مسألة جمع 100 مليار دولار للمناخ تثير الخلاف

أكثر الدول المتسببة في تلوث الهواء هي الأقل مساهمة

مسألة جمع 100 مليار دولار للمناخ تثير الخلاف
TT

مسألة جمع 100 مليار دولار للمناخ تثير الخلاف

مسألة جمع 100 مليار دولار للمناخ تثير الخلاف

يحاول صانعو القرار الاقتصادي العالمي جمع مبلغ مائة مليار دولار سنويًا لمكافحة تغير المناخ، بينما يجتمعون الأسبوع الحالي في بيرو.
لكن العالم بعيد جدًا من جمع هذا المبلغ، خصوصًا أن الجميع يعتبرون أن المال سيأتي من مكان آخر.
فقد تعثرت المفاوضات العالمية لمكافحة تغير المناخ بسبب مسألة جمع المال من أجل الدول الأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ، علمًا بأن غالبيتها أقل إسهامًا في التسبب به.
وتعهدت الدول الثرية بجمع مائة مليار دولار سنويًا حتى 2020، لكن قبل شهرين فقط على انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، أشار تقرير نشر هذا الأسبوع إلى أن العالم لم يصل بعد إلى ثلثي المبلغ.
وأول من أمس (الخميس)، صرح وزير المال الفرنسي ميشال سابان الذي تستضيف بلاده محادثات ديسمبر (كانون الأول)، بأن «الحكومات قدمت كل ما يمكنها»، طالبًا من مؤسسات على غرار البنك الدولي ومصرف الاستثمار الأوروبي، تعزيز مساهمتها.
وصرح لصحافيين: «سيكون هذا الأمر حاسمًا لأنهما لم يساهما كثيرًا»، وذلك على هامش اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي السنوية التي تجمع وزراء المال ورؤساء المصارف المركزية من 188 بلدًا.
وتابع سابان: «إذا أردنا أن ينجح مؤتمر باريس فينبغي جمع 90 في المائة من المبلغ المالي الضروري، إن لم يكن مائة في المائة».
والأربعاء الماضي، أشار وزير الخارجية الأميركي جون كيري كذلك إلى البنك الدولي ومؤسسات مشابهة، وصرح بأن «الولايات المتحدة تنتظر من مصارف التنمية المتعددة الأطراف أن تحدد أهدافًا طموحة لزيادة تمويل تخفيف آثار (تغير المناخ) والتكيف» معه في اجتماع بيرو.
وأحصت منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية هذا الأسبوع، أن الدول الثرية قدمت 61.8 مليار دولار للمناخ في العام الماضي، بينها 23.1 مليار على شكل اتفاقات ثنائية بين الدول و20.4 مليار من المؤسسات المتعدد الأطراف و16.7 مليار من القطاع الخاص.
لكن رغم أن مصارف التنمية قادرة على فعل المزيد، ينبغي عدم تجاهل الحكومات، بحسب خبراء المناخ.
وصرح يانوس بازتور، مساعد أمين عام الأمم المتحدة لشؤون المناخ، بأن «المؤسسات المتعددة الأطراف يمكن أن تفعل المزيد، لكن على الدول كذلك أن تبذل المزيد أيضًا». وشاطرته خبيرة سياسات المناخ في أوكسفام إيزابيل كرايسلر الرأي، وقالت: «على المصارف المتعددة الأطراف والحكومات دفع المزيد» من المال.
وتلبية لهذه النداءات، تعهد مصرف التنمية للبلدان الأميركية، أول من أمس (الخميس)، بزيادة تمويل ملف المناخ من نحو 14 في المائة من الإقراض إلى ما بين 25 و30 في المائة مع حلول 2020.
كما أعلن مصرف التنمية الآسيوي الشهر الماضي، أنه سيزيد تمويل ملف المناخ من 3 إلى 6 مليارات مع حلول 2020، وسيوجه 30 في المائة من قروضه إلى مشاريع خضراء.
في هذا الوقت، أعلن المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية والمالية، بيار موسكوفيسي، أنه سيمارس «ضغوطًا إيجابية» على أعضاء الاتحاد الأوروبي ليكونوا على قدر المسؤولية في البيرو، خصوصًا عشرة دول ما زالت لم تعلن أي تعهدات مالية للمناخ قبل مفاوضات باريس. ولكن هل يكفي مبلغ 38.2 مليار الإضافي؟
فالناشطون ينتقدون خلاصات منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية؛ ويرون أن جزءًا من مبلغ 61.8 مليار من أموال المناخ ما كان يجب احتسابه.
وصرحت كرايسلر للصحافة الفرنسية: «ما كل ما يلمع ذهبا».
وأوضحت أن التمويل الذي يفترض أن يكون «بيئيًا»، على غرار المشاريع الزراعية، تم احتسابه حتى عندما لم يكن يتعلق مباشرة بمكافحة تغير المناخ.
كما انتقد ناشطون المنظمة لاحتسابها عددًا مفرطًا من القروض سيتم إعادة تسديدها، مؤكدين أن أكثر من مائة مليار ينبغي أن تكون هبات.
وقال دوني فوازان من مؤسسة نيكولا أولو البيئية الفرنسية «لا يزال ثمة مشكلات في طريقة الاحتساب التي تشمل الكثير من القروض».
وصرح بازتور للصحافة الفرنسية أن «تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية هو حاليًا وثيقة لدول الشمال.. وهذا ممتاز. ولكن على جميع الدول الآن الانخراط في هذه العملية».



