وزير خارجية مصر: ليس بين القاهرة والرياض سوى التوافق والرؤى المشتركة

شكري في حديث لـ {الشرق الأوسط}: نعمل للتحضير لزيارة خادم الحرمين الشريفين إلى بلادنا

سامح شكري
سامح شكري
TT

وزير خارجية مصر: ليس بين القاهرة والرياض سوى التوافق والرؤى المشتركة

سامح شكري
سامح شكري

نفى وزير الخارجية المصري سامح شكري وجود خلافات أو تمايزات في الرؤى بين القاهرة والرياض. وقال شكري في حديث خص به «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في باريس للمشاركة في المؤتمر الدولي لحماية الأقليات الذي استضافته العاصمة الفرنسية أول من أمس إن «لكل من مصر والسعودية دورها وتناولها للأمور، وفي الوقت نفسه هناك تنسيق بيننا»، مضيفا أن القاهرة «تتعامل بشفافية مطلقة مع المملكة» التي تربطها بها «علاقات تتفوق على أي علاقات أخرى».
وفي موضوع القوة العربية المشتركة، امتنع وزير الخارجية المصري عن إعطاء تواريخ محددة لظهورها إلى النور، معتبرا طلب بعض الأطراف العربية تأجيل انعقاد مجلس الدفاع العربي المشترك دليل جدية في التعامل. أما في الموضوع السوري، فقد جدد شكري دعوته للقوى المؤثرة على المكونات السورية للدفع باتجاه الحل السياسي، معتبرا أن مصير بشار الأسد «يقرره السوريون»، وداعيا إلى العمل بورقة «جنيف 1» التي تنص على قيام حكومة انتقالية تتمتع بكافة الصلاحيات التنفيذية. وفيما يلي نص الحوار:
* شاركتم في المؤتمر الدولي لحماية الأقليات العرقية والدينية، هل تعتقد أنه ستكون له فائدة عملية على حياة الناس المعنيين به؟
- فائدة المؤتمر تكمن في أنه يبرز المخاطر المتصلة بالإرهاب ويزكي فكرة تضامن المجتمع الدولي من أجل محاربة التنظيمات الإرهابية والأعمال الإجرامية التي تقترفها. وتداول المؤتمر في موضوع المكونات الخاصة في المجتمعات في سوريا والعراق وذلك بسبب ضغوط العناصر الإرهابية. نحن في الواقع نفضل ألا نشير إلى مثل هذه المكونات إلا باعتبارها مكونات للنسيج الوطني.
* بكلام آخر، أنتم لا ترغبون في استخدام كلمة أقليات؟
- هذا صحيح. نحن في تجربتنا في مصر لدينا إخوة من المسيحيين المصريين الذين يرفضون أن يوصفوا بالأقلية لأنهم جزء لا يتجزأ من النسيج الوطني ولا تستطيع في مصر أن تفرق بين مسلم ومسيحي فكل ينعم بحقوق المواطنة ونرى أنه بالإشارة إلى الأقليات فإن ذلك يشكل نوعا من التفرقة الطائفية التي لا تفيد وإنما بالعكس تذكي التشرذم واستهداف التنظيمات الإرهابية لمكونات محددة أحيانا تكون هشة وضعيفة، ولكن يجب ألا ينظر إليها على أنها جزء لا يتمتع بالقدر نفسه من الحماية والاهتمام.
* هل سيكون لهذا المؤتمر بخلاصاته وخطة عمله تأثير ملموس على حياة الناس المعنيين به الذين عقد المؤتمر لأجلهم؟
- سوف ننظر إلى أي مدى ستتضافر الجهود الدولية لتوجيه الحماية. لكن الحماية المطلوبة يفترض أن تكون لكافة أفراد المجتمع الذي تعمل فيه هذه المنظمات الإرهابية والتي تستهدفه وبالتالي علينا أن ننظر إلى الأمر نظرة شاملة ولا نضع أنفسنا في مواضع ضيقة ونترك الساحة لهذه المنظمات بحيث تختار من تستهدفه ومن تتعامل معه.
* كان هناك نوع من التشويش في الإعلام المصري بخصوص زيارة كان سيقوم بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز إلى مصر لدى عودته من الولايات المتحدة الأميركية. ما حقيقة الأمر؟ وهل لهذا التشويش أساس؟
