مواجهة «الاحتلال» الروسي الإيراني تتصدر أولويات «الائتلاف» رغم تمسكه بالحل السياسي

«الجيش الحر».. يتوعّد موسكو بالمقاومة

مواجهة «الاحتلال» الروسي الإيراني تتصدر أولويات «الائتلاف» رغم تمسكه بالحل السياسي
TT

مواجهة «الاحتلال» الروسي الإيراني تتصدر أولويات «الائتلاف» رغم تمسكه بالحل السياسي

مواجهة «الاحتلال» الروسي الإيراني تتصدر أولويات «الائتلاف» رغم تمسكه بالحل السياسي

فرضت التطورات العسكرية في سوريا على «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» أجندة جديدة لمواجهة المتغيرات على الأرض، ولهذه الغاية عقدت الهيئة العامة لـ«الائتلاف» اجتماعًا لها، أمس، في مدينة إسطنبول بتركيا، خصصته لمناقشة مشروع الحل السياسي لما يسمّى بـ«مجموعة عمل جنيف» التي يقودها المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا، وبحث التدخل العسكري الروسي في سوريا والمنطقة الآمنة وتقرير لجنة اللاجئين.
الاجتماع الذي بدأ بعد ظهر أمس، نال الحيّز الأوسع منه ما دعاه المجتمعون «العدوان الروسي على سوريا والتداعيات المتوقعة له»، بحسب ما أعلن عضو «الائتلاف» أحمد رمضان، الذي أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المجتمعين بحثوا تبعات الوضع الميداني، خصوصًا معركة ريف حماه التي وجّه فيها الثوار ضربة موجعة للنظام، أسفرت عن تدمير 24 آلية مدرعة ودبابة وناقلة جند». وأوضح رمضان أن النقاش «تعرض بشكل تفصيلي للتداعيات الخطيرة للهجوم الذي نفذه تنظيم داعش على الثوار في ريف محافظة حلب الشمالي، مستغلاً انشغالهم بمواجهة العدوان الروسي - الإيراني».
وفيما يشبه النعي لخطة دي ميستورا، أكد رمضان أن «أهم تداعيات الغزو الروسي لسوريا أنه عطّل المسار السياسي وقوّض جهود الأمم المتحدة في هذا المجال»، مذكرًا بأن روسيا كانت «طرفًا في بيان جنيف وطرفًا أساسيًا في مجلس الأمن، والخطورة في الأمر أن هذا الطرف الأساسي خرج من هذا الالتزام، لذلك باتت الأمم المتحدة تواجه صعوبة في تسويق الحل السياسي ما لم يتراجع الروس عن هذه المغامرة العسكرية والتخفيف من مخاطرها الإقليمية والدوليةً». مشيرًا إلى أن «الائتلاف ما زال مع الحل السياسي لكن الأولوية الآن هي لمواجهة الاحتلال الروسي الإيراني».
وفي رد من رمضان على خبر طلب موسكو مساعدة بريطانيا في «إقامة اتصالات» مع الجيش السوري الحر، رأي القيادي في «الائتلاف» أن «هناك سببين رئيسيين لهذا التحوّل: الأول هو العزلة الدولية التي تواجهها روسيا بعد دخولها طرفًا في الحرب السورية، والثاني شعورها بعمق المستنقع الميداني الذي وقعت فيه في بداية المعركة، بعدما شاهدت حجم الخسائر التي لحقت بالمهاجمين». وتابع رمضان قوله: «إن هذه الدعوة ليست إلا جزءًا من مراوغة سياسية وليست مراجعة سياسية لموقفها، فإذا كانت موسكو راغبة فعلاً في التواصل مع الجيش الحر عليها أن تتحدث مع الائتلاف الذي يضمّ إلى الجانب السياسي ممثلين عن الجيش الحرّ»، معتبرًا أن «خطب ودّ الجيش الحر ليس إلا محاولة لكسب الوقت، ولا يعبر عن تغيير جوهري في السياسة الروسية تجاه سوريا».
أما الجيش السوري الحرّ فلم يرَ أي دور لروسيا في محاربة «داعش»؛ إذ أعلن مصدر قيادي فيه لـ«الشرق الأوسط»، أن «روسيا انتدبت نفسها للقضاء على كل من يشكّل خطرًا على النظام السوري وبشار الأسد، وفي الطليعة الجيش الحر». وأكد وجود «مصالح متقاطعة بين الروس و«داعش»، وتابع قائلاً: «في حين كان الجيش الحر يصدّ الهجوم البري للنظام والقوات الإيرانية في ريف حماه ويدمر أكثر من 20 دبابة للقوات الغازية، كان «داعش» يرسل سيارة مفخخة لتفجيرها في ثكنة (صقور الجبل) التابعة للجيش الحرّ في ريف حلب». وعزا القيادي في «الجيش الحر» مسارعة موسكو إلى محاولة فتح قنوات اتصال معه إلى «الضغط الدبلوماسي عليها، وخوفًا من تسليم المعارضة مضادات للطائرات»، مشددًا على أن «الجيش الحر لن يتعامل مع القوات الروسية في سوريا إلا كقوة احتلال يجب مقاومتها».
ويذكر أن ما وصف بـ«المغازلة الروسية» لـ«الجيش الحر»، بينما تواصل القوات الروسية ضرب مواقع المعارضة السورية المعتدلة في شمال سوريا، جاء مع كشف السفير الروسي في لندن ألكسندر ياكوفينكو أنه طلب من الخارجية البريطانية مساعدة بلاده في «إقامة اتصالات مع الجيش الحر حول إمكانية تنسيق عملياته مع القوات المسلحة السورية في محاربة تنظيم داعش الإرهابي».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.