«بنك اليابان» أمام قرار تاريخي... هل يرفع الفائدة الأسبوع المقبل؟

العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
TT

«بنك اليابان» أمام قرار تاريخي... هل يرفع الفائدة الأسبوع المقبل؟

العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)
العلم الياباني يرفرف فوق مقر البنك المركزي في طوكيو (رويترز)

يعقد «بنك اليابان» آخر اجتماع له بشأن سياسته النقدية لهذا العام الأسبوع الجاري، ليأخذ قراراً بشأن أسعار الفائدة وذلك بعد ساعات قليلة من قرار «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي المتوقع بخفض الفائدة.

فما الذي يمكن توقعه ولماذا يعتبر قرار «بنك اليابان» بشأن الفائدة ذا أهمية خاصة؟

في مارس (آذار) الماضي، أنهى «بنك اليابان» مسار أسعار الفائدة السلبية، ثم رفع هدف الفائدة القصيرة الأجل إلى 0.25 في المائة في يوليو (تموز)، مشيراً إلى استعداده لرفع الفائدة مرة أخرى إذا تحركت الأجور والأسعار بما يتماشى مع التوقعات.

وثمة قناعة متزايدة داخل «بنك اليابان» بأن الظروف باتت مؤاتية لرفع الفائدة إلى 0.5 في المائة. فالاقتصاد الياباني يتوسع بشكل معتدل، والأجور في ارتفاع مستمر، والتضخم لا يزال يتجاوز هدف البنك البالغ 2 في المائة منذ أكثر من عامين.

ومع ذلك، يبدو أن صانعي السياسة في البنك ليسوا في عجلة من أمرهم لاتخاذ هذه الخطوة، نظراً لتعافي الين الذي ساهم في تخفيف الضغوط التضخمية، بالإضافة إلى الشكوك المتعلقة بسياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي قد تؤثر على الرؤية الاقتصادية المستقبلية، وفق «رويترز».

وسيكون القرار بشأن رفع الفائدة في ديسمبر (كانون الأول) أو تأجيله إلى اجتماع آخر في 23-24 يناير (كانون الثاني) صعباً، حيث سيعتمد ذلك على مدى اقتناع أعضاء المجلس بأن اليابان ستتمكن من تحقيق هدف التضخم بشكل مستدام.

ناطحات السحاب والمباني المزدحمة في طوكيو (أ.ب)

ماذا قال صانعو السياسة في «بنك اليابان» حتى الآن؟

يحافظ صانعو السياسة في «بنك اليابان» على غموض توقيت رفع الفائدة المقبل. وفي مقابلة إعلامية حديثة، قال الحاكم كازو أويدا إن رفع الفائدة المقبل قريب، ولكنه لم يوضح بشكل قاطع ما إذا كان ذلك سيحدث في ديسمبر.

إلا أن المفاجأة جاءت من عضو مجلس الإدارة تويواكي ناكامورا، الذي أشار إلى أنه ليس ضد رفع الفائدة، لكنه شدد في المقابل على ضرورة أن يعتمد القرار على البيانات الاقتصادية المتاحة.

وبينما يركز «بنك اليابان» على رفع الفائدة بحلول مارس المقبل، تشير التصريحات غير الحاسمة إلى أن البنك يترك لنفسه حرية تحديد التوقيت المناسب لهذه الخطوة.

