محافظ الأنبار: القوات الأمنية على مشارف الأحياء السكنية في الرمادي من جهاتها الأربع

الراوي أكد أن «داعش» أصبح في وضع المدافع القلق بعد مقتل الكثير من قياداته

عناصر في القوات المشتركة العراقية ينتشرون في محيط مصفاة بيجي أول من أمس (أ.ف.ب)
عناصر في القوات المشتركة العراقية ينتشرون في محيط مصفاة بيجي أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

محافظ الأنبار: القوات الأمنية على مشارف الأحياء السكنية في الرمادي من جهاتها الأربع

عناصر في القوات المشتركة العراقية ينتشرون في محيط مصفاة بيجي أول من أمس (أ.ف.ب)
عناصر في القوات المشتركة العراقية ينتشرون في محيط مصفاة بيجي أول من أمس (أ.ف.ب)

تستمر القوات المشتركة العراقية في تقدمها لتحرير مناطق خاضعة لسيطرة تنظيم داعش في محافظتي صلاح الدين شمال العراق والأنبار غربه، بينما كثفت طائرات سلاح الجو العراقي وطائرات التحالف الدولي من طلعاتها الجوية لضرب معاقل التنظيم ومساندة تلك القوات التي أصبح تقدمها يستمر بشكل يومي في عمليات التحرير.
وأفاد مصدر أمني في قيادة عمليات صلاح الدين، أن عملية عسكرية كبرى نفذتها قوات عراقية مشتركة بإسناد مباشر من طيران الجيش وقوات التحالف الدولي باتجاه قرية المسحك الواقعة شمال مدينة تكريت قرب قضاء الشرقاط. وقال المصدر إن «مسلحي تنظيم داعش نشروا قناصين فوق المباني الرئيسية داخل قضاء الشرقاط، تحسبًا لدخول القوات الأمنية ومن أجل إعاقة تقدمهم، وإن أبرز قادة التنظيم من جنسيات عربية مختلفة تركوا القضاء باتجاه مدينة الموصل، في الوقت الذي باشرت فيه القوات الأمنية بشن هجوم واسع بإسناد جوي على إحدى القرى التابعة للشرقاط شمال المحافظة». وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن «معارك ميدانية شرسة تخوضها القطعات العسكرية حاليًا ضد مسلحي (داعش) في القرية المذكورة من أجل استعادة السيطرة عليها وطرد المسلحين منها وصولاً إلى قرية الزوّية ومنها إلى الشرقاط آخر معاقل التنظيم شمال محافظة صلاح الدين».
ويعتبر قضاء الشرقاط منطقة مهمة من الناحية الجغرافية، لأنه يتوسط ثلاث محافظات، حيث يقع على بعد 115 كم جنوب الموصل، وعلى بعد 125 شمال تكريت و135 كم غرب كركوك.
وفي سياق متصل، أعلنت قيادة القوات الخاصة في الشرطة الاتحادية، عن مقتل 140 مسلحًا من تنظيم داعش منذ انطلاق عمليات تحرير ناحية الصينية، شمال صلاح الدين، مشيرة إلى مقتل وإصابة 16 عنصرًا من القوات الأمنية العراقية في تلك المعارك، إضافة إلى تفجير أكثر من 240 عبوة ناسفة كانت تعيق تقدم القوات في عمليات التحرير. وقال آمر لواء القوات الخاصة في قيادة الشرطة الاتحادية، المقدم عزيز الإمارة، إن القوات الأمنية «تقيم الآن السواتر الترابية في ناحية السلام، جنوب ناحية الصينية التي تم تحريرها بالكامل، وبذلك تكون مساحة الأرض التي حررتها القوات المشتركة، في عملية (لبيك يا رسول الله) الثانية، تجاوزت الألف كيلومتر مربع بما فيها مصفاة بيجي والصينية، وقواتنا ساعية إلى تطهير محافظة صلاح الدين بالكامل من سيطرة التنظيم الإرهابي».
من ناحية ثانية، أكد محافظ الأنبار صهيب الراوي أن القوات الأمنية أصبحت على مشارف الأحياء السكنية داخل مدينة الرمادي من جهاتها الأربع، بينما أشار إلى أن حملة إعمار الأنبار ستبدأ فور تحرير مدينة الرمادي وعودة أهلها النازحين إليها. وقال الراوي إن «قواتنا الأمنية أصبحت الآن على مشارف الأحياء السكنية داخل مدينة الرمادي ولم يبق إلا الشيء القليل»، مبينًا أن «هذه هي المرحلة الأولى من العمليات، وأن تحرير مدينة الرمادي سيكون نقطة الانطلاق الحقيقية لتحرير مدن الأنبار بالكامل من سطوة تنظيم داعش». وأضاف الراوي أن «الانتصارات المتحققة في قواطع العمليات وبالاتجاهات الأربعة لمدينة الرمادي أعطت دافعًا قويًا لنا من أجل الإسراع بتنفيذ عمليات إعمار المدينة وعودة أهلها النازحين الذين عانوا الكثير جراء ابتعادهم عن مدنهم التي اغتصبها التنظيم الإرهابي».
وأشار الراوي إلى أن «التنظيم الإرهابي أصبح في وضع المدافع القلق، خصوصًا بعد مقتل الكثير من قياداته في الضربات الجوية لطائرات سلاح الجو العراقي وطائرات التحالف الدولي، الأمر الذي كان عاملاً مهمًا في تحقيق النصر والتقدم عبر المحاور الأربعة، حيث تتقدم الآن القوات الأمنية التي تعمل وفق الخطة المرسومة لها، والأيام القليلة القادمة سوف تشهد عودة النازحين إلى مناطقهم، وإعمار المدينة وأعاهدهم بأن هذا الأمر لن يطول أكثر من ذلك».
من جهة أخرى، نفى عضو مجلس محافظة الأنبار راجع بركات انسحاب القطعات الأمنية من المحور الجنوبي، خصوصا منطقة التأميم التي حررتها القوات الأمنية قبل يومين. وقال بركات إن «القوات الأمنية فرضت سيطرتها بالكامل على بناية السايلو والمناطق المحيطة بها وكذلك منطقة الشقق البيض وشارع السيراميك داخل حي التأميم وهناك تقدم للقطعات العسكرية إلى أحياء أخرى داخل مدينة الرمادي والاقتراب أكثر من وسط المدينة». وأضاف بركات أن «هناك تقدمًا كبيرًا في القاطع الشمالي للرمادي بعد أن تمكنت قواتنا من تحرير منطقة البو فرّاج بالكامل والتوجه إلى داخل المدينة عبر الجسر الرابط بين منطقة البو فرّاج ومنطقة الثيلة وسط الرمادي، التي نفذت فيها القوات الخاصة العراقية في وقت سابق عمليات إنزال جوي تمهيدًا لاقتحامها من قبل القوات الأمنية، والتوجه بعد ذلك إلى المجمع الحكومي الذي يبعد 500 متر فقط عن منطقة الثيلة التي تسعى إلى تحريرها قواتنا خلال الساعات القليلة المقبلة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.