روسيا.. لماذا الموت بدل الشعر؟

روسيا.. لماذا الموت بدل الشعر؟
TT

روسيا.. لماذا الموت بدل الشعر؟

روسيا.. لماذا الموت بدل الشعر؟

غريبة روسيا. بلد حزين، مأساوي، لم يعرف الفرح طوال تاريخه. شقاء يجر شقاء. وكأن هذا الشقاء شكّل روحه، وصاغ إبداعه الاستثنائي. فأعطت روسيا العالم ربما أعظم روائي في كل العصور، فيودور دوستويفسكي الذي جننه شقاء روح روسيا، المتوزعة بين الشرق والغرب، والإيمان والإلحاد، والعظمة والضعة، والحكمة والجنون، ومنحته الحكيم ليو تولستوي، وقبلهما صاحب «الأرواح الميتة»، غوغول العظيم. وأنجبت في عصرها الحديث واحدًا من أعظم الشعراء الأحياء، فوزينسكي، الذي «منّ» عليه أندريه خروشوف بمنحه جواز سفر ليغادر الاتحاد السوفياتي بلا رجعة!
والمفارقة الكبرى، إن هذا البلد العظيم، الذي أنتج أدبًا عظيمًا، لم يعرف الحرية في تاريخه العريق منذ قيصره الأول إلى قيصره الحالي. حالة استثنائية في التاريخ (إذا استثنينا التاريخ العربي بالطبع).
في خطابه الشهير بمناسبة نصب تمثال لبوشكين عام 1880 في العاصمة الروسية، دعا دوستويفسكي، قبل موته بأيام قليلة، روسيا لتنهض حتى تغزو العالم، فهي يمكن أن تعدي العالم بنقائها وسموها. وقد شكّل بوشكين ملامح هذه الروح في بداية تشكل الوعي بالأمة الروسية. روح غجرية، هائمة، تنتمي للسماء أكثر من انتمائها للأرض. وإذا كان شكسبير قد منح الإنجليز الشعور بالعظمة، فقد منح بوشكين الروس الروح الثورية، التي انطفأت بعض الشيء بعد قمع انتفاضة الديسمبريين 1825 على يد القيصر نيقولاي الأول. يقول بوشكين في قصيدة له عن هذه الانتفاضة:
كن على ثقة يا رفيق.. بأن يأتي فجر السعادة
وتنهض روسيا من سباتها.. وستسجل أسماءنا.. على أنقاض حكم الطاغية
لم يأتِ فجر السعادة لروسيا بعد، كأنها لا تكف عن إنجاب القياصرة بالقدر نفسه الذي لا تكف فيه عن إنجاب الشعراء العظام، أبناء الشقاء:
أم الأدب الروسي آنا أخماتوفا، وإحدى أهم الشاعرات في القرن العشرين، التي كرمتها جامعة أكسفورد البريطانية بمنحها لقب الدكتوراه الفخرية عام 1965، أعدم زوجها الأول عام 1921 لـ«نشاطاته المعادية للثورة». ومات زوجها الآخر «نيقولاي بونين» في معسكرات الأشغال الشاقة. أدينت بعد عام 1922 لـ«ميولها البورجوازية» ومنعت من النشر، وقال عنها آنذاك، السيئ الصيت أندريه جدانوف، المسؤول عن الثقافة في عهد ستالين 1945، إنها «نصف مومس ونصف راهبة». ثم سُجن ابنها في معسكرات العمل القسري حتى اضطرت إلى كتابة بعض المدائح لستالين لتأمين إطلاق سراحه.
سيرغي يسينين العذب، ذلك الفلاح الجميل، انتحر وهو في الثلاثين بنحر ساعده الذي كتب به قصائد هي من الأجمل في الشعر الروسي، ختمها بقصيدته الأخيرة التي كتبها بدمه
«ليس جديدًا أن نموت في هذه الدنيا/ وأن نعيش، بالطبع، ليس جديدًا أكثر».
بعد بخمس سنوات من انتحار يسينين، أطلق فلاديمير ماياكوفسكي، شاعر ثورة أكتوبر وعاشقها المحبط، الرصاص على رأسه عام 1930، في عز الحقبة الستالينية. لم يستطع أن يقول شيئًا سوى
«سامحيني أماه.. سامحوني يا إخواني ويا رفاقي.. هذا ليس مخرجًا ولا أنصح الآخرين باتخاذه، لكن ليس لدي أي مخرج آخر، أحبيني يا ليلى.. يا رفاقي الكتّاب، لا تخالوني ضعيف الروح.. أقول بجد:
لم يكن هناك أي شيء آخر كان بوسعي أن أفعله».
ماذا يفعل الشعراء الآن في عهد {القيصر} الحالي؟ لا شيء يأتينا من هناك. السور الحديدي لا يزال منتصبًا. أتتنا طائرات روسيا، وصواريخها الأرضية والبحرية. للمرة الأولى في تاريخها، بدل الشعر والرواية. لم نسمع أصواتًا ترتفع في الساحة الحمراء، ولم تتسرب إلينا قصائد غاضبة كما كان الأمر حتى في عز الفترة الستالينية. ماذا حصل للروح الروسية، التي ارتفعت دائمًا فوق رؤوس قياصرها الكثر؟



غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر
TT

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

وأوضح رئيس النادي، الشاعر حسن الزهراني، أن محاور الملتقى تتناول «الأدب الساخر: المفهوم، والدلالات، والمصادر»، و«الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر، والخصائص الفنية للأدب الساخر في المملكة»، وكذلك «مستويات التأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظيراتها العربية»، و«حضور الأدب الساخر في الصحافة المحلية قديماً وحديثاً»، و«أثر القوالب التقنية الحديثة ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر محلياً»، و«سيميائية الصورة الصامتة في الكاريكاتير الساخر محلياً».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وشارك في صياغة محاور الملتقى لجنة استشارية تضم: الدكتور عبد الله الحيدري، والدكتور ماهر الرحيلي، والقاص محمد الراشدي، ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي.