متى تتوقع الأسواق والمحللون رفع أسعار الفائدة التالي؟

أكثر من نصف الاقتصاديين الذين تم استطلاعهم من قبل «رويترز» الشهر الماضي يتوقعون أن يقوم «بنك اليابان» برفع أسعار الفائدة في ديسمبر. كما يتوقع حوالي 90 في المائة من المحللين أن يرفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة إلى 0.5 في المائة بحلول نهاية مارس 2024.

في المقابل، تقوم السوق بتسعير احتمال رفع الفائدة في ديسمبر بحوالي 30 في المائة فقط.

كيف يمكن أن تتفاعل السوق؟

سيأتي قرار «بنك اليابان» بعد ساعات قليلة من قرار «الاحتياطي الفيدرالي الأميركي»، الذي من المتوقع أن يقوم بتخفيض أسعار الفائدة. وقد يؤدي هذا التباين في التوجهات بين المصرفين المركزيين إلى تقلبات في قيمة الين وعوائد السندات.

ومن المحتمل أن يؤدي رفع الفائدة من قبل «بنك اليابان» إلى تعزيز قيمة الين. أما إذا قرر البنك إبقاء الفائدة كما هي، فقد يؤدي ذلك إلى ضعف الين، على الرغم من أن الانخفاض قد يكون محدوداً إذا قامت السوق بتسعير احتمالية رفع الفائدة في يناير بسرعة.

ما الذي يجب أن تراقبه السوق أيضاً؟

بغض النظر عن قرار «بنك اليابان» بشأن رفع الفائدة أو تثبيتها، من المتوقع أن يقدم محافظ البنك أويدا إشارات بشأن المسار المستقبلي لأسعار الفائدة ويحدد العوامل التي قد تحفز اتخاذ هذه الخطوة في مؤتمره الصحافي بعد الاجتماع.

وإذا قرر «بنك اليابان» الإبقاء على الفائدة ثابتة، فقد يتجنب أويدا تقديم إشارات حادة لتفادي حدوث انخفاضات غير مرغوب فيها في قيمة الين، مع توضيح العوامل الرئيسية التي سيركز عليها في تقييم توقيت رفع الفائدة.

من ناحية أخرى، إذا قرر «بنك اليابان» رفع الفائدة، قد يتبنى أويدا موقفاً متساهلاً لتطمين الأسواق بأن البنك لن يتبع سياسة رفع الفائدة بشكل آلي، بل سيتخذ قراراته بحذر بناءً على الوضع الاقتصادي.

إضافة إلى قرار الفائدة، سيصدر «بنك اليابان» تقريراً حول إيجابيات وسلبيات أدوات التيسير النقدي غير التقليدية التي استخدمها في معركته المستمرة منذ 25 عاماً ضد الانكماش، وهو ما يمثل خطوة رمزية نحو إنهاء التحفيز الضخم الذي تبناه البنك.

محافظ «بنك اليابان» في مؤتمر صحافي عقب اجتماع السياسة النقدية في أكتوبر الماضي (رويترز)

ومن المتوقع أن يستخلص هذا التقرير أن تخفيضات أسعار الفائدة تظل أداة أكثر فعالية لمكافحة الركود الاقتصادي مقارنة بالتدابير غير التقليدية مثل برنامج شراء الأصول الضخم الذي نفذه المحافظ السابق هاروهيكو كورودا.

ماذا سيحدث بعد ذلك؟

إذا رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة، فمن المحتمل أن يبقى على نفس السياسة النقدية حتى أبريل (نيسان) على الأقل، عندما ينشر التوقعات الفصلية الجديدة التي تمتد حتى السنة المالية 2027 لأول مرة.

أما إذا قرر البنك الإبقاء على الفائدة ثابتة، فإن انتباه الأسواق سيتحول إلى البيانات والأحداث الهامة التي ستسبق اجتماع يناير، مثل خطاب أويدا أمام اتحاد رجال الأعمال «كيدانرين» في 25 ديسمبر، وظهور نائب المحافظ ريوزو هيمينو في 14 يناير.

ومن المرجح أن يقدم تقرير «بنك اليابان» ربع السنوي عن الاقتصادات الإقليمية، الذي سيصدر قبل اجتماع 23-24 يناير، مزيداً من الوضوح لأعضاء مجلس الإدارة بشأن ما إذا كانت زيادات الأجور قد انتشرت على نطاق واسع في أنحاء البلاد.