باحث جزائري في الشؤون الأمنية يعتبر «دواعش ليبيا» أكبر خطر يواجه أمن الجزائر في 2016

قوي بوحنية لـ {الشرق الأوسط}: بوكو حرام والمرابطون والملثمون عازمون على إطالة عمر الأزمة في مالي

باحث جزائري في الشؤون الأمنية يعتبر «دواعش ليبيا» أكبر خطر يواجه أمن الجزائر في 2016
TT

باحث جزائري في الشؤون الأمنية يعتبر «دواعش ليبيا» أكبر خطر يواجه أمن الجزائر في 2016

باحث جزائري في الشؤون الأمنية يعتبر «دواعش ليبيا» أكبر خطر يواجه أمن الجزائر في 2016

يتوقَع خبير أمني جزائري، تعرض بلاده لعمليات إرهابية في العام الجديد بسبب التهديدات في ليبيا التي تجمعها حدود مشتركة بطول ألف كلم. ويعدَ التنظيم الإرهابي «داعش» أكبر تحدٍ بالنسبة للسلطات الجزائرية، بسبب تغلغله في مناطق واسعة من الجارة الشرقية.
وقال قوي بوحنية الباحث في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، وأستاذ بجامعة العلوم السياسية بورقلة (جنوب الجزائر)، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الظروف الإقليمية المحيطة بالجزائر ستشهد تعقيدات أكثر حدة، فالحالة الليبية تشير إلى تفاقم الوضع وكما هو معلوم فليبيا وتونس، تشكلان خاصرة رخوة بالنسبة للجزائر. وقد أكدت الوقائع سيطرة الميليشيات المسلحة على الوضع في ليبيا، وتغوَل الجماعات المتطرفة، التي تجاوز عددها الـ100 تنظيم، زيادة على تمدد داعش في منطقة درنة وبني وليد. كل هذه الأطراف المسلحة هي بمثابة عائق أمام العملية السياسية الجارية في ليبيا».
ورمت الدبلوماسية الجزائرية بكامل ثقتها في جولات الحوار بين الأحزاب السياسية في ليبيا، التي أفضت الأسبوع الماضي إلى اتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية. وتريد الجزائر من وراء ذلك، أن تتكفل الحكومة الجديدة بترتيب الشؤون الأمنية للبلاد لتنطلق في مرحلة ثانية إلى نزع أسلحة الميليشيات، وحشد الإمكانيات لمحاربة «داعش». غير أن الباحث بوحنية يرى أن «الوضع ليس بالسهولة التي يتوقعها المسؤولون الجزائريون، فالحكومة الليبية المنتظرة لن تحظى بتأييد كل الأطراف المتصارعة في الميدان، التي ستبقى تسيطر على الوضع لفترة طويلة».
يشار إلى أن الجزائر ترفض بشكل قاطع، مشاركة جيشها في عمليات مطاردة ضد الإرهابيين في دول الجوار مثل مالي وليبيا، بحجة أن عقيدة الجيش تتمثل في حماية أمن البلاد داخل حدودها فقط. وهذا التصور يلقى انتقادا من طرف قطاع من الطبقة السياسية في الجزائر.
وعبر وزير الخارجية الجزائري، رمضان لعمامرة في مناسبات كثيرة، عن رفض بلاده تدخل أي بلد أجنبي عن المنطقة في الشأن الليبي. وهو طرح تدعمه بقوة تونس، التي ترى أنها أول متضرر، بعد ليبيا، من تدخل قوات حلف شمال الأطلسي في 2011. ونشر الجيش الجزائري الآلاف من أفراده على الحدود مع ليبيا خوفا من تسلل إرهابيين وتهريب السلاح. وفي يوليو (تموز) الماضي، هدد ثلاثة متطرفين جزائريين ينتمون لـ«داعش» في سوريا، الجيش الجزائري بشن اعتداءات عليه. وتأخذ الأجهزة الأمنية هذه التهديدات على محمل الجد.
ويرى قوي بوحنية أن «الإشكالية الكبرى أن تونس، وإن نجحت سياسيا، تعاني من هشاشة وضعها الأمني وحالة من القلق، والدليل على ذلك تمديد حالة الطوارئ ومقتل 18 من قيادة النخبة في الحرس الرئاسي الجمهوري التونسي. وهذه المؤشرات غير الإيجابية، تزيد من مخاوف القادة الأمنيين الجزائريين الذين يرون أن نشاط المسلحين في تونس يشكل خطرا على الأمن القومي الجزائري، الذي هو أصلا مهدد من الداخل».
وتابع الباحث بوحنية: «كما أن الحالة في دولة مالي لا تزال غير مستقرة، وجماعات بوكو حرام وتنظيما الملثمون والمرابطون، بقيادة المسلح الجزائري مختار بلمختار، عازمون على إطالة عمر الأزمة في مالي وما الاعتداء على الفندق في قلب العاصمة باماكو مؤخرا إلا دليل على ذلك. إذن التهديدات في مالي تشكل هي أيضا مصدر خوف يؤرق المسؤولين الجزائريين».
ويقول الجيش الجزائري إنه استأصل شأفة «جند الخلافة في الجزائر»، الذي نشأ في صيف 2014 معلنا ولاءه لزعيم «داعش»، غير أن شحنة السلاح الحربي التي تم اكتشافها في شقة بالقرب من قصر الحكومة بالجزائر العاصمة، الشهر الماضي، تؤكد بأن هناك مخططا يجري الإعداد له لتنظيم عملية إرهابية «استعراضية». يشار إلى أن السلاح، وهو من صنع أميركي، مصدره ليبيا بحسب ما ذكره الدرك الجزائري.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.