- إطلاقا. هناك رغبة متبادلة للتواصل وللقاء على مستوى القيادتين. نحن نعمل، مصر والسعودية، للتحضير لزيارة مرتقبة لخادم الحرمين الشريفين إلى بلادنا.
* هل هناك تاريخ معين لتحقيق الزيارة؟
- لم يتحدد تاريخ بعينه وإنما بدأت الاستعدادات للزيارة من قبل الجانبين في إطار التواصل على المستويات القطعية المختلفة التي تشكل في مجملها أساس العلاقات المصرية السعودية وفي مناحيها المختلفة.
* يقال هنا وهناك بوجود تمايزات بين القاهرة والرياض إزاء جملة من المواضيع السياسية المتنوعة ذات العلاقة بأوضاع المنطقة ومن ذلك الموضوع السوري والتعاون مع «الإخوان» والعلاقة مع قطر وتركيا. هل يمكن أن توضح لنا حقيقة الأمر؟
- في اللقاء الذي جمعني بوزير خارجية السعودية عادل الجبير في القاهرة وفي بداية وصوله إلى موقع المسؤولية وكذلك عندما قمت بزيارة إلى السعودية، تم طرح هذا السؤال وكانت الإجابة من قبله ومن قبلي قاطعة وملخصها أنه ليس هناك إلا التوافق والرؤى المشتركة بين مصر والسعودية. ولكن هذا لا يعني أنه ليس لكل منا دوره وتناوله للأمور. وفي الوقت نفسه هناك تنسيق بيننا وهو ما يؤدي لبلورة كل منا لموقفه في ضوء المعطيات والخبرة والممارسة وبالتالي نحن نستفيد من الحوار والانفتاح والشفافية المطلقة التي نتعامل بها مع السعودية وهي تفوق أي علاقة أخرى. ونحن نتشاور ونحيط بعضنا البعض بكل خطوة نقوم بها بشكل واضح حتى يكون هناك تنسيق جدي لأن الهدف واحد فيما بيننا والمصلحة واحدة والمستقبل والمصير واحد.
* خصوصا أن زيارة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للقاهرة أرست أسس العلاقة الاستراتيجية بين القاهرة والرياض.. أليس كذلك؟
- كانت زيارته ناجحة للغاية وزيارتي للسعودية قبل أسبوع من زيارة سموه كانت أيضا عميقة في تناول القضايا الإقليمية والعلاقات الثنائية. ثم جاءت زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى القاهرة ومشاركته في تخريج طلاب الكلية الحربية دليلا على العلاقات وقوتها وتناولها لمناح مختلفة. والآن وقد بدأنا في التحضير المشترك للزيارة المرتقبة لجلالة خادم الحرمين، فهذا دليل على الاهتمام بحيث تأتي الزيارة بشكل منتج وتحد للأطر المختلفة وتجهيز يتناسب مع أهمية الحدث.
* هل سنرى قريبا ولادة القوة العربية المشتركة؟
- نحن نسعى دائما خاصة في حالة الاضطراب التي يشهدها العالم العربي لخروج هذه الفكرة إلى النور لما تؤدي إليه من سبيل رادع لأي أطماع وتهديد للأمن القومي العربي وخاصة أمن الخليج وهو جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي العام. بعض الأطراف العربية ومن ضمنها السعودية طلبت تأجيل انعقاد مجلس الدفاع المشترك من أجل المزيد من البحث ونحن ننظر لذلك باعتباره تأكيدا للاهتمام بالموضوع والتعاطي معه بشكل مدقق.
* لكن هل هناك أفق زمني لذلك؟
- الحقيقة أننا لا نقيد أنفسنا بآفاق زمنية وإنما المهم هو التشاور وأن يتم الخروج بهذا المكون الهام لدعم الأمن القومي العربي بالشكل الذي يحقق المصلحة في نهاية الأمر.
* نعلم أن علاقتكم جيدة مع روسيا. الرئيس زار موسكو وأنت كذلك وهناك مشاورات دائما بين القاهرة وموسكو. كيف تنظر إلى قرار روسيا بتعزيز حضورها العسكري في سوريا وتوفير دعم إضافي للنظام السوري بالسلاح والعتاد وربما المشاركة المباشرة في العمليات العسكرية؟ كيف تفهمون الموقف الروسي بعد التسريبات عن «تحول» في الرؤية الروسية ورغبة في لعب دور الوسيط والتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية؟
