مطعم الاسبوع : «فريدا».. مطعم بيروتي يجمع تنوّع المطبخ المكسيكي مع أصالة {اللبناني}

ديكوراته مستوحاة من حياة الفنانة «كاهلو»

ديكورات فنية جميلة تعكس حياة فنانة مكسيكية شهيرة، مازة مكسيكية غنية.
ديكورات فنية جميلة تعكس حياة فنانة مكسيكية شهيرة، مازة مكسيكية غنية.
TT

مطعم الاسبوع : «فريدا».. مطعم بيروتي يجمع تنوّع المطبخ المكسيكي مع أصالة {اللبناني}

ديكورات فنية جميلة تعكس حياة فنانة مكسيكية شهيرة، مازة مكسيكية غنية.
ديكورات فنية جميلة تعكس حياة فنانة مكسيكية شهيرة، مازة مكسيكية غنية.

بيت لبناني بامتياز، إذ يقع مطعم «فريدا» (Frida)، في الطابق الأول من عمارة مصابني، وسط أحد أحياء منطقة الأشرفية الموازي لحي مار نقولا العابق بالعمارة التراثية.
ما أن تدخل المطعم من بابه الرئيسي الذي يطلّ على الشارع العام، حتى تشعر وكأن الرسّامة المكسيكية المعروفة فريدا كاهلو تستقبلك شخصيا. فأول صالة تطأها قدماك يحمل الحائط الأساسي فيها، صورة لها رسمت باليد، لتبدو وكأنها تجلس في انتظارك منذ وقت طويل.
فهذه الرسامة التي عرفت كيف تتعالى على آلامها إثر حادث سير تعرّضت له عندما كانت تستقلّ الباص إلى منزلها، فأبقاها طريحة الفراش لعام كامل. وجدت في ريشة الرسم خير رفيق لتجاوز تلك المحنة، فرسمت كل تلك الفترة من حياتها، فتركت خلفها إرثا في الفن التشكيلي ما زال يدرّس في الجامعات والمعاهد.
أما آندريه مطر صاحب المطعم، فقد اختار له اسم تلك الرسّامة، كونه معجبا بفنّها من ناحية، وكون الاسم في العربية يعني الفرادة في النوعية، وهو الانطباع الذي كان يرغب في أن يغمر زبون المطعم عندما يتذوّق أطباقه.
يتألّف المطعم من خمس غرف منفصلة عن بعضها البعض، تعرف كل واحدة منها باسم اللوحة الزيتية التي تتصدّرها. فكما هناك غرفة «الطيور» كون أحد حيطانها يحمل تلك الرسمة للفنانة المكسيكية، فإن غرفة «الفساتين» تحمل عددا من رسومات أزيائها. أما غرفتا الـ«باص» و«السرير»، فقد تزيّنتا أيضا بنُسخ من لوحات فريدا كاهلو والتي تروي فيها حياتها بأسلوبها الخاص. فيما تعرف الصالة الأساسية باسم «فريدا» كونها تحتضن رسما شخصيا لها. كل شيء في هذا المنزل القديم ترك على ما هو عليه، مما أضفى على أجوائه دفئا وحميمية. فكما في بلاط الموزاييك الذي يغطّي أرضه، كذلك في نوافذه الخشبية البيضاء العالية ذات القبضة الحديدية على شكل اليد، وصولا إلى شرفتيه. فالكبيرة منها حوّلها صاحب المطعم إلى تيراس يستقبل الزبائن في الهواء الطلق ويتسّع لنحو عشرين شخصا. والشرفة الصغيرة التي لا تزيد مساحتها عن الثلاثة أمتار، فقد تركّزت فيها طاولة واحدة تتّسع لشخصين فقط، عادة ما يجلس عليها حبيبان أو زوجان يريدان الاحتفال بمناسبة خاصة في قعدة تجمعهما وحدهما.
أما أسقفته العالية فقد تدلّت منها إنارة خفيفة من خلال المصابيح ذات الشراشيب الحمراء المستوحاة من بلاد المكسيك. وقد تركت الأسلاك الكهربائية التي تربطها ببعضها البعض ظاهرة للعيان، بحيث شكّلت بذلك عنصرا من عناصر الديكور الأنتيكا. وتتنوّع القعدات في مطعم «فريدا» لتشمل الأريكة الجلدية ذات المقعد الطويل الأخضر، كما الكراسي البنيّة الخشبية، والمبطّنة قعداتها بالقماش المخملي من اللون نفسه.
ومن خزانة زجاجية صغيرة تلفتك على المدخل، وتحتوي على أفخر أنواع السيجار الكوبي والمكسيكي، وكتاب يحكي سيرة حياة الرسامة المكسيكية، إلى صندوق خشبي وضع في قربها، رسم عليه جمهرة من الناس أثناء احتفالهم بمهرجان مكسيكي، وإذا أمعنت نظرك فيه فستجد من بينهم «فريدا».
