تعثر التوافق على «مرجعية المقاومة» يهدد بتحول حكومة سلام إلى «تصريف الأعمال»

مصادر سليمان تكشف عن جهود لـ«تبريد الأجواء» مع حزب الله

عناصر من حزب الله اللبناني يشيعون في بعلبك، أمس، قياديا في الحزب لقي حتفه في سوريا (أ.ف.ب)
عناصر من حزب الله اللبناني يشيعون في بعلبك، أمس، قياديا في الحزب لقي حتفه في سوريا (أ.ف.ب)
TT

تعثر التوافق على «مرجعية المقاومة» يهدد بتحول حكومة سلام إلى «تصريف الأعمال»

عناصر من حزب الله اللبناني يشيعون في بعلبك، أمس، قياديا في الحزب لقي حتفه في سوريا (أ.ف.ب)
عناصر من حزب الله اللبناني يشيعون في بعلبك، أمس، قياديا في الحزب لقي حتفه في سوريا (أ.ف.ب)

عادت «علاقة المقاومة بالدولة»، وتحديدا «سلاح حزب الله» الذي كان ضمن أبرز الخلافات التي أدت إلى عرقلة تشكيل الحكومة 11 شهرا، ليقف عائقا جديدا أمام البيان الوزاري (برنامج عمل الحكومة) بعد مرور أكثر من نصف شهر على التأليف. وعلى الرغم من اجتماع لجنة «البيان الوزاري» الثامن مساء أمس، لم تكن الأجواء توحي بإمكانية التوصل إلى نتائج إيجابية، وهذا ما عكسته مواقف معظم الأفرقاء اللبنانيين، من دون أن تستبعد بعض المصادر تحوّل الحكومة إلى تصريف أعمال في ظل الشروط والشروط المضادة من قبل كل الأفرقاء، إذا ما انقضت المهلة الدستورية التي تنص على أن تتقدم الحكومة ببيانها لنيل ثقة البرلمان خلال 30 يوما.
ووصفت مصادر الرئيس اللبناني ميشال سليمان الذي التقى، أمس، رئيس الحكومة تمام سلام، الأجواء بـ«غير المريحة»، من دون أن تنفي أن هناك بعض الجهود التي دخلت على الخط لـ«تبريد الأجواء وتهدئتها وعدم تصعيدها أكثر»، إثر «الحرب الكلامية» التي اندلعت منذ الجمعة الماضي بين حزب الله وسليمان، على خلفية وصف الأخير «ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة» بـ«المعادلة الخشبية»، ليعود الحزب ويرد عليه ببيان ناري، وعدّ فيه أن «ساكن القصر الرئاسي بات يحتاج إلى عناية خاصة لأنه لم يعد يميز بين الخشب والذهب».
وفي حين رفضت المصادر نفسها في تصريح لـ«الشرق الأوسط» وصف ما يجري بين الطرفين بـ«الحرب الكلامية»، أشارت إلى أن التباين بالرأي بين سليمان وحزب الله، «ليس الأول من نوعه». ولفتت إلى أن «كلام الرئيس الموجه إلى حزب الله كان لتذكيره أنه بعدما كان قد اتفق الجميع على تجاوز «إعلان بعبدا» و«الثلاثية» في البيان، ووضع بند «مقررات الحوار الوطني»، تراجع الحزب عن الاتفاق رافضا التخلي عن الثلاثية. وأوضحت المصادر كلام سليمان بالقول: «أمام الثلاثية العسكرية التي يتمسك بها الحزب هناك ثلاثية أخرى ذهبية بالنسبة إلى اللبنانيين هي (الأرض والشعب والقيم المشتركة)، من دون أن يعني ذلك أن الثانية تلغي الأولى».
وكانت المباحثات في لجنة البيان الوزاري توقفت من حيث انتهت في الجلسة الأخيرة، عند نقطة «سلاح حزب الله»، وتحديدا «علاقة المقاومة بالدولة»، بينما كان كلام وزير الصحة وائل أبو فاعور الذي يلعب، كموفد من النائب وليد جنبلاط، دورا أساسيا على خط المباحثات، واضحا في هذا الإطار، بالقول: «لا جو سياسيا يمهّد للاتفاق على البيان الوزاري»، وعدّ أن الأمر «يحتاج إلى تداول سياسي خارج لجنة صياغة البيان الوزاري، وهناك تصعيد متبادل بين الفريقين». ورأى أبو فاعور أن «الخلاف كان قائما قبل كلام الرئيس سليمان الأخير، الذي لم يقصد به توتير الأجواء».
ويذكر أن تأليف الحكومة جاء بعد اتفاق بين الأفرقاء على تأجيل النقاش في البيان الوزاري، لا سيما «إعلان بعبدا» الذي ينص على حيادية لبنان و«ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة» التي يتمسك بها حزب الله ويرفضها فريق 14 آذار، إلى ما بعد التأليف، معولين على إمكانية التوصل إلى صيغة توافقية مرضية للطرفين اللذين يتفقان على «حق لبنان بالمقاومة»، ويختلفان على «علاقة هذه المقاومة بالدولة» أي مرجعيتها. لكن الخلاف القديم الجديد، ومن خلفه سجال «حزب الله - سليمان»، عاد ليقف حجر عثرة أمام البيان الوزاري.
وقبل دخوله إلى جلسة أمس، أوضح وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش، المحسوب على حزب الله، أن «السجال خارج لجنة البيان الوزاري مختلف عما يجري في الداخل من نقاشات»، في حين أكد وزير الداخلية نهاد المشنوق، المحسوب على تيار المستقبل، أنه «لا خيار أمامنا إلا التوافق، ومستمرون في المحاولة حتى آخر دقيقة».
من جهته، رأى وزير الاتصالات بطرس حرب أن «السجال الذي بدأه حزب الله في تعرضه للرئيس سليمان جعل المواقف متشنجة أكثر»، مشيرا إلى أنه «لم تجرِ اتصالات قبل الجلسة اليوم بسبب هذه الأجواء المشحونة، وبالتالي سيكون هناك انعكاس على الجلسة».
ولفت حرب إلى أننا «في الجلسة الأخيرة لصياغة البيان الوزاري كنا قد وصلنا إلى حائط مسدود في موضوع المقاومة»، مشددا على أنه «لا أحد ضد مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، ولكن الخلاف هو حول من له الحق في المقاومة، التي يجب أن تكون الدولة هي صاحبة الحق والمرجعية الحصرية فيها».
وفي موقفه الأسبوعي، عدّ النائب وليد جنبلاط أنه «لا مفرّ من البحث في صيغة توفق بين الطروحات المختلفة المتصلة بإعلان بعبدا، الذي توافق عليه بالإجماع، وحق لبنان في حماية حدوده ومقاومة أي عدوان إسرائيلي محتمل». في حين أكّد النائب في حزب الكتائب اللبنانية سامي الجميل «رفض إعطاء حزب الله أي شرعية لكيان هذه المقاومة عبر الاعتراف بالثلاثية التي تكرس شرعية حمل السلاح واستعماله»، مشددا على التمسك بـ«إعلان بعبدا»، لأنه حظي بإجماع داخل اجتماع الحوار الوطني، وهو نقطة مشتركة بين جميع اللبنانيين.
وقال في مؤتمر صحافي أمس: «نعلم أنه سيكون من الصعب إيجاد بيان وزاري مشترك، لكن بالنسبة لنا لا شيء نخسره. وإذا سقطت الحكومة اليوم فلن نكون إلا رابحين».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».