الانتخابات البلدية والجهوية في المغرب تختبر شعبية «العدالة والتنمية» الإسلامي

نسبة المشاركة فيها حتى مساء أمس بلغت 36.5 %

عبد الإله ابن كيران يدلي بصوته في الرباط (رويترز)
عبد الإله ابن كيران يدلي بصوته في الرباط (رويترز)
TT

الانتخابات البلدية والجهوية في المغرب تختبر شعبية «العدالة والتنمية» الإسلامي

عبد الإله ابن كيران يدلي بصوته في الرباط (رويترز)
عبد الإله ابن كيران يدلي بصوته في الرباط (رويترز)

توجه الناخبون المغاربة أمس إلى صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم في المجالس البلدية والجهوية، وذلك في أول انتخابات تجري في ظل دستور 2011 الذي منح صلاحيات واسعة للبلديات والجهات.
وأدلى عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة المغربية الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، متزعم الائتلاف الحكومي بصوته صباح أمس في الرباط داخل مدرسة معاد بن جبل، بحي الليمون الذي يضم مقر حزبه وبيته كذلك، ووجد ابن كيران عند وصوله إلى مكتب التصويت عددا كبيرا من المصورين الصحافيين ومراسلي القنوات التلفزيونية المغربية والعربية والأجنبية، الذين تسابقوا لالتقاط صوره، لكن ابن كيران تجنب الإدلاء بتصريح إلى حين ظهور نتائج الاقتراع.
وأدلى قادة أحزاب التحالف الحكومي الثلاثة بأصواتهم في هذه الانتخابات، وهم صلاح الدين مزوار وزير الخارجية ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي أدلى بصوته في الدار البيضاء، ومحند العنصر وزير الشبيبة والرياضة والأمين العام لحزب الحركة الشعبية، الذي صوت بايمواز مرموشة بإقليم بولمان، ونبيل بنعبد الله وزير السكنى وسياسة المدينة والأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، الذي أدلى بصوته في الرباط.
وأغلقت جميع الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات أمس مواقعها الإلكترونية وصفحاتها الرسمية على «فيسبوك» منذ منتصف ليلة الخميس وحتى السابعة من مساء أمس (الجمعة)، موعد إغلاق مكاتب التصويت حتى لا تسقط في الدعاية الانتخابية يوم التصويت، وهي مخالفة يعاقب عليها القانون.
وعلى غرار الاستحقاقات الانتخابية السابقة، كانت نسبة المشاركة متدنية في الصباح، وبلغت 12 في المائة منتصف النهار، حسب بيان لوزارة الداخلية، ثم ارتفعت تدريجيا.
وكانت أحزاب سياسية ومنظمات المجتمع المدني قد طالبت بتغيير يوم الاقتراع من الجمعة إلى الأحد لضمان نسبة مشاركة مرتفعة، كما أن أحزاب المعارضة عللت طلبها تغيير يوم الاقتراع لما يحمل هذا اليوم من رمزية دينية، إلا أن الحكومة رفضت هذا المطلب، وتشبثت بتنظيم الانتخابات في يوم الجمعة، الذي أضحى بمثابة عرف يحافظ عليه المغرب منذ سنوات عدة، ليس في الانتخابات وحسب، بل حتى في الاستفتاءات الشعبية.
واشتكى أمس عدد من الناخبين من عدم تمكنهم من معرفة مكاتب التصويت التي ينبغي عليهم أن يقصدوها للإدلاء بأصواتهم، رغم إرسالهم رسالة نصية إلى الرقم الذي وضعته وزارة الداخلية لهذا الغرض، وهو ما شكل إرباكا لهم، فيما توصل آخرون برد على رسائلهم بشكل عادي، ولم يجدوا أي صعوبة في التعرف على مكاتب التصويت. كما فوجئ بعض الناخبين من غياب أسمائهم من السجلات من دون مبرر، الأمر الذي حرمهم من الإدلاء بأصواتهم.
وعد مراقبون هذه الانتخابات اختبارا لشعبية حزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية، الذي يقود الحكومة مع ثلاثة أحزاب أخرى منذ ثلاث سنوات ونصف، وذلك قبل عام فقط من الانتخابات التشريعية المقررة عام 2016.
واجتاز «العدالة والتنمية» بسلام رياح «الربيع» و«الخريف» العربيين، لا سيما بعد أن خذله أحد حلفائه الرئيسيين، وهو حزب الاستقلال الذي خرج من الحكومة بعد تولي حميد شباط منصب الأمين العام للحزب، ليتحول إلى خصم رئيسي لابن كيران وحزبه.
وستكشف نتائج الانتخابات أيضا حجم حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، الذي أسس عام 2008 في الساحة السياسية المغربية، ومدى قدرته على العودة إلى الواجهة بعد أن اختفى من المشهد إبان اندلاع موجة الاحتجاج الشعبي التي قادتها حركة 20 فبراير (شباط) عام 2011 في المغرب، وكان الحزب الذي جاء من أجل قطع الطريق على الإسلاميين قد تصدر نتائج الانتخابات البلدية عام 2009. ولم تكن قد مضى على تأسيسه سوى بضعة أشهر. ويوجد على رأس الحزب اليوم مصطفى بكوري، إلا أن نائبه إلياس العماري ينظر إليه بكونه الرئيس الحقيقي للحزب، وقد عاد إلى الواجهة بقوة في الأشهر الماضية، وفاجأ الكثيرين بإعلان ترشحه في منطقة طنجة تطوان الحسيمة (شمال المغرب).
وظل ابن كيران منذ وصول حزبه إلى رئاسة الحكومة وهو ينتقد هذا الحزب الذي كان، من وجهة نظره، يسعى إلى التحكم والهيمنة على الحياة السياسية في البلاد، الأمر الذي كان سيؤدي بالمغرب إلى أن يواجه مصير دول الربيع العربي، قبل أن تنقذ الإصلاحات السياسية التي أعلن عنها الملك محمد السادس البلاد، وتسمح بوصول أول حزب إسلامي للسلطة.
وتنافس في الانتخابات الجماعية (البلدية) 130 ألف و925 مرشحا من أجل الظفر بـ31 ألف و503 مقاعد، في حين بلغ العدد الإجمالي للمرشحين بالنسبة لمجالس الجهات (المناطق) 7 آلاف و588 ترشيحا، موزعا على 895 لائحة ترشيح، وشارك في الانتخابات 35 حزبا سياسيا، وبلغ عدد الناخبين المسجلين في اللوائح الانتخابية أزيد من 14.5 مليون ناخب.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.