منظمة العفو الدولية تتهم النظام السوري بممارسة «الإخفاء القسري» وابتزاز أهالي الضحايا عبر سوق سوداء

تقرير حقوقي يوثق 921 حالة اعتقال تعسفي خلال أكتوبر

عناصر من القوات النظامية السورية على أحد الحواجز في المنطقة الخاضعة لسيطرة النظام في حلب ({غيتي})
عناصر من القوات النظامية السورية على أحد الحواجز في المنطقة الخاضعة لسيطرة النظام في حلب ({غيتي})
TT

منظمة العفو الدولية تتهم النظام السوري بممارسة «الإخفاء القسري» وابتزاز أهالي الضحايا عبر سوق سوداء

عناصر من القوات النظامية السورية على أحد الحواجز في المنطقة الخاضعة لسيطرة النظام في حلب ({غيتي})
عناصر من القوات النظامية السورية على أحد الحواجز في المنطقة الخاضعة لسيطرة النظام في حلب ({غيتي})

وثّق تقرير حقوقي لـ«الشبكة السورية لحقوق الإنسان» 921 حالة اعتقال تعسفي في سوريا خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في معظم الأراضي السورية، في حين اتهمت «منظمة العفو الدولية» السلطات السورية بارتكاب عمليات الإخفاء القسري بشكل منهجي من أجل جني الأرباح. وتحدثت المنظمة عن ظهور «سوق سوداء» تستغلّ ذوي الضحايا وتوقهم المفرط لمعرفة مصير أحبتهم المختفين مقابل حفنة من المال، واعتبر أن هذه الأعمال ترقى إلى «مصاف الجرائم ضد الإنسانية»، خصوصًا، مع وصول حالات الإخفاء إلى «مستويات مروعة»، إذ تجاوز عددها الــ65 ألف شخص منذ العام 2011 بينهم نحو 58 ألف مدني.
«الشبكة» أعلنت، في تقريرها نشرته أمس الخميس، عن توثيق ما لا يقل عن 921 حالة اعتقال تعسفي خلال الشهر المنصرم على مختلف الأراضي السورية. وأشارت إلى أنها تمكنت من وضع هذا الإحصاء على الرغم من «التحديات التي تواجهها في عمليات توثيق المعتقلين اليومية والمستمرة منذ عام 2011 وحتى الآن، وأبرز هذه التحديات خوف الكثير من الأهالي من التعاون ونشر خبر اعتقال أبنائهم، لاعتقاد منهم بأن ذلك سوف يعرضهم لمزيد من الخطر والتعذيب».
وكشف التقرير أن «أغلب حالات الاعتقال لم تتم لجرائم ارتكبها المعتقلون، بل بسبب نشاط أقربائهم في فصائل المعارضة المسلحة، أو بداعي تقديمهم مساعدات إنسانية»، متحدثًا عن «استمرار النظام بالاعتقال العشوائي لأناس ليس لهم علاقة بالحراك الشعبي أو العسكري».
وعزا التقرير ارتفاع نسبة الاعتقال إلى سيطرة النظام على المناطق الجغرافية ذات الكثافة السكانية المرتفعة، كالمدن الرئيسية، وتعدد الجهات المخولة بعمليات الاعتقال التابعة للقوات الحكومية، من دون الخضوع إلى رقابة قضائية. وأكد أن هناك «أسبابًا إضافية للاعتقال، منها الابتزاز المادي والدوافع الطائفية، وحملات الدهم الواسعة بهدف التجنيد القسري ضمن المراكز والمدن ونقاط التفتيش على الطرقات، والتي شملت أعدادًا كبيرة من طلاب التعليم العالي والموظفين الحكوميين».
