جذبت آلة «داعش» الدعائية على الإنترنت اهتمام الأجهزة الأمنية الدولية وتضافرت الجهود الاستخباراتية العالمية لمواجهة تواجد التنظيم الإرهابي الواسع على الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل الاجتماعي.
وتوجهت الأنظار إلى تقنيات اتصال أفراد التنظيم والتنسيق الإلكتروني بينهم، خاصة بعد أن نجحوا في تنفيذ ثلاث هجمات إرهابية شنيعة في العاصمة الفرنسية، الجمعة قبل الماضي. وكشف مركز محاربة الإرهاب في أكاديمية «ويست بوينت» العسكرية الأميركية عن كتيّب، أو دليل، موجّه لأفراد التنظيم المبتدئين عن أمن نظام الحاسوب والإنترنت. ويشمل الكتيب المكون من 34 صفحة إرشادات رقمية حول كيفية التعاطي مع وسائل التواصل الاجتماعي، وبرامج تصفح مواقع الإنترنت المشفرة مثل موقع «تور»، وحفظ رسائل البريد الإلكتروني. ويوضّح آرون برانتلي، زميل في الأكاديمية ومتخصص في الإرهاب الإلكتروني، أن «خطة داعش الإلكترونية هي واحدة من أفضل كتيبات الهواة في أمن الحاسوب والإنترنت».
من جهتها، نشرت مجلّة «وايرد» الأميركية نسخة مترجمة باللغة الإنجليزية لبعض مقاطع الكتيّب، ترشد المجنّدين الجدد بالدرجة الأولى حول كيفية الحفاظ على خصوصية بياناتهم واتصالاتهم الإلكترونية، وتدلّهم على عشرات المواقع التطبيقات والبرامج المشفرة، بما فيها موقع التصفح الإلكتروني «تور» وبرامج «كريبتوكات»، و«ويكر»، وموقع الدردشة «تلغرام»، فضلا عن خدمات البريد الإلكتروني «هاشميل»، و«بروتون ميل»، و«ريدفون» و«سيغنال» للاتصالات الهاتفية المشفّرة. ويشير الكتيّب، أو دليل «داعش» للأمن الإلكتروني، إلى أن استعمال «جيميل»، خدمة «غوغل» للبريد الإلكتروني، لا يعدّ آمنا إلا بمعطيات شخصية مستعارة ومن خلال موقع «تور» الإلكتروني. والأمر نفسه ينطبق على استخدام برنامجي «أندرويد» و«آي. أو. إس».
إلى ذلك، يذكّر الكتيّب بضرورة إلغاء خاصيّة الـ«جي. بي. إس» لتفادي تسرّب موقع صاحب الهاتف عند التقاطه الصور أو تسجيل فيديو، أو استعمال تطبيق «مابر» لإرسال معطيات كاذبة حول مكان تواجد صاحب الهاتف، وبالتالي تضليل أجهزة المراقبة والاستخبارات. أما فيما يتعلّق باستعمال «إنستغرام»، فإن كتيّب الأمن الإلكتروني ينصح باتباع «داعش» بتفادي التطبيق بسبب فشل الشركة الأم «فيسبوك» في الحفاظ على سرية بيانات مستخدميها. كما يحذّر الكتيّب بشكل خاص من استخدام تطبيق «دروبوكس» بسبب انتماء مستشارة الأمن القومي السابقة، كوندوليزا رايس، إلى مجلس المستثمرين. وفي مجال أمن الهواتف الجوالة، أوصى الكتيب باستعمال الهواتف المشفرة فقط، مثل «بلاك فون»، لأنه يحتوي على تطبيقات تحافظ على أمن الاتصالات الخاصة بالمستخدم مثل «سايلنت سيركل».
وبسبب تركيز «داعش» بشكل كبير على استخدام موقع «تويتر» مقارنة بالشبكات الاجتماعية الأخرى، فقد تضمن الكتيب دليلا من 12 خطوة عن استخدام «تويتر»، إذ أوصى بتفعيل خيار التحقق من تسجيل الدخول، وذلك للتأكد بشكل قوي من أن كلمة المرور الخاصة آمنة ولم يستخدمها أحد. ويتضمن الدليل نقطة أخرى تشدد على عدم تفعيل نظام تحديد المواقع العالمي عند التقاط أو نشر صورة، وعلى رابط لمدونة عن كيفية الحفاظ على رسائل «تويتر» الخاصة آمنة.
ويشار إلى أن كل الإرشادات المذكورة أعلاه وغيرها لا تختلف كثيرا عن النصائح التي توجهها منظمات حقوق الإنسان الدولية للناشطين الحقوقيين والسياسيين والصحافيين الذين يسعون إلى إخفاء هوياتهم لمختلف الأسباب، والحفاظ على سرية مواقعهم. ورغم كون إجراءات الحفاظ على سرية البيانات متداولة بشكل واسع، فإن «داعش» يتابع عن قرب آخر التطورات والتغييرات في شروط السرية والاستخدام لمختلف المواقع والتطبيقات الإلكترونية ويبدع في تقنيات التخفي وتضليل وكالات الاستخبارات.
في هذا السياق، كشف مركز محاربة الإرهاب التابع لأكاديمية «ويست بوينت» لقناة «إن. بي. سي. نيوز» الأميركية عن «وحدة داعش للمساعدة في تكنولوجيا المعلومات» التي تشتغل على مدار 24 ساعة، ويشارك فيها عدد من المختصين في المجال حائزين على درجات ماجستير، ويقدمون الدعم التقني لأتباع «داعش» في مختلف أنحاء العالم. ويشتبه أن تكون هذه الوحدة التقنية قد ساهمت في تنسيق عمليات باريس الإرهابية من خلال تقديم الدعم التقني لعبد الحميد أباعود في التواصل مع باقي الإرهابيين والتخطيط للهجمات مسبقا من خلال اتصالات مشفّرة، فشلت أجهزة المخابرات الأوروبية في كشفها. وبيد أن «داعش» يتميّز عن غيره من التنظيمات الإرهابية بتقدّمه التكنولوجي واعتماده على أعضاء متخصصين وذوي خبرة تقنية عالية، إلا أن جل أعضائه لا يملكون نفس الوعي التقني، ولعلّ الهاتف الذي تركه أحد الإرهابيين في قمامة قرب «الباتكلان» أبرز دليل على ذلك. إذ إنه دلّ السلطات الفرنسية على مكان اختباء أباعود وشركائه في شقة في الضاحية الشمالية لباريس.
«داعش» أصدر دليلاً للأمن الإلكتروني موجهًا للمجندين الجدد
يستعين بوحدة مساعدة تقنية للحفاظ على سرية البيانات والاتصالات
«داعش» أصدر دليلاً للأمن الإلكتروني موجهًا للمجندين الجدد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة