هيومان رايتس ووتش» في تقرير أصدرته في 20 ديسمبر (كانون الأول) الحالي بـ«الاستخدام المتزايد للقنابل العنقودية في سوريا خلال العمليات العسكرية التي تقودها روسيا وقوات النظام ضد الفصائل المقاتلة منذ 30 سبتمبر الماضي».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».