وكشف الزهراني أن النادي تلقى ما يزيد على 40 موضوعاً للمشاركة في الملتقى، وأقرت اللجنة 27 بحثاً تشمل؛ ورقة للدكتورة دلال بندر، بعنوان «حمزة شحاتة... الأديب الجاد ساخراً»، والدكتور محمد الخضير، بعنوان «الخصائص الفنية في الأدب الساخر عند حسن السبع في ديوانه ركلات ترجيح - دراسة بلاغية نقدية»، والدكتور صالح الحربي، بعنوان «المجنون ناقداً... النقد الأدبي في عصفورية القصيبي»، والدكتور عادل خميس الزهراني، بعنوان «الصياد في كمينه: صورة الحكيم في النكت الشعبية بمواقع التواصل الاجتماعي»، والدكتور حسن مشهور، بعنوان «الكتابة الساخرة وامتداداتها الأدبية... انتقال الأثر من عمومية الثقافة لخصوصيتها السعودية»، والدكتورة بسمة القثامي، بعنوان «السخرية في السيرة الذاتية السعودية»، والدكتورة كوثر القاضي، بعنوان «الشعر الحلمنتيشي: النشأة الحجازية وتطور المفهوم عند ابن البلد: أحمد قنديل»، والدكتور يوسف العارف، بعنوان «الأدب الساخر في المقالة الصحفية السعودية... الكاتبة ريهام زامكة أنموذجاً»، والدكتور سعد الرفاعي، بعنوان «المقالة الساخرة في الصحافة السعودية... الحربي الرطيان والسحيمي نموذجاً»، والدكتور عمر المحمود، بعنوان «الأدب الساخر: بين التباس المصطلح وخصوصية التوظيف»، والدكتور ماجد الزهراني، بعنوان «المبدع ساخراً من النقاد... المسكوت عنه في السرد السعودي»، والمسرحي محمد ربيع الغامدي، بعنوان «تقييد أوابد السخرية كتاب: حدثتني سعدى عن رفعة مثالاً»، والدكتورة سميرة الزهراني، بعنوان «الأدب الساخر بين النقد والكتابة الإبداعية... محمد الراشدي أنموذجاً». والدكتور سلطان الخرعان، بعنوان «ملخص خطاب السخرية عند غازي القصيبي: رؤية سردية»، والدكتور محمد علي الزهراني، بعنوان «انفتاح الدلالة السيميائية للصورة الساخرة... الرسم الكاريكاتوري المصاحب لكوفيد-19 نموذجاً»، والكاتب نايف كريري، بعنوان «حضور الأدب الساخر في كتابات علي العمير الصحافية»، والدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني، بعنوان «توظيف المثل في مقالات مشعل السديري الساخرة»، والكاتب مشعل الحارثي، بعنوان «الوجه الساخر لغازي القصيبي»، والكاتبة أمل المنتشري، بعنوان «موضوعات المقالة الساخرة وتقنياتها عند غازي القصيبي»، والدكتور معجب الزهراني، بعنوان «الجنون حجاباً وخطاباً: قراءة في رواية العصفورية لغازي القصيبي»، والدكتور محمد سالم الغامدي، بعنوان «مستويات الأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظرياتها العربية»، والدكتورة هند المطيري، بعنوان «السخرية في إخوانيات الأدباء والوزراء السعوديين: نماذج مختارة»، والدكتور صالح معيض الغامدي، بعنوان «السخرية وسيلة للنقد الاجتماعي في مقامات محمد علي قرامي»، والدكتور فهد الشريف بعنوان «أحمد العرفج... ساخر زمانه»، والدكتور عبد الله الحيدري، بعنوان «حسين سرحان (1332-1413هـ) ساخراً»، ويقدم الرسام أيمن الغامدي ورقة بعنوان «فن الكاريكاتير»، والدكتور يحيى عبد الهادي العبد اللطيف، بعنوان «مفهوم السخرية وتمثلها في الأجناس الأدبية».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وخصص نادي الباحة الأدبي جلسة شهادات للمبدعين في هذا المجال، وهما الكاتبان محمد الراشدي، وعلي الرباعي، وأعدّ فيلماً مرئياً عن رسوم الكاريكاتير الساخرة.

ولفت إلى تدشين النادي 4 كتب تمت طباعتها بشكل خاص للملتقى، وهي: «معجم الأدباء السعوديين»، للدكتورين عبد الله الحيدري وماهر الرحيلي، وكتاب «سامحونا... مقالات سعد الثوعي الساخرة»، للشاعرة خديجة السيد، وكتاب «السخرية في أدب علي العمير» للدكتور مرعي الوادعي، و«السخرية في روايات غازي القصيبي» للباحثة أسماء محمد صالح.