القوات العراقية تبدأ عملية استعادة الرمادي

«داعش» يمنع السكان من مغادرة المدينة

القوات العراقية تبدأ عملية استعادة الرمادي
TT

القوات العراقية تبدأ عملية استعادة الرمادي

القوات العراقية تبدأ عملية استعادة الرمادي

أعلن رئيس أركان الجيش في القوات المسلحة العراقية أمس أن عملية عسكرية ستبدأ لاستعادة السيطرة على مدينة الرمادي من متشددي تنظيم داعش.
وفي الوقت الذي تدور فيه رحى المعارك الشرسة بين القوات الأمنية العراقية ومسلحي تنظيم داعش لتحرير مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار، تستمر محاولات الآلاف من المدنيين المحاصرين داخل الأحياء السكنية وسط مدينة.
وتحاول القوات العراقية بشتى الطرق إنقاذ تلك العائلات عبر تأمين منافذ آمنة لخروجهم من المدينة.
وقال المتحدث الرسمي بلسان قيادة العمليات المشتركة العميد يحيى رسول أمس إن «مسلحي تنظيم داعش يمنعون المدنيين من مغادرة مدينة الرمادي، ولكن هناك عائلات استطاعت الفرار من قبضة التنظيم الإجرامي ووصلت إلى قطعاتنا العسكرية التي أمنت لهم عملية النقل إلى مناطق في مدينة الخالدية وقدمت لهم المساعدات الفورية».
وأشار رسول إلى أن «مسلحي تنظيم داعش لا يتجاوز عددهم 300 إرهابي، يتحصنون داخل المدينة ووسط الأهالي، بينما تدور الآن معارك هي أشبه بحرب الشوارع بين القوات العراقية ومسلحي (داعش) في كثير من المناطق وسط المدينة».
وتابع المتحدث أن «قوات الجيش دخلت المناطق السكنية وتعاملت مع قناصة يتمركزون فوق أسطح المنازل والأبنية، بينما شهدت مناطق أخرى في شرق المدينة وغربها اشتباكات استخدمت فيها قاذفات الصواريخ، من أجل القضاء الكامل على عناصر التنظيم الإرهابي واستعادة السيطرة بشكل كامل على الرمادي، كبرى مدن محافظة الأنبار ومركزها».
ومن جانبه، أعرب متحدث باسم وزارة الدفاع العراقية، نصير نوري، أمس لوكالة «رويترز» عن أن «مقاتلي تنظيم داعش يمنعون المدنيين من مغادرة مدينة الرمادي قبل هجوم مزمع للجيش العراقي يهدف إلى انتزاع السيطرة على المدينة الغربية التي سيطر عليها المتشددون في مايو (أيار) الماضي»، مضيفا أن «هناك عائلات استطاعت الفرار من عصابات (داعش)، وهناك معلومات مخابرات ترد من داخل المدينة تفيد بأن المتشددين يمنعون العائلات من المغادرة ويعتزمون استخدامها كدروع بشرية».
وفي سياق متصل عبّر كثير من المدنيين المحاصرين داخل مدينة الرمادي عن حيرتهم في كيفية التخلص من قبضة المسلحين والتوجه إلى المنافذ التي حددتها القوات الأمنية لهم.
وقالت أم محمد، من السكان العالقين في منطقة الثيلة وسط مدينة الرمادي: «إننا في حيرة من أمرنا ونواجه صعوبات كبيرة في كيفية الخروج من المدينة، خصوصًا وأن مسلحي التنظيم الإرهابي قاموا بإعدام كثير من الرجال الذين اصطحبوا عائلاتهم إلى تلك المنافذ، فدب الرعب في قلوب كثير من المواطنين، ولذلك قررنا البقاء مجبرين». وأضافت أم محمد أن «مسلحي التنظيم قاموا بإبلاغ الأهالي بمنع وضع الرايات البيضاء فوق المنازل، ومن يعصِ تلك الأوامر فمصيره الموت، الآن نحن نعيش الرعب إضافة إلى العوز وانعدام المواد الغذائية والطبية، ونناشد الجميع إنقاذنا من هذه المأساة، أصوات الرصاص والمدافع أرعبت الأطفال الذين لا ينقطع صراخهم طلبًا للرحيل من المدينة والهروب من الموت».
وقامت مجموعة مسلحة من أهالي ناحية كبيسة (70 كيلومترا غرب مدينة الرمادي) بشن هجوم على عناصر تنظيم داعش الذي يسيطر بشكل كامل على الناحية منذ نحو سنة، وأدى الهجوم إلى مقتل المسؤول الأمني لتنظيم داعش في كبيسة.
وقال مصدر أمني إن «مجموعة من أهالي ناحية كبيسة نفذوا هجوما باستخدام أسلحة كاتمة للصوت، فجر اليوم (أمس)، استهدف سيطرة تابعة لعناصر تنظيم داعش وسط المدينة»، وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أن «الهجوم أسفر عن مقتل المسؤول الأمني للتنظيم في الناحية، وخمسة من مرافقيه».
من جانب آخر، أعلن قائد عمليات الأنبار اللواء الركن إسماعيل المحلاوي لـ«الشرق الأوسط» عن تحرير 50 في المائة من منطقة البوذياب في جزيرة الرمادي شمال المدينة من سيطرة «داعش». كما أشار إلى «تدمير مخازن للأسلحة والأعتدة تابعة للتنظيم عبر قصف بواسطة طائرات التحالف الدولي في المنطقة ذاتها»، وقال المحلاوي إن «قوة تابعة لقيادة عمليات الأنبار ومقاتلي عشائر الأنبار وبإسناد مباشر من قبل طائرات التحالف الدولي وسلاح الجو العراقي تمكنوا من استعادة السيطرة على منطقة البوذياب في جزيرة الرمادي وتحرير أكثر من نصف المنطقة، وأسفرت عمليات التحرير عن مقتل العشرات من المسلحين وتدمير مقارهم وحرق كثير من العجلات التي كانت بحوزتهم».
وسيطر «داعش» على محافظة الأنبار منذ منتصف عام 2014، ومن أهم وأبرز المدن التي سيطر عليها راوة وعنه وهيت والفلوجة، وكان سيطر في تلك الفترة أيضًا على محافظتي صلاح الدين ونينوى.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.