وبعد أن تختار الجلسة في الغرفة التي تعجبك، يبدأ مشوارك الحقيقي في المطعم والهادف إلى تناول أطباقه اللبنانية المكسيكية.
أول ما يلفتك في لائحة الطعام التي يقدّمها لك نادل المطعم، هي الخانة التي تحمل اسم «المرقوق». ففيها أطباق مكسيكية استبدل فيها خبز المنشأ المعروف بالـ«تورتيا» بالخبز اللبناني العريق ألا وهو خبز الصاج المعروف بالـ«مرقوق». ولإعطائه حقّه في هذا المجال، فقد اختار القيمون على المطعم تقديم «سلّة المرقوق» (مصنوعة من القشّ) وفيها أصناف من هذا الخبز المصنوع على الصاج، ومنها العادي وكذلك المجبول مع السماق أو الزبيب أو الصعتر.
ومن بين الأطباق المرتبطة بهذا النوع من الخبز، الـ«كسادياس» المؤلّف من الفلفل الأخضر والأحمر والفطر والبصل، والذي يقدّم معه «الغواكامولي» (صلصة الأفوكادو) و«الساور كريم». أما طبق «مرقوق فريدا» فهو يحتوي على شرائح الدجاج المشوية والبطاطا «الويدج»، مع الثوم وجبنة الشيدر وصلصة «بيكو دي غايو» المكسيكية.
وفي خانة المازة الباردة ستحتار أي أطباق تختار منها. «فريدا رولز» وهي كناية عن قطع رقاقات محشوة بالخضار، أما «خيار فريدا» فهو طبق يحتوي على عدد من قطع الخيار المحشوة باللبنة المنكّهة بالسماق والصعتر. وتطول اللائحة لتتضمن «حمص فريدا» و«متبّل فريدا» و«ملسة نيّة فريدا» (الكبّة النيّئة بالفستق والصنوبر والأعشاب). أما في ما يخصّ السلطات فهناك «سلطة فريدا» المؤلّفة من الروكا والباذنجان والأفوكادو والكزبرة مع البصل الأخضر والفلفل الأحمر، وإلى جانبها صلصة دبس الرمان. وتحتوي سلطة «الأفوكادو والبقلة» الصنفين المذكورين، إضافة إلى الخيار والرمان والصنوبر التي تقدّم مع صلصة الرمان بالليمون.
وفي المازة الساخنة ستحبّ أن تتذوّق «توشكا فريدا»، وهو طبق حلبي المنشأ، تم تحديثه ليتطابق مع خط الطعام المقدّم في المطعم، ليحتوي على خبز محمّص محشو بالكباب الحلبي وجبنة الحلّوم. وتطول هذه اللائحة لتتضمن أيضا أطباقا أخرى كالـ«كبة بالكرز» و«قصبة الدجاج» مع ورق الغار وحلّوم مكسيكي (جبنة الحلوّم المشوية مع صلصة البندورة المكسيكية)، والسجق بالبندورة والنقانق مع فلفل الـ«jalapenos» المعروف في المكسيك وإسبانيا.
وفي خانة «مطبخ فريدا المكسيكي»، تطالعك أصناف طعام انتقيت من بلاد «فريدا». فتجد «الربيان بالشوريتزو» (مع الحامض والبقدونس والثوم)، والسمك المشوي على الطريقة المكسيكية مع الصنوبر وصلصة البندورة، و«مشاوي دييغو» المشكّلة (قطع من الدجاج واللحم والربيان متبلة بالأناناس والشوريتزو) وتقدّم مع صلصة البندورة، وطبق «فريدا غواكامولي» وهو عبارة عن لحم فاهيتا مع الفلفل الأخضر والأحمر وجبنة الشيدر والفطر والبصل.
ولن تستطيع أن تفلت من أطباق الحلوى اللذيذة التي ستكون «مسك الختام» بالنسبة لك. وبينها فخارية الشوكولاته مع مثلّجات (آيس كريم) راحة الحلقوم، وتشكيلة «مراطبين فريدا» وهي كناية عن أوعية زجاجية صغيرة مقفلة تفتحها بنفسك، لتتذوق منها «القشطلية» بمربّى الورد، و«الأرز بالحليب» مع القرفة، و«عيش السرايا» بالفستق. وكذلك في إمكانك أن تتحلّى بـ«كريما كاتالانا» و«البسكويت بالشوكولاته والورد».
وتخرج من مطعم «فريدا» بصعوبة، فكل شيء فيه يناديك كي تعود إليه مرة ثانية. خصوصا أنك تكون قد أمضيت وقتا ممتعا مع الأصدقاء، في أجواء فنيّة تثقيفية وأنت تتناول أطباقا شهيّة. فتنشغل حواسك الخمس بشكل مباشر لما يقدّمه لك من لوحات بصرية، تصبّ في موضة الدمج (fusion) الرائجة حاليا في المطابخ العالمية.



«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».