ولم تقتصر هذه الارتكابات على مناطق نفوذ النظام السوري، إذ تطرق تقرير «الشبكة السورية لحقوق الإنسان»، إلى ارتفاع معدلات الاعتقال التعسفي في المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش، فأكد أن هذا التنظيم «اعتقل في مناطق سيطرته، أشخاصًا تربطهم صلة قرابة بمقاتلي فصائل المعارضة المسلحة». وهذا الواقع ينسحب بحسب التقرير على «قيام الإدارة الذاتية الكردية باعتقال تعسفي ممنهج بحق المدنيين العرب من سكان مدينة تل أبيض». ولفت إلى «اقتياد هؤلاء المعتقلين إلى سجن البوابة الحدودية في تل أبيض التابع لقوات الإدارة الذاتية الكردية». والمعروف أن مصادر الأمم المتحدة كانت قد أفادت بأن النزاع السوري تسبب بمقتل أكثر من 250 ألف شخص منذ اندلاعه في مارس (آذار) 2011. بينما وضعت جهات أخرى العدد أقرب إلى ضعفي هذا الرقم. ولقد اتُهمت أطراف عدة في النزاع بانتهاك حقوق الإنسان عبر استخدام أسلحة محظورة أو اللجوء إلى التعذيب والاعتقال التعسفي وممارسات أخرى.
من جهة ثانية، اتهمت «منظمة العفو الدولية» أمس الخميس النظام السوري بـ«جني الأرباح جراء عمليات الإخفاء القسري المنتشرة على نطاق واسع في البلاد، عبر المبالغ التي تدفعها العائلات بحثا عن أفرادها، وصنّفت تلك الممارسات بأنها «جرائم ضد الإنسانية».
وقال تقرير نشرته المنظمة تحت عنوان «ما بين السجن والقبر: حالات الاختفاء القسري في سوريا»، إن في سوريا «سوقًا سوداء من الخداع والحيلة على هامش هذه الممارسات تستغل رغبة أقارب الضحايا وتوقهم المفرط لمعرفة مصير أحبتهم المختفين مقابل حفنة من المال»، إذ وصلت عدد حالات الإخفاء القسري وفق المنظمة إلى «مستويات مروعة»، مع تعرض ما لا يقل عن 65 ألف شخص للإخفاء القسري منذ العام 2011 بينهم نحو 58 ألف مدني.
وقال فيليب لوثر مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة: «علاوة على تحطيمها حياة الكثيرين، تُعد عمليات الاختفاء القسري المحرك لاقتصاد سوق سوداء قوامها الرشوة والاتجار بمعاناة وآلام العائلات التي فقدت أحد أفرادها». في حين أعلنت الباحثة في المنظمة نيكوليت بولاند التي وضعت التقرير لوكالة الصحافة الفرنسية أن ثمة «أدلة كثيرة تؤكد استفادة السلطات السورية من الأموال التي تدفعها العائلات للوسطاء». وأردفت «نحن على يقين بأن الحكومة ومسؤولي السجون يستفيدون من المبالغ التي يتلقونها على خلفية حالات الإخفاء القسري، وفق ما أكده مئات الشهود»، مشيرة إلى أن تلك الممارسات «منتشرة على نطاق واسع، ومن الصعب الاقتناع بأن الحكومة ليست على دراية بها، وهي تتغاضى عنها عبر عدم اتخاذ أي إجراء لوقفها».
وأوضح التقرير أن «الوسطاء أو السماسرة يتقاضون مبالغ كرشى تتراوح قيمتها ما بين المئات وعشرات الآلاف من الدولارات يدفعها أقارب الضحايا المتلهفون لمعرفة أماكن تواجد ذويهم أو لمجرد معرفة ما إذا كانوا أحياء أم لا». وبحسب التقرير «اضطرت بعض عائلات الضحايا إلى بيع عقاراتها أو التخلي عن مدخراتها التي أمضت دهرًا في جمعها من أجل تسديد مبلغ الرشوة للوسطاء، ليتبين في بعض الأحيان أنها حصلت على معلومات خاطئة»، كاشفًا أن أحد الأشخاص «اضطر إلى اقتراض ما يزيد عن 150 ألف دولار أميركي لقاء محاولات باءت جميعها بالفشل من أجل معرفة مكان تواجد أشقائه الثلاثة الذين اختفوا في العام 2012».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.