- يؤلمنا كثيرا ما يحصل في سوريا وما يتعرض له الشعب السوري من قتل وتدمير وتهجير وشرذمة. وهذا الوضع الذي نشهده في أووربا من هجرة جماعية ولجوء شيء مؤلم حقيقة لأي عربي. وفي الوقت نفسه، نرى أن الحل السياسي هو الوحيد القادر على الخروج من الأزمة ووقف النزاع المسلح. ولكن هناك العنصر الإرهابي ولا بد أن نتكاتف جميعا لمحاربة الوجود الإرهابي في سوريا. ولكن لا بد من الاعتماد على الحل السياسي القائم على محددات «جنيف 1» وتشكيل حكومة انتقالية تمثل كافة الأطياف السياسية السورية. ومصر قامت بعمل مع المعارضة الوطنية السورية التي لا يمكن اتهامها بأي شكل من الأشكال بأنها متورطة في أعمال إرهابية أو أنها في خدمة مصالح التطرف. وقد نظمنا اجتماعين لأطرافها وهي قبلت بالإطار السياسي للحل، وعلى كافة الأطراف في سوريا أن تتقبل الحل السياسي لوقف سيل الدماء.
* لكن كيف تنظرون إلى ما تقوم به روسيا من تعزيز عسكري؟ هل يمكن لهذا التطور أن يصب في الإطار الذي تتحدثون عنه؟
- نحن نتحدث إلى الطرف الروسي وندفع باتجاه الحل السياسي ونستمع لوجهة نظرهم التي يؤكدون فيها خيارهم السياسي. وبالتالي نحن نحث كافة الأطراف أن يؤكدوا للمكونات المختلفة في سوريا أهمية الحل السياسي وضرورة الانخراط فيه.
* وماذا عن الدور الإيراني؟
- لإيران القدرة على التأثير.
* هل ترون أنها تدفع باتجاه الحل السياسي؟
- أتصور أن ذلك هو المطلوب لأن عكسه هو الاستمرار في الحل العسكري والحل العسكري منبوذ لا بل إنه يعتبر مجرما في هذه الأوضاع لما يؤدي إليه من فقد الأرواح وانتهاك حقوق الإنسان. ولذا على كل طرف في المجتمع الدولي التزام أن يزكي الحل السياسي وأن يسعى لتحقيقه من خلال ما لديه من قوة تأثير على مختلف المكونات.
* أنتم تعلمون أن نقطة الخلاف الرئيسية هي مصير الرئيس الأسد. ما رؤية مصر؟ وهل أنتم قادرون على تقديم مخرج من هذه المعضلة؟
- مصر تتعامل وفقا لإرادة الشعب السوري الذي له أن يقرر من خلال حكومة انتقالية ممثلة لكافة أطياف الشعب ثم من خلال انتخابات حرة تتم تحت رقابة دولية وفي إطار تفعيل «جنيف 1». وندعو المكونات السياسية للتواصل لحل هذا النزاع والنظر إلى المستقبل. ماذا يأتي به المستقبل؟ هو أمر متروك لإرادة الشعب السوري.
* لماذا التأخير في التوصل إلى الموافقة على مقترحات المبعوث الدولي في ليبيا؟ وكيف يمكن التغلب من وجهة نظركم على العقد التي تعيق إخراج ليبيا من محنتها؟
- المبعوث الدولي وصل إلى نتائج إيجابية بفضل جهود الكثير من دول الجوار بما فيهم مصر عند التوصل إلى اتفاق الصخيرات. ثم قيل في إطار المفاوضات إن المجتمع الدولي سيفرض إرادته على الأطراف التي تنبذ الاتفاق. لكن للأسف لم نر شيئا من ذلك. المجتمع الدولي والشركاء الأوروبيون والولايات المتحدة الأميركية لم يقوموا بالضغوط المطلوبة على الجهات المتطرفة في طرابلس لتحفيزها للانضمام إلى الاتفاق.
* وما دور مصر في ذلك؟
- نحن ندعم الحل السياسي وجهود المبعوث الدولي وندعو لتنفيذ الاتفاق فيما بين الأطراف التي قبلته لأنه يفتح الطريق لدعم حكومة الوحدة الوطنية من قبل المجتمع الدولي حتى يتحقق الاستقرار للشعب الليبي إذ لا يمكن أن يستمر الوجود الإرهابي (في ليبيا) ولا فراغ الدولة التي من واجباتها الأولى أن تسيطر على المخاطر المترتبة على الإرهاب.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.