رئيس الجبهة الشامية: الحكومة المؤقتة وضعها غير مقبول في الأراضي السورية المحررة

عبد الله عثمان قال لـ «الشرق الأوسط» إن جبهته خسرت أكثر من 3500 مقاتل معظمهم في المواجهات مع «داعش»

دبابة تابعة لفصائل سورية مسلحة في لحظة مناورة قبل استهداف قوات النظام في بلدة خان طومان قرب حلب أول من أمس وفي الإطار محمد عثمان (غيتي)
دبابة تابعة لفصائل سورية مسلحة في لحظة مناورة قبل استهداف قوات النظام في بلدة خان طومان قرب حلب أول من أمس وفي الإطار محمد عثمان (غيتي)
TT

رئيس الجبهة الشامية: الحكومة المؤقتة وضعها غير مقبول في الأراضي السورية المحررة

دبابة تابعة لفصائل سورية مسلحة في لحظة مناورة قبل استهداف قوات النظام في بلدة خان طومان قرب حلب أول من أمس وفي الإطار محمد عثمان (غيتي)
دبابة تابعة لفصائل سورية مسلحة في لحظة مناورة قبل استهداف قوات النظام في بلدة خان طومان قرب حلب أول من أمس وفي الإطار محمد عثمان (غيتي)

