تفاقم الوضع الإنساني في تعز.. والميليشيات تمنع دخول المواد الإغاثية ومياه الشرب

الحوثيون يقودون عمليات إبادة للسكان بمنعهم من المياه وقتلهم بصواريخ الكاتيوشا

مقاتل مؤيد للرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي يطلق قاذفة آر بي جي في معركة ضد الميليشيات الحوثية في تعز (أ.ف.ب)
مقاتل مؤيد للرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي يطلق قاذفة آر بي جي في معركة ضد الميليشيات الحوثية في تعز (أ.ف.ب)
TT

تفاقم الوضع الإنساني في تعز.. والميليشيات تمنع دخول المواد الإغاثية ومياه الشرب

مقاتل مؤيد للرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي يطلق قاذفة آر بي جي في معركة ضد الميليشيات الحوثية في تعز (أ.ف.ب)
مقاتل مؤيد للرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي يطلق قاذفة آر بي جي في معركة ضد الميليشيات الحوثية في تعز (أ.ف.ب)

تواصل ميليشيا الحوثي وحليفهم صالح في مدينة تعز، ثالث كبرى المدن اليمنية الواقعة إلى الجنوب من العاصمة صنعاء، حرب الإبادة بحق السكان العُزّل، حيث كثفت من قصفها الهمجي على الأحياء السكنية بصواريخ الكاتيوشا والهاوزر وكل أنواع الأسلحة الثقيلة، بعدما حققت المقاومة الشعبية والجيش المساند لشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي تقدمًا في جبهات القتال الغربية والشرقية وسيطرتها على مواقع مهمة في الشرقية، مما كبدهم الخسائر الفادحة في الأرواح والعتاد على أيدي المقاومة والجيش وغارات التحالف العربي، بقيادة السعودية، المباشرة التي استهدفت تجمعاتهم ومواقعهم ومخازن الأسلحة الخاصة بميليشيات الحوثي وصالح.
ويأتي تكثيف ميليشيات الحوثي وصالح من قصفها للأحياء السكنية بتعز من أماكن تمركزها وقتلها العشرات من المدنيين في الوقت الذي لا تزال المدينة تعاني وضعًا إنسانيًا صعبًا، وأهالي المدينة لا يستطيعون الحصول على الغذاء ومياه الشرب والأدوية ومستلزمات العيش التي منعت الميليشيات وصولها إلى المدينة، كما يعيشون في ظلام دامس دون كهرباء، وأهاليها منقطعون عن المديريات المحيطة بهم والمحافظات بعدما قطعت ميليشيات الحوثي وصالح عليهم الاتصالات وشبكة الإنترنت، فهي بذلك تدفع ضريبة التخاذل المحلي والعربي والدولي.
ويقول نشوان نعمان شمسان الذبحاني، مدير مركز القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان بتعز، لـ«الشرق الأوسط»: «لقد نادينا مرارا وتكرارا بأن تعز تعاني كارثة إنسانية في ظل استمرار جرائم الميليشيات بحق المدنيين، فلقد قامت دبابات ومدافع وصواريخ الحوثي بالقصف بشكل عشوائي لمدينة تعز المكتظة بالسكان والمدنيين، وذلك من الدبابات والمدفعية الثقيلة الموجودة في سوفتيل وشارع الأربعين ومن معسكر القوات الخاصة ومن معسكر 22 مايو الحرس الجمهوري في الجند وشارع الستين ومن منطقة الحرير، وقد سبب هذا القصف يوم أمس مقتل 7 مدنيين وعشرات الجرحى و4 فتيات في حي النصيرية حيث أصابتهم قذيفة مدفع هاوزر».
ويضيف الذبحاني: «قامت الميليشيات بقطع الاتصالات والإنترنت عن المدينة بحجة انعدام وجود مادة الديزل، ولكنها موجودة فقط لآلة الحرب والدمار التي تقتل الأبرياء والعُزل، وهناك انقطاع تام للمياه الصالحة للشرب، وأخيرًا قامت ميليشيات الحوثي بمنع دخول صهاريج المياه للأهالي بمدينة تعز، وتم استهداف عدد من صهاريج الماء من قبل الحوثيين، بل وصل الأمر إلى أنهم قاموا بمنع دخول المواشي إلى المدينة، وقاموا في أول أيام العيد باستهداف سوق للمواشي في منطقة التحرير، وقتل وأصيب العشرات من المواطنين، كما تم احتجاز قواطر محملة بالمساعدات الإنسانية في مدينة القاعدة كانت في طريقها إلى مدينة تعز».
