السعودية ودول خليجية تسيّر معدات لمساعدة اليمنيين العالقين نتيجة إعصار {تشابالا}

وزير الصحة اليمني لـ «الشرق الأوسط»: لا نجلي المواطنين إلى مناطق الصراع

يمني يعبر أحد شوارع حضرموت بعد غرقه في الأمطار الناجمة عن إعصار تشابالا (غيتي)
يمني يعبر أحد شوارع حضرموت بعد غرقه في الأمطار الناجمة عن إعصار تشابالا (غيتي)
TT

السعودية ودول خليجية تسيّر معدات لمساعدة اليمنيين العالقين نتيجة إعصار {تشابالا}

يمني يعبر أحد شوارع حضرموت بعد غرقه في الأمطار الناجمة عن إعصار تشابالا (غيتي)
يمني يعبر أحد شوارع حضرموت بعد غرقه في الأمطار الناجمة عن إعصار تشابالا (غيتي)

كشف الدكتور ناصر باعوام، وزير الصحة العامة والسكان اليمني، عن تنسيق يجري في الوقت الراهن مع قوات التحالف ودول مجلس التعاون؛ وذلك لتسيير معدات ضخمة تساعد المسؤولين اليمنيين على الوصول إلى المناطق التي يوجد فيها مواطنون يمنيون عالقون نتيجة السيول التي تشهدها بعض المناطق نتيجة إعصار «تشابالا».
وقال باعوام، لـ«الشرق الأوسط»، أمس: «منذ مطلع الأسبوع الحالي شكّلت لجنة خاصة للطوارئ بعد توجيه الرئيس اليمني بذلك، وأنشئت غرفة عمليات مركزية في اليمن، وفي العاصمة السعودية الرياض». وأفاد بأن الجهات الحكومية أجلت عددا كبيرا من السكان، وهذا التحرك أسهم بدرجة كبير في تقليل الخسائر.
وأوضح أن وزارة الصحة لم تسجل حتى الآن أي خسائر بشرية، وأن الخسائر في الوقت الراهن هي مادية فقط، مبينا أن سلطنة عمان سيّرت أمس طائرة تحتوي على مواد غذائية، وبعض المواد الإغاثية، كما أن مركز الملك سلمان للأعمال الإغاثية والإنسانية سيسير طائرتين تحملان المواد الغذائية والإغاثية والطبية، مع وجود فرق طبية منتشرة في بعض المناطق التي جرى إجلاء المواطنين لها.
ولفت باعوام إلى أن المشكلة الرئيسية في الوقت الراهن وجود مناطق معزولة لا يمكن الوصول إليها، وعليه فإن هناك حاجة ماسة لمروحيتين على الأقل لإنقاذ المحتجزين، مبينا أن الحكومة اضطرت إلى إيقاف التيار الكهربائي بالكامل خوفا من حدوث حرائق، وذلك في منطقة المكلا، التي شهدت تدفق كمية كبيرة من السيول. وشدد وزير الصحة اليمني على أنه جرى إجلاء المواطنين إلى مناطق آمنة وبعيدة عن مناطق الصراع، ويمكث النازحون في المدارس وكهوف بمناطق جبلية، كما أُجلي السكان في محافظة حضرموت إلى منطقة الربوة المرتفعة عن سطح الأرض.
وقدمت لجنة الطوارئ تقريرا مفصلا عن أعمال اللجنة أمس إلى الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، الذي أكد على وجود تنسيق مع دول الخليج وقوات التحالف بشأن إدخال المعدات التي تساعد في الوصول إلى المواطنين المحتجزين، نتيجة للسيول الجارفة التي شهدتها المناطق. كما وجه الرئيس اليمني بالنزول إلى الأماكن المتضررة بدءا من سقطرى، وسيذهب وفد حكومي إلى هناك قريبا، بالتنسيق مع مركز الملك سلمان للأعمال الإغاثية والإنسانية.
وأكد الدكتور ناصر باعوام أن التحوط الآن فقط من ارتفاع أمواج البحر، وسرعة قوة الرياح، وارتفاع منسوب مياه الأمطار في الأودية.
من جانب آخر، كشف فهد كفاين، وزير الثروة السمكية اليمني، عن استجابة السعودية وبعض دول مجلس التعاون إلى النداء الذي وجهته الحكومة الشرعية اليمنية بشأن إنفاذ المحتجزين بعد إعصار شابالا، مبينا أنه في المناطق التي تشهد صراعا ومنها المكلا فإن الحكومة اليمنية تتدخل على حذر، وفعلت الخطة المحلية لتوصيل المساعدات إلى هناك.
