متظاهرون يحتجون على الفساد في العراق من خلال موسيقى الراب

مجموعة «إس إس كيه» قدمت عرضًا في البصرة فأثارت حماس الجمهور

متظاهرون يحتجون على الفساد  في العراق من خلال موسيقى الراب
TT

متظاهرون يحتجون على الفساد في العراق من خلال موسيقى الراب

متظاهرون يحتجون على الفساد  في العراق من خلال موسيقى الراب

بين عشية وضحاها حقق مجموعة من الأصدقاء العراقيين نجاحًا في ما يتعلق باستخدام موسيقى الراب في التعبير عن إحباطهم إزاء ما وصفوه بسنوات الفساد الحكومي والمحاباة في العراق. وقدمت المجموعة التي تطلق على نفسها اسم «إس إس كيه» عرضًا أثناء احتجاج في البصرة في الآونة الأخيرة فأثارت حماس جمهور المتظاهرين بحُسن اختيار الكلمات والبراعة في إدانة الفساد السياسي.
تدمج فرقة «إس إس كيه» بين موسيقى الراب الغربية والكلمات العربية وبين اللغتين العربية والإنجليزية لتوصيل الرسالة السياسية المطلوبة عن طريق الموسيقى.
قال مغني الراب حسين العربي الذي يطلق عليه لقب أمينيم العراقي على مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت: «إني لقيت أن الراب وسيلتي الأفضل أني أقدر أكتب وأستخدم لي أي إيقاع أو شيء حتى المستمع لما يسمعني أولا حيتأقلم ويا الوضع وراح تعجبه الطريقة اللي أنا حأدي له بيها الكلمات. فحاولت في هذا الفن أني أخذت الشيء الزين منه وحاولت أوصل به رسالتي. والحمد لله والشكر لقيت إقبال ناس هواية (كثير جدًا) سمعتني. هواية ناس ساندتني».
أوضح حسين العربي أن هدفهم هو إبراز الصعوبات التي يواجها المواطنون العراقيون العاديون في حياتهم اليومية. أضاف لتلفزيون «رويترز»: «أنا ما جاي أحكي عن أو ودي أوصل رسالتي للعراق. لا أنا ما قصدي العراق. العراقي هو يعيش المأساة. أنا أشرح مأساة العراقي للعراقي لكن أوصلها خارج.. خارج أي دولة. أي مكان يسمعني. هذا ندائي كله باسم.. صح ينطلق من صوتي بس صوت كل إنسان عراقي. صوت كل مظلوم. صوت كل فقير. صوت كل ابن (شهيد)».
ويمثل أعضاء هذا الفريق الغنائي أو تلك المجموعة أبناء العراق العاديين، حيث إنهم ينحدرون من أُسر تعاني اقتصاديا. فقائد الفريق حسين العربي يعمل في مجال البناء ويبلغ دخله 300 ألف دينار عراقي (نحو 270 دولارًا) شهريًا. ويعمل رفاقه في مهن مماثلة. ويستخدم هؤلاء الشباب المعدات الرئيسية فقط لتسجيل أغنياتهم في منزل أسرة العربي.
وعن ذلك قال حسين العربي: «أصدقاؤنا اللي بالاعتصام.. إلى بؤرة الخيمة قالوا حسين أنت بصوتك تقدر توصل وتقدر القنوات تسمعه وهاي.. فيا ريت تسوي لنا عمل تحكي عن مظلوميتنا وكل الناس شافت المظاهرات والمظلوميات اللي جاية تصير والاضطهاد للشباب وغيره. فحاولنا أن نجسد هذه الكلمات وننقل هاي الصورة كلها أمام المستمع وأمام المتظاهر نفسه. ننقل هاي الوضعية بمعدات بسيطة وتصوير بسيط. ننقل هاي الفكرة للناس بحيث إنه أكثر عدد من الناس يسمعنا ويعرف شنو مطالبنا».
وكان فريق «إس إس كيه» متخوفًا في البداية إزاء طرح أغنيات باستخدام موسيقى الراب في المجتمع العراقي المحافظ. وأوضح أعضاء الفريق أنهم ذُهلوا بمدى النجاح الذي حققته أغنياتهم.
وقال فهد مازن المغني في الفريق: «إحنا ما كنا متوقعين راح يصير العمل بغاية الأهمية. إحنا كان ودنا بس إنه نقدم عمل للمتظاهرين فما نعرف راح يصير هذا الإقبال على هذا العمل. الحمد لله والشكر الله وفقنا وصار عندنا إقبال. وحتى في نفس الوقت كنا متخوفين يعني أن الناس ما تتقبل هذا الشيء بالشارع العراقي كراب. بس الحمد لله والشكر مثل ما شفتوا بالتصوير يعني الناس هما اللي جاءوا وهما اللي شاركوا فأحبوا هذا الشيء من سمع الكلام».
وقال أعضاء الفريق الغنائي إن انجذاب الشارع العراقي لهم لم يرعبهم لأنهم يعتبرون أنفسهم جزءا من العراقيين العاديين ويؤدون ما يجب عليهم في التعبير عن الظلم المرتبط بالوضع السياسي الراهن في البلاد.
وشهدت محافظة البصرة الغنية بالنفط في جنوب العراق والكثير من المدن الأخرى في البلاد بما فيها العاصمة بغداد مظاهرات احتجاجية في الأسابيع الأخيرة للمطالبة بتوفير الخدمات الأساسية ومحاكمة السياسيين المفسدين وإجراء إصلاحات في نظام مليء بالفساد وعدم الكفاءة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».