ويؤكد مدير مركز القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان بتعز أن مدينة تعز تعيش وضعًا كارثيًا حقيقيًا، فهي تُدكّ وتقصف وتحرق من قبل الميليشيات، فلا كهرباء ولا ماء ولا دواء ولا نظافة ولا مشتقات نفطية، وتقصف بشكل يومي وتدمر يوميا عشرات المنازل ويقتل العشرات من الأبرياء في منازلهم وفي الشوارع، فمدينة تعز تتألم كل يوم في ظل هذا الصمت المطبق والتخاذل المخيف، فهي تدفع ضريبة التخاذل المحلي والعربي والدولي وكذلك يتحمله رئيس الجمهورية وحكومته.
وحول المساعدات الإنسانية التي يتلقاها أهالي تعز ومدى حقيقة وصولها إليهم خاصة مع أيام عيد الأضحى المبارك، يوضح نعمان الذبحاني أن «هناك بعض الإمدادات المحلية في محاولة لتقديم بعض المساعدات الغذائية لأهالي تعز الذين يعانون الحصار المطبق عليها لكنهم يعانون من صعوبة إدخال مواد الإغاثة إلى المدينة، ويتعرضون للاحتجاز من قبل الميليشيات».
وأضاف أنه دشن مع بعض المواطنين حملة لمساعدة الأهالي سميت «حملة الوفاء بتعز» التي قامت مشكورة بكثير من الأنشطة، مثل توفير الدواء وتوفير كسوة العيد والغذاء لنحو أكثر من 650 أسرة، وتوزيع اللحوم للمحتاجين، وكل هذه المبادة التي قام بها الكثير من أبناء تعز وشارك فيها أيضًا من خارج أبناء تعز».
وبين الذبحاني أن مديريات تعز تعاني الحال نفسها التي تعانيها المدينة، من النقص في الغذاء والدواء ومياه الشرب وكل احتياجات العيش، منها مديرية الشمايتين، المعافر، جبل حبشي، المواسط، المسراخ والمواسط، ويعانون فيها حالة كارثية ونفسية، خصوصا الأطفال الآن يحتاجون إلى إعادة تأهيل نفسي، فهذه هي الكارثة الحقيقية، لأنهم فقدوا طفولتهم وأهاليهم وفرحتهم في العيد وأماكن لعبهم وتوقف الدراسة، وطوال فترة الحرب يعيشون فترة صعبة، وزادت مع فترة الحصار المطبق على المدينة من قبل الميليشيات، مشيرا إلى أن هناك أطفالا يعيشون مبتوري الأيدي والأرجل.
واعتبر الكارثة الحقيقية أن المنظمات الدولية لم تحاول مساعدة هؤلاء الأطفال، ولو حتى إعادة بسمة الطفل التي فقدها، حتى الأهالي النازحون في أماكن نزوحهم لا يمتلكون أي وسيلة لمساعدة الطفل فلا يوجد أي مختص في الجانب النفسي لمساعدة الأطفال ولا حتى حصلوا على الهدايا البسيطة بمناسبة عيد الأضحى المبارك.
وبينما شهدت جبهات القتال الشرقية والغربية في مدينة تعز قتالا بين المقاومة الشعبية والجيش المؤيد للشرعية، من جهة، وميليشيات الحوثي وصالح، من جهة أخرى، وتقدم المقاومة والجيش وسيطرتها على عدد من المواقع وسط سقوط قتلى وجرحى من الميليشيات، شنت غارات التحالف العربي غاراتها على مواقع للميليشيات وتجمعات في قرية حذران وميلات، وخلف مصنع السمن والصابون، والمقهاية، ومدينة الصالح، وغارة أسفل تبة الشيباني عند نقطة الضباب، وتبة سوفتيل، معسكر الأمن المركزي وتبة السلال.
إلى ذلك، سقط، أمس، الكثير من القتلى والجرحى المدنيين جراء القصف الهمجي على الأحياء السكنية بتعز بصواريخ الكاتيوشا والهاوزر التي تركزت في شعب سلمان في وادي القاضي، وسط المدينة، المجاور لموقع جبل جرة الاستراتيجي، حيث تستمر الاشتباكات العنيفة بمحيط منزل المخلوع صالح والقصر الجمهوري وثعبات وشارع الستينزز.