أوضح رئيس المكتب السياسي لـ«الجبهة الشامية» عبد الله عثمان، الملابسات التي أحاطت بعملية منع دخول رئيس الحكومية السورية المؤقتة أحمد طعمة إلى الأراضي السورية الخاضعة لسيطرة المعارضة في الشمال، محمّلاً طعمة مسؤولية عدم الدخول على ضوء «عدم التنسيق» مع الفصائل الموجودة على الأرض. وشن هجومًا على طعمة، قائلاً إن «الحادثة مفتعلة»، وإن طعمة أراد الدخول بسبب الضغوط التي تعرض لها «من قبل الحلفاء والأصدقاء»، وإنه «أراد أن يرفع هذا الضغط عنه ويوصل لهم رسالة أنه أراد أن يدخل سوريا لكنهم منعوه من الدخول».
ونفى عثمان انتماء «الجبهة الشامية» التي تنتشر في حلب وريفها، إلى تنظيم «القاعدة»، مؤكدًا أن الضربات الروسية «استهدفت مدنيين ومرافق مدنية»، وأن قوات النظام «يتوقف تقدمها عندما يتوقف القصف بالطيران». وأشار إلى أن الجبهة التي يقدر عدد مقاتليها بنحو 6500 مقاتل، خسرت أكثر من 3500 مقاتل آخرين في الحرب الدائرة في سوريا، ومعظم هؤلاء سقطوا في المواجهات مع تنظيم داعش.. وفيما يأتي نص الحوار:
* من هي الجبهة الشامية، وأين تنتشر؟
- هي فصيل من فصائل الجيش السوري الحر في حلب، مكونة من «لواء التوحيد» و«عاصفة الشمال» و«ثوار سوريا» إضافة إلى عدد كبير من الكتائب والفصائل الصغيرة، وتوجد في حلب وريفها حاليا.
* ماذا عن اتهامكم بأنكم تنتمون إلى تنظيم القاعدة؟
- اتهامنا بالانتماء إلى «القاعدة» هو اتهام باطل، لأن الجبهة الشامية أعلنت مبادئها على صفحاتها وفي المطبوعات المنشورة. أن عملنا هو داخل سوريا، ونعمل فقط لإسقاط النظام وليس لدينا أي بعد آخر خارج الحدود على الإطلاق.
* إذن، ما حقيقة ما حصل مع رئيس الحكومة السورية المؤقتة وعرقلة دخوله إلى سوريا؟
- لقد تم التنسيق قبل شهرين أو 3 أشهر مع رئيس الحكومة للدخول، وعرضنا عليه تقديم التسهيلات والخدمات. ومن باب التشجيع قلنا له إننا سوف نساعدكم في تأمين المقرات وتقديم الخدمات، ثم تواصل معنا نائب رئيس الإدارة المحلية وقال إن وفدًا من الوزراء سيدخل، وقلنا له «إن شاء الله سنسهل جميع الأمور»، ثم جاء وقال إننا نطلب حماية لأنه عندنا زيارة إلى إدلب وغيرها، وهناك احتمال أن نذهب إلى اللاذقية. فقلنا له: «سنأتي لكم بمجموعة من المؤسسة الأمنية». وبالفعل بالوقت المحدد، أحضرنا مجموعة من المؤسسة الأمنية لتسحبهم ولكنهم لم يأتوا إلى سوريا لأسباب خاصة بهم. بعد ذلك زارنا في سوريا وزير التربية، وأنا استقبلته بنفسي وأدخلته اجتماعًا حضرت جزءا منه. نحن أبدينا لهم التعاون من أوسع الأبواب.
في ليلة الدخول بتاريخ 10 نوفمبر (تشرين الثاني)، أرسلوا إلى مجلس الشورى أنهم سيدخلون ولم يحددوا الموعد. فقال لهم: «نسقوا مع المكتب السياسي لبعض الترتيبات، لأنه إذا تعرضوا لخطر «لا سمح الله»، كي لا يحتسب أن الخطر وقع عليهم في مناطقنا، ولا بد من التنسيق مع فصائل حلب بسبب عدم اعتراف الفصائل بهم.
أعضاء الحكومة لم يدخلوا كمواطنين سوريين، بل هم أتوا ليدخلوا كرئيس حكومة ووزراء، حكومة تمثل الشعب، بالتالي لا بد من أن تستشير بعض الفصائل وترتب هذا الأمر. لذلك الشورى بدورها طلبت منهم التنسيق مع المكتب السياسي. ثم أتوا في صباح اليوم الثاني، ووصلوا إلى المعبر، حيث الموظفون لا يعرفون ماذا يعملون. فاتصلوا به وسألوني إذا نسقوا معي، فقلت لهم كلا، ثم اتصلوا بالقائد العام أبو عمر وقال لهم إنهم لم ينسقوا معه أيضًا، ثم قالوا إنهم نسقوا مع أبو عمر حريتاني (المسؤول الأمني) لكن حريتاني قال: «إنني التقيت معهم لكن قلت لهم إننا لا نستطيع أن نتعهد بالحماية ولم أنسق معهم بل كان هذا في حديث عابر».
ثم عاود الأخوة الاتصال معي وقالوا لي إنه يوجد على المعبر 30 مسلحًا معهم 3 سيارات عليها «دوشكا» وبينهم أشخاص ملثمون. وقال «الملثمون» إنهم حضروا لاستقبال أشخاص سيأتون ويريدون استقبالهم، «ولا ندري إن كانوا بالفعل يريدون استقبالهم أو خطفهم، فكيف نتصرّف؟» فقلت لهم «اسألوهم من أي كتيبة يتبعون؟». قالوا سألناهم وأجابوا بأنهم تابعون لـ«أحرار الشام». قلت لهم الأمر بسيط جدا اتصلوا بأبي يحيى الحموي (قائد أحرار الشام) واسألوه. فقال أبو يحيى إنه ليس لدينا أي علم، وإن أردنا إرسال كتيبة فلماذا نرسل ملثمين؟.
