«العفو الدولية» تدعو إلى وضع ضوابط صارمة لوقف انتشار الأسلحة في العراق

تدفق السلاح بشكل «غير مسؤول» مصدر تسليح «داعش»

«العفو الدولية» تدعو إلى وضع ضوابط صارمة لوقف انتشار الأسلحة في العراق
TT

«العفو الدولية» تدعو إلى وضع ضوابط صارمة لوقف انتشار الأسلحة في العراق

«العفو الدولية» تدعو إلى وضع ضوابط صارمة لوقف انتشار الأسلحة في العراق

كشف تقرير لمنظمة العفو الدولية أمس أن تدفق السلاح غير المسؤول إلى العراق شكل مصدرا أساسيا لتسليح تنظيم داعش، وغذى بشكل كبير قدرته على تنفيذ هجماته الوحشية.
ودعت المنظمة الحقوقية التي تتخذ من لندن مقرا، إلى وضع ضوابط أكثر صرامة من أجل وقف الانعكاسات المقلقة لانتشار الأسلحة في البلاد.
ونقل البيان عن الباحث لدى منظمة العفو الدولية باتريك ويلكن أن «أنواعا وأعدادا كثيرة من الأسلحة التي يستخدمها تنظيم داعش تجسد كيف أن التجارة غير المسؤولة للسلاح غذت عمليات وحشية على نطاق واسع». وأضاف أن «قوانين سيئة وغياب الرقابة على التدفق الهائل للأسلحة إلى العراق على مدى عقود مكنت تنظيم داعش والجماعات المسلحة الأخرى بشكل غير مسبوق من الوصول إلى القوة النارية».
وأشار التقرير إلى أن حصول المتشددين على كميات كبيرة من الأسلحة المصنعة في الخارج عند سيطرتهم على الموصل، ثاني كبرى المدن العراقية في يونيو (حزيران) 2014، استخدمت في التوسع إلى مناطق أخرى في البلاد وارتكاب جرائم ضد المدنيين. كما استولى التنظيم على كميات كبيرة لدى سيطرته على قواعد الجيش والشرطة في مناطق أخرى مثل تكريت والفلوجة والرمادي والصقلاوية، وكذلك الأمر في سوريا.
وفيما تحاول القوات العراقية استعادة مدينة الرمادي، كبرى مدن محافظة الأنبار في غرب البلاد، تقول منظمة العفو الدولية إن ما يزيد من تعقيد هذه المهمة أن المدينة كانت تحوي «أكثر من مائة عجلة مدرعة بينها عشرات الدبابات ومدرعات نقل الأشخاص» لدى المتطرفين في مايو (أيار) الماضي.
ونشرت هذه الغنائم على جبهات متعددة وبشكل فعال. واستخدمت بعض الأسلحة التي عثر عليها في الموصل بعد أسبوعين في منطقة تمتد لنحو 500 كيلومتر في شمال سوريا. وأجرت المنظمة جردة للأسلحة التي يملكها التنظيم، معتبرة أنها نتيجة «عقود من عمليات نقل الأسلحة بشكل غير مسؤول إلى العراق».
ويستخدم تنظيم داعش أسلحة روسية الصنع بينها رشاش الكلاشنيكوف، وكذلك أسلحة وذخائر مصدرها ما لا يقل عن 25 دولة، بحسب تقرير المنظمة.
وفي إطار الأسلحة الخفيفة، يستخدم مسلحو «داعش» بنادق عراقية الصنع من طراز «تبوك» وأميركية من طراز «اي 2 اس» وصينية «سي كيو» وألمانية «جي 36» وبلغارية «إف إيه إل» وغيرها.
كما أشار التقرير إلى أن «مخزون الجيش العراقي زاد كثيرا خلال الحرب العراقية - الإيرانية بين 1980 - 1988»، مضيفًا أن ذلك شكل «مرحلة أساسية في تطور سوق السلاح العالمي الحديث».
كما أغرق العراق بالأسلحة بعد الاجتياح الذي قادته الولايات المتحدة الأميركية عام 2003، عبر صفقات جديدة تم التوصل إليها بعد انسحاب القوات الأميركية نهاية عام 2011، مما أدى إلى استمرار وصول الأسلحة للبلاد.
ولفت التقرير إلى أن الدول المصدرة للأسلحة، بما فيها الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، كانت تدرك جيدا مخاطر نقل الأسلحة للعراق الذي يعاني من الفساد وضعف الرقابة.
وقال ويلكن، وفقًا للتقرير ذاته، إن «تداعيات انتشار السلاح وسوء استخدامه في العراق والمنطقة المحيطة به دمرت حياة ومعيشة الملايين من الناس، وتشكل تهديدا مستمرا» لهم. وأضاف: «يجب أن يشكل نقل السلاح غير المسؤول إلى العراق وسوريا وسقوطه بيد تنظيم داعش جرس إنذار لمصدري الأسلحة في العالم».
وطالبت المنظمة الحقوقية بحظر كامل على تسليم السلاح إلى القوات النظامية السورية، وإلى وضع قيود صارمة، والتدقيق جيدا قبل الموافقة على تصدير السلاح إلى العراق.
كما طالبت المنظمة الدول التي لم تصادق على معاهدة تجارة الأسلحة الدولية مثل روسيا والولايات المتحدة الأميركية والصين، إلى القيام بذلك. وتضع هذه المعاهدة قيودا على بيع السلاح ونقله.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.