شلل نصفي يضرب الحركة التجارية في دمشق

اختفاء الذكور الشباب من الشوارع وإطلاق يد الجمارك في مداهمة المحلات والبسطات

أكواب قهوة تحمل صورة الرئيس الروسي بوتين والرئيس بشار الأسد في سوق الحميدية الشهير وسط العاصمة السورية دمشق (أ.ف.ب)
أكواب قهوة تحمل صورة الرئيس الروسي بوتين والرئيس بشار الأسد في سوق الحميدية الشهير وسط العاصمة السورية دمشق (أ.ف.ب)
TT

شلل نصفي يضرب الحركة التجارية في دمشق

أكواب قهوة تحمل صورة الرئيس الروسي بوتين والرئيس بشار الأسد في سوق الحميدية الشهير وسط العاصمة السورية دمشق (أ.ف.ب)
أكواب قهوة تحمل صورة الرئيس الروسي بوتين والرئيس بشار الأسد في سوق الحميدية الشهير وسط العاصمة السورية دمشق (أ.ف.ب)

بالإضافة إلى تدني قيمة الليرة السورية وضعف القدرة الشرائية لدى المواطن السوري والتدهور الاقتصادي عموما، جاء غياب الشباب عن الشارع وتراجع الحركة جراء حملات السوق إلى الخدمة العسكرية الإلزامية والاحتياط، ليوجها ضربة جديدة وعنيفة للحركة التجارية في العاصمة دمشق، أصابتها بشلل نصفي، إذ جاءت متزامنة مع قرار المديرية العامة للجمارك بإعادة عمل الضابطة الجمركية إلى ما كانت عليه قبل أشهر، وإطلاق يدها بمداهمة أي محل مفرق أو جملة أو حتى بسطة على الرصيف، وذلك بالتزامن مع حملات تعبئة عامة تشترط لتوفير الخدمات الأساسية كالكهرباء والماء إرسال الشباب إلى جبهات القتال ودعم المجهود الحربي.
وكانت مديرية الجمارك قد بدأت حملة مكافحة التهريب في أبريل (نيسان) الماضي، وقالت الحكومة إنها تهدف لحماية المنتج الوطني والصناعة المحلية، وضبط المواد المخالفة والمنتهية الصلاحية، والمواد المهربة إلى الأسواق المحلية، إضافة إلى تحقيق إيرادات إضافية للخزينة العامة للدولة. إلا أن هذه الحملة أربكت السوق وأدت إلى إغلاق التجار للمحلات وإخفاء البضائع، كما دفعت العديد من التجار إلى الهروب خارج البلد لتجنب دفع مبالغ الغرامات المالية الضخمة التي فرضت عليهم بزعم أن بضائعهم مهربة أو مخالفة، مما أسفر عن ارتفاع كبير في الأسعار.
واستجابة لمطالب التجار واحتجاجهم على ما وصفوه بالإجراءات التعسفية، وبناء على طلب من غرف التجارة، أصدرت المديرية العامة للجمارك تعميما في سبتمبر (أيلول) الماضي، يمنع دخول دوريات الضابطة الجمركية إلى المحال التجارية، على أن يبقى مسموحا لها بدخول مستودعات التجار والصناعيين. لكنها عادت الأسبوع الماضي وألغت هذا القرار مصدرة تعليمات جديدة تتيح للضابطة الجمركية دخول المحال التجارية والبسطات في الشوارع، وذلك بعد قيام أصحاب المحلات والتجار بنقل بضائعهم المخبأة من المستودعات إلى محال البيع.
