القوات العراقية تحاصر المربع الحكومي في الرمادي.. وعبوات «داعش» تعرقل تقدمها

تعزيزات لعشائر الأنبار للمشاركة في الهجوم الكبير المرتقب

قائد شرطة الأنبار اللواء هادي لدى توزيعه أسلحة أميركية على منتسبي الشرطة («الشرق الأوسط»)، تدريبات لأفواج من الشرطة في قاعدة الحبانية العسكرية شرق الرمادي («الشرق الأوسط»)
قائد شرطة الأنبار اللواء هادي لدى توزيعه أسلحة أميركية على منتسبي الشرطة («الشرق الأوسط»)، تدريبات لأفواج من الشرطة في قاعدة الحبانية العسكرية شرق الرمادي («الشرق الأوسط»)
TT

القوات العراقية تحاصر المربع الحكومي في الرمادي.. وعبوات «داعش» تعرقل تقدمها

قائد شرطة الأنبار اللواء هادي لدى توزيعه أسلحة أميركية على منتسبي الشرطة («الشرق الأوسط»)، تدريبات لأفواج من الشرطة في قاعدة الحبانية العسكرية شرق الرمادي («الشرق الأوسط»)
قائد شرطة الأنبار اللواء هادي لدى توزيعه أسلحة أميركية على منتسبي الشرطة («الشرق الأوسط»)، تدريبات لأفواج من الشرطة في قاعدة الحبانية العسكرية شرق الرمادي («الشرق الأوسط»)

أصبح المربع الحكومي في وسط الرمادي، مركز محافظة الأنبار، أمس تحت مرمى قوات الأمن العراقية التي تحصنت على بعد كيلومتر واحد منه، ضمن عمليات تحرير المدينة من تنظيم داعش.
وأرغمت العبوات الناسفة التي زرعها المسلحون، والخشية من تعرض المدنيين المحتجزين لديهم إلى نيران المعارك، بعد أن تأكد من استخدامهم دروعًا بشرية، من تحقيق تقدم حاسم لتلك القوات التي توغلت عبر المحاور الأربعة للمدينة. فيما أعلن قائد عمليات الأنبار اللواء الركن إسماعيل المحلاوي أن قيادة العمليات المشتركة في بغداد أرسلت «تعزيزات عسكرية متمثلة بقطاعات مشاة آلية ودبابات ومدفعية وراجمات صواريخ وأسلحة أخرى، وصلت إلى المحور الشمالي للرمادي».
وأضاف أن تلك التعزيزات «ستمهد إلى شن هجوم كبير على (داعش) عبر جسر فلسطين في منطقة البوفراج باتجاه تحرير الأحياء السكنية والمناطق في وسط المدينة».
وأشار المحلاوي إلى أن «فرق الجهد الهندسي تمكنت، أمس، من تفكيك 68 عبوة ناسفة زرعها التنظيم في المنازل والطرقات وفي المناطق المؤدية إلى داخل الرمادي، بهدف إعاقة تقدم القوات التي دمرت عجلة للتنظيم تحمل سلاحًا رشاشًا أحاديًا، ودمرت بناية تحصن فيها مسلحون لمنع وصول العائلات والمدنيين إلى قطعاتنا، بغية إنقاذهم من حصار التنظيم الإرهابي لهم، ووصلت لاحقا 24 عائلة، تم إخلاء أفرادها إلى مناطق آمنة وقدمت المساعدات الفورية لهم، وكما قدمت الفرق الطبية العلاجات والأدوية والخدمات الطبية للعشرات من الأطفال والنساء وكبار السن منهم».
في غضون ذلك، أكد قائد القاطع الشمالي لمقاتلي العشائر في الرمادي الشيخ غسان العيثاوي أن ألف مقاتل من عشائر الأنبار، كالبوعلوان والبوعيثة والبوفهد والبوعلي الجاسم والبوبالي وغيرها من العشائر، سيشاركون في معركة تحرير الرمادي، بعد إنهاء تدريباتهم العسكرية الأسبوع المقبل، مبينًا أن أولئك «المقاتلين اختيروا بموجب ضوابط عسكرية وأمنية دقيقة». وقال: إن «المعارك الرامية إلى استعادة المدينة أفقدت (داعش) قرابة 40 في المائة من قوته على الأرض».
من جانب آخر، قال أحد شيوخ ووجهاء محافظة الأنبار الشيخ نجم الدليمي إن «التنظيم أعدم خمسة مدنيين من أهالي مدينة القائم (350كلم غرب الرمادي) بتهمة التجسس للقوات العراقية، بإطلاق الرصاص على منطقة الرأس في إحدى ساحات المدينة، وأمام مرأى الكثير من أهاليها الذين أصيبوا بالرعب والهلع».
وأشار الدليمي إلى أن «التنظيم اتهم المدنيين بالتعاون مع القوات العراقية وتزويدهم بالمعلومات عن أماكن ومقرات وتجمعات المسلحين في القائم التي غالبا ما تستهدفها طائرات التحالف الدولي والعراقي».
وفي قضاء الخالدية، شرقي مدينة الرمادي، أعلن رئيس مجلسه علي داود أن «قائد شرطة الأنبار اللواء هادي رزيج وزع ألف قطعة سلاح أميركي من نوع «m16» على منتسبي أفواج طوارئ الشرطة البالغ عددهم 500 مقاتل تلقوا التدريبات على يد مدربين أميركيين وعراقيين، في قاعدة الحبانية العسكرية شرق الرمادي».
إلى ذلك، أفاد مصدر في الفرقة الثامنة للجيش العراقي في المحافظة أنه «ضمن معلومات استخبارية دقيقة قصفت المدفعية تجمعًا لعناصر (داعش) في منطقة كرطان في جزيرة الخالدية (20 كيلومترا شرقي الرمادي) ما أسفر عن مقتل 20 منهم وإصابة 35 آخرين»، مبينًا أن «من بين القتلى المسؤول الأمني للتنظيم الذي لم يعرف اسمه، لكن المعلومات الاستخبارية ترجح أنه عراقي الجنسية».
وأضاف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن «التنظيم عمل على إخلاء جرحاه إلى الرمادي وإخلاء عدد من مواقعه المكشوفة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.