ولفت إلى وصول فريق حكومي إلى المناطق المتضررة، للوقوف الميداني على إعصار شابالا، كما وجه بإنشاء لجنة برئاسة وكيل وزارة الأسماك لحصر الأضرار التي حدثت نتيجة الإعصار. كما وجه الرئيس اليمني بالتدخل العاجل لإصلاح ميناء سقطرى والطريق الدائري بصورة عاجلة.
وسجلت الحكومة الشرعية غرق منطقة جعلة في محافظة شبوة، وجرى إجلاء السكان، وهناك أسر عالقة يجري التواصل مع القوات المسلحة الوطنية للتدخل وإجلائها.
بدوره، قال المركز الوطني للأرصاد الجوية اليمني إن إعصار «شابالا» المصحوب بأمطار غزيرة سيتحول خلال الساعات الست المقبلة إلى عاصفة إعصارية شديدة تتمركز على خط 14.6 شمالا وخط طول 48.3 شرقا غرب البحر العربي.
وأوضح المركز أن صور الأقمار الاصطناعية وخرائط الطقس تشير إلى أن العاصفة الإعصارية المدارية تسير بسرعة 10 عقدات، أي 18 كيلومترا في الساعة، باتجاه غرب وشمال غرب موقعها الحالي شرق مدينة المكلا.
وتبعد العاصفة 442 كيلومترا عن مدينة الغيضة (جنوب غربي اليمن)، و80 كيلومترا عن مدينة المكلا باتجاه الشرق، كما تبعد عن مدينة عتق 120 كيلومترا، وعن محافظة أبين «محطة الكود» 330 كيلومترا، و380 كيلومترا عن مدينة عدن.
وبحسب المركز، فقد تأثرت مدينة المكلا - وما زالت - بالعاصفة الإعصارية، مما أدى إلى ارتفاع الموج من مترين إلى ستة أمتار، ووصلت سرعة الرياح إلى 60 عقدة، مع تغطية السماء بالسحب المنخفضة والمتوسطة وهطول أمطار متوسطة إلى غزيرة مصحوبة بعواصف رعدية، تدفقت على أثرها السيول في الوديان، خصوصا في محافظتي حضرموت والمهرة.
وأوضح المركز أن محافظة شبوة تأثرت بالإعصار «تشابالا» بأمطار رعدية غزيرة في الوديان وارتفاع عالٍ في الموج، كما توقع المركز أن تتأثر المهرة والسواحل والأجزاء الداخلية لمحافظتي حضرموت وشبوة، مع احتمال أن تتأثر محافظات أبين والبيضاء ومأرب والجوف والمرتفعات الجبلية خلال الساعات الـ12 المقبلة.
وحذر المركز الوطني للأرصاد الجوية المواطنين وقائدي السفن بأنواعها كافة والصيادين ومرتادي البحر من سوء الأحوال الجوية الخطرة والاضطراب الشديد في البحر، وعدم الإبحار في المناطق المذكورة.
وحذر المركز المواطنين القاطنين في المناطق الداخلية للمحافظات المذكورة بعدم الوجود في مجاري السيول وبطون الأودية، مهيبا بالجهات الرسمية ذات العلاقات اتخاذ الإجراءات اللازمة لاحتمالات التأثيرات الخطيرة جدا لهذه العاصفة ومتابعة النشرة الصادرة من المركز الوطني للأرصاد والتفاعل معها، حفاظا على الأرواح والممتلكات العامة والخاصة.
وكان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي التقى أمس باللجنة الحكومية المعنية بالمتابعة والوقوف على تداعيات إعصار «تشابالا»، واطمأن الرئيس على أوضاع المواطنين في كل من محافظات سقطرى والمهرة وحضرموت، موجها بتقديم الدعم والمساندة للمتضررين وتكثيف جهود عمليات الإخلاء وتقديم الخدمات الصحية اللازمة للمواطنين المتضررين من كارثة الإعصار.
من جانبها، أكدت اللجنة الحكومية المعنية بمتابعة إعصار «تشابالا» أنه لم تسجل أي حالة وفاة باستثناء إصابات خفيفة تعرض لها المواطنون في بعض تلك المحافظات التي وصل إليها الإعصار.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.