بعد اليأس من بغداد.. «الأنبار» تناشد المجتمع الدولي لمساعدتها في محاربة «داعش»

مجلس المحافظة يحشد جهوده لمساعدة النازحين وإعادة إعمار البنية التحتية

عائلة عراقية تحمل معونات تم توزيعها في مخيم للاجئين ببغداد (أ.ب)
عائلة عراقية تحمل معونات تم توزيعها في مخيم للاجئين ببغداد (أ.ب)
TT

بعد اليأس من بغداد.. «الأنبار» تناشد المجتمع الدولي لمساعدتها في محاربة «داعش»

عائلة عراقية تحمل معونات تم توزيعها في مخيم للاجئين ببغداد (أ.ب)
عائلة عراقية تحمل معونات تم توزيعها في مخيم للاجئين ببغداد (أ.ب)

بدأ مجلس محافظة الأنبار يحشد الدعم لإعادة حشوده في حربه التي ما زال يعيشها مع «داعش» منذ مايو (أيار) الماضي، لتعقد المحافظة جلسته أمس في أربيل لمناقشة الإمكانيات المتاحة لإعادة بناء الكثير من البنى التحتية وتجهيز الحشود لصد أي هجوم تقوم به «داعش»، إلا أنه قد تقف عوائق أمام المحافظة أهمها الأموال والتجهيزات التي تحتاج لها المحافظة، إضافة للبناء وتوفير المساعدات للنازحين من سياط «داعش».
وأطلقت المحافظة مناشدة للمجتمع الدولي لمد يد العون للمحافظة ونازحيها، مشيرة إلى ضرورة العمل من أجل إعادة الحياة إلى المحافظة بصد هجوم ميليشيات «داعش»، واحتضان النازحين القادمين من المناطق التي تسيطر عليها «داعش»، فيما كشف أحد أعضاء المجلس أن الجهود متواصلة من قبلهم لإنقاذ العوائل العالقة في المناطق الخاضعة لسيطرة «داعش» في المحافظة التي تشهد عمليات عسكرية مستمرة.
وقال رئيس مجلس المحافظة صباح كرحوت إنهم طالبوا من خلال الجلسة التي عقدت أمس في إقليم كردستان، المجتمع الدولي إلى التنسيق مع مجلس محافظة الأنبار لدعم نازحي المحافظة، كونهم يشكلون مأساة كبيرة بسبب النزوح وعدم قدرة المحافظة على تلبيه احتياجاتهم، مضيفًا أنه يتوجب دعم الأنبار كونها أصبحت محافظة منكوبة بسبب الحرب والويلات التي تشهدها إثر سيطرة تنظيم داعش عليها في وقت سابق، لتزداد الحاجة حاليا إلى مساعدات عاجلة سواء أكانت طبية أو غذائية، أو توفير المسكن للنازحين.
وأضاف كرحوت أن مناشدتهم للمجتمع الدولي جاءت بعد يأسهم من دور بغداد في دعم المحافظة وأهلها، وقال: «الحكومة العراقية مقصرة جدا من حيث دعم المحافظة ومساعدة أهلها النازحين».
وطالب المجلس في ختام الجلسة الحكومة الاتحادية في بغداد إلى إطلاق الموازنة المالية للمحافظة لعام 2015 الحالي، لتقديم الخدمات وتحسين أوضاع النازحين، وإنشاء مخيمات لهم تراعى فيها المعايير الإنسانية وغلق التجمعات العشوائية لآثارها السلبية على النازحين.
وأكد المجلس على ضرورة التنسيق بين مديرية الصحة في المحافظة والمنظمات الإنسانية الدولية لتوفير الأدوية والمستشفيات الجوالة وحليب الأطفال للنازحين، ودعم تعليمهم من خلال توفير الأجهزة والمختبرات الخاصة في الأماكن المخصصة لتعليمهم.
ودعا مجلس المحافظة المجتمع الدولي إلى تقديم المنح وتبني برامج خاصة بمساعدتهم وتدريب كوادر المحافظة والمنظمات المحلية فيها لتنفيذ المهام الملقاة على عاتقهم بشكل صحيح. وسيطر تنظيم داعش في 17 مايو الماضي على مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار بعد انسحاب القوات العراقية منها، وما زالت مساحات واسعة من هذه المحافظة خاضعة لسيطرة التنظيم بما فيها مركزها مدينة الرمادي، في حين تواصل القوات العراقية المتمثلة بميليشيات الحشد الشعبي الشيعية وأبناء العشائر والجيش العراقي عملياتهم العسكرية لتحرير هذه المدينة لكن دون جدوى، وبحسب مصادر مطلعة، فإن المعارك الدائرة منذ شهور وسيطرة «داعش» على المدينة تسبب في دمار بنيتها التحتية بشكل شبه كامل، خاصة في مجال الخدمات الرئيسية من ماء وكهرباء وخدمات بلدية، وتسعى الحكومة المحلية في المحافظة إلى حشد الجهود الدولية من الآن استعدادا لإعادة إعمارها في مرحلة ما بعد «داعش»، هذا إذا لم تتكرر فيها سيناريو تكريت التي أصبحت بفعل «داعش» والميليشيات الشيعية مدينة مدمرة بالكامل.
إلى ذلك، قال مدير توزيع الطاقة الكهربائية في مدينة الرمادي، خليل إبراهيم عواد إن شبكات نقل الطاقة الكهربائية ومحطاتها الرئيسية ومحطات التحويل الثانوية تعرضت إلى دمار هائل، من ضمنها محطة تحويل الورار التي دمرت بنسبة 70 في المائة ومحطة الخالدية التي أحرقت بالكامل، أما باقي الأقسام الأخرى فكانت نسبة الضرر فيها نحو 60 في المائة، التي لحقت بها نتيجة الأعمال العسكرية والتدمير الذي يمارسه مسلحو «داعش» في المحافظة. وبين عواد أن لديهم برنامجًا لإعادة إصلاح هذه الأضرار لكن بعد استتباب الوضع الأمني في المحافظة، كون الوضع الأمني أصبح الشاغل الوحيد الذي يقلق المحافظة، فيما يمكن تجاوز العقبات الأخرى.
وما زالت المئات من العوائل العراقية عاقلة بين المناطق التي تسيطر عليها «داعش»، لعد فشلهم بالخروج بسبب سيطرة «داعش» عليها، الأمر الذي جعل حياة هؤلاء في خطر محدق، ليؤكد في هذا السياق عضو مجلس محافظة الأنبار، أركان خلف الطرموز أنهم مستمرون في اتصالاتهم مع القيادات العسكرية لإنقاذ هؤلاء المواطنين، وقال: «التنظيم بدأ باحتجاز هذه العوائل كدروع بشرية، ويمنع خروجها من الأنبار»، مشيرًا إلى «فرض داعش مؤخرا غرامات مالية على العوائل التي تريد الخروج من الفلوجة والهيت».
وتعتبر تلك الغرامات باهظة جدا، إذ تصل نحو 2.5 مليون دينار عراقي لكل فرد، في حين لا تمتلك تلك العوائل قوت يومها لتبقى تنتظر بارقة الأمل للخروج من هذه المحنة التي أحاطت بهم، ليطلق كثير منهم النداء إلى كل الأهالي في المناطق التي تشهد عمليات عسكرية لمساعدتهم.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».