رئيس الأرجنتين يعين مستشارة بان كي مون وزيرة للخارجية

في مؤشر على تجاوز دبلوماسية الرئيسة السابقة

رئيس الأرجنتين يعين مستشارة بان كي مون وزيرة للخارجية
TT

رئيس الأرجنتين يعين مستشارة بان كي مون وزيرة للخارجية

رئيس الأرجنتين يعين مستشارة بان كي مون وزيرة للخارجية

اختار ماوريسيو ماكري، الرئيس الأرجنتيني المنتخب، كبيرة مستشاري الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، لمنصب وزير الخارجية في الحكومة الجديدة، وذلك في مؤشر على الابتعاد كثيرا عن دبلوماسية الرئيسة المنتهية ولايتها كريستينا فرنانديز.
وأكد ماكري، أمس، أن سوزانا مالكورا ستكون كبيرة دبلوماسيي الأرجنتين، وذلك بعد تنصيبه رئيسا في 10 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
بينما وصف دبلوماسيون ومسؤولون بالأمم المتحدة مالكورا بأنها ثاني أقوى شخصية في هيكل المنظمة الدولية. وبخصوص هذا التعيين قال إيجناسيو لاباكوي، وهو محلل سياسي يعيش في بوينس آيرس «لقد كانت السياسة الخارجية للأرجنتين في عهد فرنانديز تتجه إلى الداخل في الأغلب.. لكن إعلان ماكري يمثل تغييرا واضحا».
وستخلف مالكورا وزير الخارجية، هيكتور تيمرمان، المعروف على الساحة العالمية بمناشداته بشأن جزر فوكلاند، وحملته ضد حاملي السندات الذين يصفهم بأنهم «انتهازيون»، لأنهم يقاضون الأرجنتين بسبب تخلفها عن سداد الدين السيادي.
وفي حين قال البيت الأبيض في بيان، مساء أول من أمس، إن الرئيس باراك أوباما هنأ الرئيس الأرجنتيني المنتخب على فوزه في الانتخابات أثناء محادثة هاتفية، مؤكدا الشراكة طويلة الأمد بين الولايات المتحدة والأرجنتين، ونقل التزامه بتعميق التعاون في القضايا المتعددة الأطراف وتحسين الروابط التجارية والفرص في قطاع الطاقة، انتقد ديوسدادو كابيو، ثاني أقوى مسؤول في فنزويلا، الرئيس الأرجنتيني «لإهانة» دولة شقيقة، وذلك بعد أن دعا ماكري إلى تجميد عضوية فنزويلا في تكتل تجاري إقليمي بسبب انتهاكات حقوق الإنسان.
وأكد الرئيس الأرجنتيني، في أول مؤتمر صحافي له، موقفه بضرورة خروج حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو من السوق المشتركة لأميركا الجنوبية (ميركوسور). لكن كابيو، رئيس الجمعية الوطنية (البرلمان)، نائب رئيس الحزب الاشتراكي، رد عليه بالقول: «فاز السيد ماكري في الانتخابات، ثم فجأة اعتقد أنه فاز بالانتخابات في فنزويلا.. إنه أمر محزن أن يفوز شخص في الانتخابات، ثم يكون أول شيء يقوم به هو محاولة إهانة شعب شقيق.. اترك الشعب الفنزويلي.. لديك كثير من العمل في الأرجنتين فلا تزعج نفسك بشؤون فنزويلا».
لكن المعارضة في فنزويلا أشادت بفوز ماكري، باعتباره ضربة لليساريين في أميركا اللاتينية، ومؤشرا طيبا لمعركتهم الخاصة مع الحزب الاشتراكي في الانتخابات التشريعية المقررة في فنزويلا في 6 ديسمبر المقبل.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.