وزير التربية اللبناني: الدولة لا تستثمر في التعليم والأمر ينعكس سلبًا على الجامعات والمدارس الرسمية

إلياس بو صعب أكد لـ {الشرق الأوسط} أن التجاذبات السياسية والطائفية تعرقل العمل الأكاديمي والإداري

وزير التربية اللبناني إلياس بو صعب
وزير التربية اللبناني إلياس بو صعب
TT

وزير التربية اللبناني: الدولة لا تستثمر في التعليم والأمر ينعكس سلبًا على الجامعات والمدارس الرسمية

وزير التربية اللبناني إلياس بو صعب
وزير التربية اللبناني إلياس بو صعب

أقر وزير التربية والتعليم اللبناني إلياس بو صعب أن الدولة لا تستثمر مطلقا في التعليم، من دون أن ينفي أنه كما يوجد في لبنان جامعات عريقة ومرموقة تصنّف ضمن المراتب الأولى في العالم، فإن هناك جامعات دكاكين نتيجة التراخيص العشوائية التي أعطيت، مؤكدا أن الجامعة اللبنانية أصبحت بحاجة إلى إعادة هيكلة.
وقال بو صعب، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» على هامش مشاركته في مؤتمر «وايز 2015»، إنه «وفق القانون الجديد الذي أقرّ العام الماضي، وحددت بموجبه معايير صارمة تشمل الأساتذة والمنهج التعليمي والمباني والتجهيزات، بات الأمر مقيدا وأكثر صعوبة.. وبالتالي لا يمكن اليوم إعطاء التراخيص إلا للجامعات التي تتوافر فيها هذه الشروط»، واعدا في الوقت عينه أن تتم مراقبة الجامعات التي تفتقد إلى المستوى المطلوب وإقفال تلك التي تعمل من دون تراخيص.
ورأى بو صعب أن هذا العدد من الجامعات الخاصة الذي قد يفوق الخمسين جامعة اليوم، لا يأخذ من درب الجامعة الرسمية بل على العكس، وذلك نظرا لقدرة الأخيرة المحدودة على استيعاب الطلاب، مشددا على أن الأمر يحتاج إلى زيادة الفروع الرسمية وتوسيعها في المناطق، إضافة إلى تطوير وإعادة هيكلة إدارية وأكاديمية. وذكّر بأنه وخلال توليه الوزارة في السنتين الأخيرتين «تم تعيين عمداء للجامعة اللبنانية، 95 في المائة منهم يتمتعون بكفاءة عالية»، مضيفا: «لكن يفترض بهؤلاء العمل ضمن مجلس الجامعة بعيدا عن المحاصصة السياسية التي تعرقل العمل الأكاديمي والإداري، وبالتالي تطوير الجامعة بشكل عام».
وتحدث بو صعب عن «أهمية توفير الاعتمادات لبناء المدارس الرسمية اللائقة والمجهزة»، وقال: «إننا لا نبني المدارس إلا من طريق الهبات أو القروض، وذلك يخضع في غالب الأحيان إلى التجاذبات السياسية والمناطقية والطائفية». ولفت إلى أن غياب الموازنة اللازمة لقطاع التعليم الرسمي على الصعد كافة يؤدي إلى تراجع المستوى، موضحا أن «المدرسة الرسمية تخسر في ظل غياب التخطيط لتطويرها ومعدل رواتب المعلمين المنخفض الذي لا يتعدى الـ600 و700 دولار، وهو ما ينعكس على إمكانية استقطاب أصحاب القدرات والخبرات التي تفضل العمل في المدارس الخاصة التي تستغل بدورها الأساتذة والأهل على حد سواء». ولفت إلى أن «الوزارة أعدت مناهج تعليمية جديدة تفاعلية بهدف إقرارها وتوحيدها في المدارس الرسمية بعد إخضاع الأساتذة لدورات تدريبية خاصة».
وفي حين أشاد الوزير بـ«الجهود التي تبذل لتأمين التعليم لجميع الأطفال الموجودين على الأراضي اللبنانية، ولا سيما النازحون من سوريا»، قال إن «لبنان اليوم يعيش في أزمة نتيجة النزوح السوري». وأكد على أحقية الطفل في التعلم، موضحا أن المدارس الرسمية استقبلت العام الحالي 170 ألف تلميذ في وقت حصلت على تمويل لتعليم 160 ألفا، بعدما كانت استقبلت العام الماضي 106 آلاف طالب.
وفي مداخلته خلال طاولة حوار مقفلة خصصت للوزراء، على هامش مؤتمر «وايز 2015»، شارك فيها نحو أربعة عشر وزيرا للتربية من مختلف دول العالم، قال بو صعب «نناقش العمالة ومستقبل الأجيال من خلال الإمكانات التي يتيحها نظام التعليم والتدريب، والمهم التركيز على الظروف التي تعمل ضدنا وتمنعنا من تحقيق أهدافنا»، وشرح وضع لبنان المختنق نتيجة الضغط الذي تسببه أزمة النازحين على كل مفاصل الحياة والاقتصاد في البلاد وخصوصا التربية، وذلك في ظل عدم توافر القدرة على استيعابهم جميعا. وأوضح الجهود التي يبذلها لبنان بعد الهزة الكبرى التي أحدثها النزوح، لافتا إلى «وجود ما يقارب 250 ألف تلميذ لبناني في المدارس الرسمية، بينما يوجد على الأراضي اللبنانية ما يزيد على 400 ألف نازح في عمر التعليم». ومشيرا إلى المعاناة الناتجة عن عمالة الأطفال الذين يعملون في الأراضي الزراعية ويجمعون المحاصيل مقابل أجر لا يزيد على ثلاثة دولارات يوميا.
وقال الوزير إن «الحرب في سوريا تستهلك مليارات الدورات لتستمر في القتل والتدمير والتهجير والنزوح، فهل يعجز العالم عن تأمين بضعة ملايين من الدولارات لتعليم النازحين نتيجة هذه الحرب؟».
كما تساءل: «ماذا يفعل لبنان بنحو مليون ونصف المليون نازح من سوريا، يضاف إليهم نحو نصف مليون من النازحين الفلسطينيين، إذا انقطعت المساعدات الدولية؟» وكرر الدعوة إلى الالتزام بالاستمرارية في الدعم من جانب الجهات المانحة، لأن الأزمة طويلة والحاجات تتعاظم.



جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة
TT

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

تم تصنيف جامعة ياغيلونيا في مدينة كراكوف البولندية كأفضل مؤسسة تعليمية جامعية في البلاد، إلى جانب كونها واحدة من أعرق الجامعات في العالم. بدأت قصتها عام 1364 عندما نجح الملك كازيمير الأعظم بعد سنوات طويلة في إقناع البابا أوربان الخامس بمنح تصريح لإنشاء مؤسسة للتعليم الجامعي في مدينة كراكوف، قام الملك بتمويلها بعائدات مناجم فياليتشكا الملحية القريبة.
بعد ثلاث سنوات كان الجرس يدق في أرجاء المؤسسة معلناً عن بدء الدروس والتي كانت في الفلسفة والقانون والطب. وبدأت الجامعة، التي كان أول اسم يطلق عليها هو أكاديمية كراكوف، في الازدهار والنجاح خلال القرن التالي عندما بدأت في تدريس الرياضيات واللاهوت والفلك، حيث جذبت تلك المواد الباحثين والدارسين البارزين من مختلف أنحاء أوروبا. وتطلب توسعها بخطى سريعة إنشاء حرم جامعي أكبر. وقد التحق نيكولاس كوبرنيكوس، الذي أحدث بعد ذلك ثورة في فهم الكون، بالجامعة منذ عام 1491 حتى 1495.
مع ذلك، لم يستمر ما حققته الجامعة من نجاح وازدهار لمدة طويلة كما يحدث طوال تاريخ بولندا؛ ففي عام 1939 احتل النازيون مدينة كراكوف وألقوا القبض على الأساتذة بالجامعة وقاموا بنقلهم إلى معسكري التعذيب زاكزينهاوسين، وداخاو؛ ولم يعد الكثيرون، لكن من فعلوا ساعدوا في تأسيس جامعة مناهضة سرية ظلت تعمل حتى نهاية الحرب. كذلك اضطلعت جامعة ياغيلونيا بدور في الاحتجاجات المناهضة للنظام الشمولي في الستينات والثمانينات، واستعادت حالياً مكانتها المرموقة كمؤسسة لتدريب وتعليم النخبة المتعلمة المثقفة في بولندا.
ساعد انضمام بولندا إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004 في زيادة موارد الجامعة، وفتح أقسام جديدة، وإنشاء مرافق أفضل منها ما يسمى بـ«الحرم الجامعي الثالث» أو «الحرم الجامعي للذكرى الـ600» في منطقة بيخوفيسه. وبلغ عدد الملتحقين بالجامعة في 87 برنامجا دراسيا خلال العام الدراسي 2015-2016 47.494 طالباً.
وطوال قرون التحق خلالها عدد كبير من الطلبة بالجامعة، كان التحاق أول طالبة بالجامعة يمثل حدثاً بارزاً، حيث قامت فتاة تدعى نوفويكا، بالتسجيل في الجامعة قبل السماح للفتيات بالالتحاق بالجامعة بنحو 500 عام، وكان ذلك عام 1897، وتمكنت من فعل ذلك بالتنكر في زي شاب، وكانت الفترة التي قضتها في الدراسة بالجامعة تسبق الفترة التي قضاها زميل آخر لحق بها بعد نحو قرن، وكان من أشهر خريجي الجامعة، وهو نيكولاس كوبرنيكوس، الذي انضم إلى مجموعة عام 1492، وربما يشتهر كوبرنيكوس، الذي يعد مؤسس علم الفلك الحديث، بكونه أول من يؤكد أن الأرض تدور حول الشمس، وهو استنتاج توصل إليه أثناء دراسته في الجامعة، ولم ينشره إلا قبل وفاته ببضعة أشهر خوفاً من الإعدام حرقاً على العمود. من الطلبة الآخرين المميزين كارول فويتيالا، والذي يعرف باسم البابا يوحنا بولس الثاني، الذي درس في قسم فقه اللغة التاريخي والمقارن بالجامعة.