تكريم شارلي شابلن والراحل عمر الشريف في تونس

في إطار الدورة الأولى لسينما المتحف في تونس

ملصق المهرجان
ملصق المهرجان
TT

تكريم شارلي شابلن والراحل عمر الشريف في تونس

ملصق المهرجان
ملصق المهرجان

تتواصل في متحف مدينة سوسة التونسية عروض مجموعة من الأفلام الصامتة التي تعود إلى بداية القرن الماضي حتى 13 سبتمبر (أيلول) الحالي ضمن الدورة الأولى لـ«سينما المتحف». وتسعى هذه التظاهرة إلى التذكير بالإرث السينمائي التونسي والأفريقي من خلال إعادة بث أولى الأفلام في تاريخ السينما والرجوع بالذاكرة إلى أهم الشخصيات السينمائية التي طبعت بوجودها متابعي الفن السابع.
وتنظم هذه التظاهرة في الهواء الطلق بمتحف مدينة سوسة (وسط شرقي تونس) على طريقة العروض التقليدية التي ميزت تاريخ السينما، وتعرض على امتداد أربعة أيام مختارات من السينما الصامتة مع مصاحبة موسيقية ومجموعة من الأفلام الكلاسيكية بعد خضوع نسخها الأصلية إلى عمليات ترميم ناجحة.
وسيجري تكريم الفنان المصري عمر الشريف وشارلي شابلن والتونسي ألبار سمامة شكلي (من أصول يهودية) خلال هذه التظاهرة السينمائية. وتعود هذه التظاهرة بالذاكرة إلى إنتاجات التراث السينمائي التونسي والعربي والأفريقي كما تتوجه إلى سينما بلدان الجنوب. وتشرف على هذه التظاهرة جمعية أفريقيا والمتوسط للثقافة بتونس بالشراكة مع المركز التونسي للسينما والصورة وبدعم من أيام السينما الصامتة في بوردينون الإيطالية ومكتبة السينما الفرنسية.
وتوقفت هذه التظاهرة السينمائية في دورتها الأولى عند تجربة شارلي شابلن باعتباره رائدا لسينما الكوميديا الصامتة، وذلك من خلال مجموعة من أبرز أعماله السينمائية التي ما زالت تشد الانتباه رغم أنها بالأبيض والأسود. وسيقع عرض «المهاجر» (1917) و«الطريق السهل» من مجموع أفلام شارلي المعروفة بـ«الكوميديا السوداء». ويرجع هذا الاهتمام بشخصية شابلن إلى الاحتفال خلال هذه الفترة بمئوية ظهور هذه الشخصية التي ابتكرها الفنان العالمي شارلي شابلن سنة 1914.
أما بالنسبة للفنان المصري عمر الشريف، فإن تظاهرة «سينما المتحف» ستقدمه من خلال فيلم «جحا» الذي أدى بطولته.
وبخصوص هذه التظاهرة السينما الطريفة، قال محمد شلوف مدير سينما المتحف في دورته الأولى لـ«الشرق الأوسط» إن هذه التظاهرة تحظى بأهمية خاصة لدى متابعيها باعتبارها تحفظ الذاكرة الجماعية من التلف والاندثار وتدعو إلى ترميم الذاكرة السينمائية والاعتراف للرواد وبأهمية الإسهامات السينمائية التي قدموها خلال مسيراتهم الفنية.
وأضاف شلوف أن تظاهرة سينما المتحف انطلقت في دورتها الأولى من سوسة الساحلية ولكنها ستجوب بقية المدن التونسية بداية من الدورة المقبلة بعد النجاح الذي عرفته من خلال الإقبال على اكتشاف جوانب مبهمة من السينما التونسية والعالمية على حد تعبيره.
ويعد التونسي ألبار سمامة شكلي أول تونسي أطلق العنان للسينما التونسية وسيُخصص معرض صور ويُعرض شريط وثائقي مدته 29 دقيقة حول مسيرة هذا السينمائي التونسي. وعلى هامش هذه الدورة يعرض فيلم «زهرة» و«عين الغزال» كما يقدم شريطًا وثائقيًا حول صيد سمك التن وهو يعود إلى سنة 1905 وفيلم سقوط قرطاج (1912) والأرض المقدسة (1918).
وتعول هذه التظاهرة السينمائية المعتمدة على الموروث السينمائي على جانب مهم من الأنشطة الموسيقية، إذ سيعود بنا عدة فنانين من تونس والخارج إلى الماضي الجميل من خلال معزوفات كريم الغريبي وعبد السلام الغريبي من تونس، وجون بابتيتس وغيتو سودو وفرنسوا لوران من الخارج.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».