ويؤكد أحد تجار الجلديات في سوق الصالحية أن الهدف من الحملة سابقا والآن هو جمع أكبر قدر من الأموال، سواء لخزينة الدولة عبر فرض الغرامات بشكل قانوني، أو لجيوب المستفيدين من كبار الموظفين عبر التهديد بفرض غرامات وسحبها في حال تم دفع رشوة تعادل نحو عشرين في المائة تقريبا، مثلا حين تبلغ الغرامة عشرين مليون ليرة (قيمة الدولار 378 ليرة) فإن التهرب منها قد يكلف خمسة ملايين ليرة، رشوة، على أقل تقدير. ويقول التاجر الدمشقي «إنها عملية ابتزاز وقحة حين يهددون بفرض غرامة عشرين مليون ليرة دون وجه حق مستغلين قانونا هو بالأساس مفصل على مقاس حكومة قائمة على الابتزاز، ثم يبادرون لتخليصك من الغرامة بدفع نصف المبلغ أو ربعه، وإذا سألت لماذا أدفعه يأتيك الجواب (اعتبره تبرعا للجيش والقوات المسلحة التي تدافع عن الوطن)!.. وفي حال قبلت وطلبت منهم وثيقة تثبت أنني أدفع هذا الرقم للجيش وليس لجيبهم الخاص عادوا للتهديد بفرض عشرين مليونا غرامة مالية».
وبلغ ابتزاز النظام للسوريين للمقيمين في المناطق التي يسيطر عليها حد ربط حصولهم على الخدمات من ماء وكهرباء وغيرها بشرط مشاركتهم في القتال وليس فقد بدفع المال لدعمه. ويوم الجمعة الماضي، استغل خطيب الجامع الأموي مأمون رحمة، رمزية الجامع الأموي الروحية والتاريخية، ووظفها في التعبئة العامة، عبر هجوم لاذع شنه على السوريين في مناطق سيطرة النظام الذين يطالبون الحكومة بتوفير الخدمات ويتقاعسون عن إرسال أبنائهم إلى جبهات القتال إلى جانب قوات النظام. وظهر مأمون رحمة على منبر الجامع الأموي في مقطع فيديو يسجل خطبة الجمعة وهو يهاجم السوريين بالقول: «تريد خدمات من دون أن تقاتل، تريد خدمات من دون أن ترسل ولدك ليدافع عن أرضه وعرضه».
ورأى الدمشقيون في خطبة مأمون رحمة نذير شؤوم، وابتزازا رخيصا من قبل حكومة النظام العاجزة عن تلبية أبسط مستلزمات الحياة للسوريين. ويقول أبو فاتح، التاجر في سوق الحميدية: «نحن لا نطلب من الحكومة تأمين الخدمات. لقد اعتدنا ذلك، ونعي أننا في حال حرب استنزاف، لكننا نطلب منها كف يد زبانيتها ومجرميها عن رقاب الناس، فما ذنب نازح فقد بيته في ريف دمشق كي يصادروا بسطته الصغيرة والتي بالكاد تكفي لسد رمق أولاده وتحميهم من التسول. فهل هذا الأب العاثر الحظ مطالب أيضا بالمشاركة بالقتال أو دعم المجهود الحربي ليتنعم بساعة الكهرباء يوميا؟». ويؤكد أبو فاتح، الذي سعى إلى تسفير أولاده الثلاثة إلى أوروبا: «لم أتعب وأربِ وأولادي وأعلمهم بالجامعات كي أرميهم في جب النار. واجبي كأب حمايتهم، وقد دفعت مبالغ هائلة كي أضمن لهم مستقبلهم في الخارج. لقد حرمت نفسي من الفرح برؤيتهم عرسانا إلى جانبي، فهل هذه خيانة أو جريمة؟».
ويعيش الشباب في دمشق من سن 18 إلى 42 عاما حالة ذعر غير مسبوقة من حملات السوق الإجباري إلى القتال، ويوميا يبث ناشطون تحذيرات عن أماكن توزع الحواجز الطيارة لتجنب المرور أمامها، كان آخرها يوم أول من أمس عندما حذروا من حملة مداهمات للمقاهي التي تشترك في خدمة النقل المباشر لمباراة الكلاسيكو.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.