وقال شهود محليين إن «ميليشيات الحوثي وصالح قاموا بقصف شعب سلمان في وادي القاضي قبل صلاة الظهر، أمس، خلال وجود العشرات من المدنيين والأطفال المتسوقين في البقالات والمحال التجارية، لتقتل بذلك ما لا يقل عن مدنيين اثنين وإصابة أكثر من 15 آخرين بينهم نساء وأطفال».
ويؤكد مصدر من المقاومة الشعبية أن «عناصر المقاومة والجيش طهروا مواقع كانت تحت سيطرة الميليشيات ومنها تطهير تبة المصارية، وبها يتم قطع خط إمداد ميليشيات الحوثي وصالح ما بين الجفينة وصرواح، كما أن الميليشيات تستمر بقصفها للأحياء السكنية من أماكن تمركزها في القصر الجمهورية ومفرق الذكرة ومن جبل أومان بالحوبان ومن جامعة بمنطقة الحبيل، مستهدفة بذلك أحياء الدمغة وقلعة القاهرة والكشار وثعبات».
ويضيف: «الجبهة الشرقية للمدينة شهدت اشتباكات عنيفة في ثعبات والجحملية، جوار منزل المخلوع صالح، الذي سيطرت عليه المقاومة والجيش في محاولة مستميتة لاستعادته، وكذا في منطقة الكمب وجوار كلية الطب وبريد كلابة وحي الصفا وشارع الأربعين، ومقتل العشرات من ميليشيات الحوثي وصالح عند محاولتهم اختراق مواقع المقاومة مستخدمين بذلك كل أنواع الأسلحة، كما شهدت جبهة الضباب اشتباكات عنيفة وأنباء عن استعادة الجيش والمقاومة مواقع مهمة».
وفي مدينة الحديدة الساحلية، غرب اليمن، جددت طائرات التحالف العربي غاراتها على مواقع عسكرية وتجمعات لميليشيات الحوثي وصالح، وطالت الغارات، أمس، الأمن المركزي بالحديدة واستهدف مبنى القيادة ومخازن الأسلحة وهنجر البوابة الرئيسية وعددًا من الأطقم العسكرية، وسط نزوح كبير للسكان المجاورين لمعسكر الأمني المركزي.
من جانبه، كشف مصدر في قسم الاستخبارات العسكرية في المقاومة الشعبية بإقليم تهامة بقيام ميليشيات الحوثي وصالح بنصب صواريخ سكود وتوشيكا في مزرعة نجل المخلوع صالح العميد أحمد علي عبد الله صالح، بمنطقة الجر، وقالت المقاومة على صفحتها في التواصل الاجتماعي (فيسبوك) إن «مصدرًا في قسم الاستخبارات العسكرية في المقاومة التهامية كشف عن قيام الميليشيات الإجرامية بنصب منصة صواريخ سكود طويلة المدى وتخزينها لصواريخ سكود وتوشيكا في محافظة الحديدة، وإن قسم الاستخبارات في المقاومة رصد إدخال الميليشيات الإجرامية لمنصة الصواريخ محملة بقاذف الصاروخ إلى معسكر التدريب، التابع لقوات الحرس الجمهوري، الواقع بمنطقة كيلو 16، البوابة الشرقية لمدينة الحديدة عاصمة إقليم تهامة، وكذا في مزرعة نجل المخلوع الواقعة أمام مصنع التغذية الواقع عند المدخل الجنوبي الغربي لمدينة باجل حيث قامت الميليشيات بإدخال مجموعة من صواريخ سكود وتوشيكا على أربع قواطر دخلت المزرعة وقامت الميليشيات بدفنها داخل تلك المزرعة».
وأضافت: «المنصة التي تم إدخالها معسكر التدريب في منطقة كيلو 16 لم تكن تحمل صواريخ، والصواريخ التي أدخلتها الميليشيات مزرعة نجل المخلوع في منطقة الجر بباجل كانت بشكل سري، وعملية نقلها تمت بصورة غير لافتة للأنظار، ودون أي حماية من أفراد الميليشيات».
بدورها، شنت المقاومة التهامية هجومًا مسلحًا بأسلحة الكلاشنيكوف على نقطة تتبع ميليشيات الحوثي وصالح في منطقة المرير القهراء بمديرية جبل رأس بالحديدة، المحاذية لمحافظة إب، وأنباء عن سقوط ما لا يقل عن 3 قتلى في صفوف الميليشيات.



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.