ثم قلت لهم لنسأل المكتب السياسي لـ«أحرار الشام»، لاحتمال أن يكون التنسيق كان معهم. وعندما سألت أبو رحمن الحموي ولبيب نحاس، فقالوا إنهم ليس لديهم أي علم، وليس من المعقول أن نرسل أشخاصًا بهذه الطريقة ولا ننسق معكم أو نخبركم.
هذه الملابسات أخذت وقتًا، بينما وفد الحكومة لم ينتظر حتى ترتيب بعض الأمور، ونعرف من هؤلاء. وعندما أرادوا أن يرجعوا، التقى بهم أبو محمد الحلبي رئيس المكتب السياسي لثوار الشام على المعبر، وقال لهم اصبروا دقائق، أنا أنسق لكم الآن مع المكتب السياسي وندخل سويا، فرفضوا. وقال لهم أحمد طعمة قررنا نصل إلى كلس.
هذا إن دل على شيء، فيدل على أنه لشدة الضغط الذي يتعرض له رئيس الحكومة المؤقتة، من قبل الحلفاء والأصدقاء بالقول إنه لم يدخل سوريا ولا مرة منذ تسلم الحكومة، فهو أراد أن يرفع هذا الضغط عنه ويوصل لهم رسالة أنه أراد أن يدخل سوريا لكنهم منعوه من الدخول، للأسف الشديد. هذا الأمر دبر في الليل، وترى الحادثة كلها مفتعلة. فقسم منهم اتهم «الجبهة الشامية» بأن لها ارتباطًا بالقاعدة وجهة متطرفة، واتهام الإخوة بالكفر. لكن بإمكانكم أن تسألوا الوزراء الذين كانوا معهم في الوفد ومن كان معه في سيارته، وسيثبت لكم خلاف ذلك، وهو أراد أن يقدم قربانًا بين يدي فيينا.
* وما حقيقة المسلحين؟
- لم أتحقق بنفسي، لكن كما وصلني، هم ناس تم دفع الأموال لهم من أجل تأمين الحماية للحكومة، يعني يحمونهم بالفلوس.
* ماذا عن وضع الحكومة في الداخل السوري؟
- لقد سألتني لماذا لم ينسقوا معكم! وضع الحكومة غير مقبول، فهي لم تقدم خدمات أبدًا، ومن يقدم خدمات للشعب هم المجالس المحلية التي لا تتبع للحكومة. وأعلنوا ذلك صراحة عندما طلبوا من المجلس المحلي في محافظة حلب أن يأتي لاستقبالهم على الحدود، فرفض. وقال لهم حرفيا: «تأتون إلى المقر عندنا». وعندما سألهم لماذا؟ قالوا لأن علاقته سيئة مع الجميع.
* هل يمكن القول إن هذه الحادثة تظهر البعد أو المسافة بين المعارضة العسكرية والمعارضة السياسية؟
- أحمد طعمة بعيد عن الناس وعن الفصائل، وبعض الوزراء عنده قريبون من الفصائل. على سبيل المثال نادر عثمان وعواض العلي وزير الداخلية يتواصلان مع الفصائل، أما وزير التربية عثمان فقد نقل المقر إلى الداخل السوري، ولم يعتقله أحد أو يؤذه أحد.
* تحدثت عن قربان فيينا. ما موقفكم من كل هذه المحادثات والحراك السياسي القائم اليوم لحل الأزمة السورية على الطريقة الدولية؟
- هناك ملاحظات كثيرة على فيينا، أولا أن فيينا لم يحضرها السوريون مثل جنيف. والأمر الآخر، أنهم حاولوا مصادرة القرار السوري، فأرادوا أن يفرضوا شكل الدولة بغير إرادة السوريين. والشيء الآخر، أنهم كانوا يتكلمون عن رحيل الأسد، أما الآن فتحولوا إلى التطبيع مع الأسد. كانوا يتكلمون عن المعارضة المعتدلة والآن بدأوا يتحدثون عن الفضائل التي سوف تصنّف. برأيي، مؤتمر فيينا هو تراجع كبير جدا عن جنيف. كانوا يتكلمون عن هيئة حكم انتقالي واليوم أصبحوا يتكلمون عن حكومة وحدة وطنية.
* كيف تصف الواقع الميداني على الأرض بعد التدخل الروسي؟
- لا شك أن الروس وجههم قبيح. كل الوجوه عندهم قبيحة. فهم يعتمدون على القصف لكن قصفهم في حمص وجنوب حلب استهدف مدنيين وقتلهم واستهدف مستشفيات ومرافق مدنية في ريف حلب الشمالي والغربي. وفي معركة جنوب حلب، اتبعوا سياسة الأرض المحروقة، فهم يدمرون كل شيء، والنظام يتقدم لكن عندما يتوقف الطيران، يعود الأخوة ويحررون ما أخذه النظام، أو بمعنى أدق «إيران وحزب الله». هذا ما حصل، فالمعارك هي كر وفر.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».