القبائل تنزل بثقلها في الانتخابات المغربية وتمنح الفوز من دون منافس لمرشحيها

«العائلات الانتخابية» أبرز ظاهرة في «البلديات»

القبائل تنزل بثقلها في الانتخابات المغربية وتمنح الفوز من دون منافس لمرشحيها
TT

القبائل تنزل بثقلها في الانتخابات المغربية وتمنح الفوز من دون منافس لمرشحيها

القبائل تنزل بثقلها في الانتخابات المغربية وتمنح الفوز من دون منافس لمرشحيها

ضمن الكثير من المرشحين الفوز في الانتخابات البلدية والجهوية التي ستجري في 4 سبتمبر (أيلول) المقبل في المغرب بسبب نزول القبائل التي ينتمون إليها بثقلها لتعبيد الطريق أمامهم ابتداء من مرحلة الترشيحات. ففي بلدية بني وليد في إقليم تاونات قرب فاس يتقدم محمد عبو الابن (وزير التجارة الخارجية) ومحمد عبو الأب للانتخابات من دون منافس في دائرتين مختلفتين باسم حزب التجمع الوطني للأحرار. وتعتبر بلدية تاونات قلعة انتخابية خاصة بآل عبو، التي تعتبر من بين أهم العائلات في المنطقة. ويتولى محمد عبو الابن رئاسة بلدية تاونات من دون منازع منذ أن خلف والده عليها قبل نصف قرن. فيما لا يزال عبو الأب يلعب دورا مركزيا في بلدية تاونات، ويتجاوز إشعاعه منطقته الخاصة، إذ انتخب أخيرا رئيسا للغرفة الفلاحية لجهة فاس ومكناس.
لن يكون عبو المرشح الوحيد الذي توفر له قبيلته بوابة من دون منافس لكرسي البلدية خلال الانتخابات المرتقبة، فهناك عدد كبير من المرشحين من أحزاب مختلفة أعدت لها القبائل طريق الفوز من دون منافس. وحتى عندما تكون هناك منافسة في الترشيح فهي تبقى رمزية وفي أحسن الأحوال لا يتجاوز عدد الأصوات التي يحصل عليها المنافسون أصابع اليد، كما حدث في انتخابات سنة 1997، والتي تعتبر الوحيدة التي ترشح فيها منافس لمحمد عبو وحصل على سبعة أصوات.
وغير بعيد عن تاونات، في بلدية بومية بمنطقة ميدلت، فوجئ اليساريون الراديكاليون الذين قرروا مقاطعة الانتخابات بترشح أعضاء قياديين في المنطقة باسم أحزاب يمينية ومحافظة، الشيء الذي اعتبروه خيانة كبرى. فقد ترشح الإطار اليساري الحسن أحسايني، رئيس الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان في بومية، باسم حزب التجمع الوطني للأحرار الليبرالي، وترشح رفيقه منير بودقيق، الرئيس السابق للفرع الإقليمي لنفس الجمعية بميدلت باسم حزب الاستقلال المحافظ. وأمام انتقادات الرفاق، أجاب أحسايني بكل بساطة أن ترشيحه جاء امتثالا لطلب القبيلة التي قررت الدفع بوجوه جديدة وجادة إلى المعترك السياسي. وأضاف أنه ترشح ليخدم مصالح أبناء قبيلته في البلدية معتبرًا أن ذلك لا يتناقض مع قناعاته.
وإلى الجنوب من هذه المنطقة، في منطقة سيدي سليمان بسهل الغرب شمال الرباط، تهيمن عائلة آل الراضي من منازع على المشهد الانتخابي. وأشهر وجوه هذه العائلة عبد الواحد الراضي، الأمين العام السابق للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والذي يعتبر أقدم برلماني مغربي إذ لم يغادر البرلمان منذ انتخابه للمرة الأولى في 1963 حتى الآن، ويترأس الراضي حاليا الاتحاد البرلماني الدولي.
وفي الانتخابات التشريعية الأخيرة بالمغرب، فاز الراضي بمقعد دائرته التاريخية أمام منافس قوي من حجم عبد الواحد بناني قريب الأميرة للا سلمى عقيلة العاهل المغربي الملك محمد السادس.
ولا تقتصر مجموعة مرشحي عائلة آل الراضي على قيدوم البرلمانيين المغاربة، بل تضم الكثير من أشقائه وأبناء عمومته وأبنائهم، والذين يتقدمون باسم أحزاب مختلفة منها الاتحاد الدستوري والأصالة والمعاصرة، وهي أحزاب ليبرالية يمينية. وفي النهاية لا يهم الانتماء السياسي للحصول على أصوات القبيلة التي تبقى لها الكلمة الفصل. ففي الانتخابات الحالية كان إدريس الراضي، نائب أمين عام الاتحاد الدستوري، يستعد لإيداع ترشيحه في مدينة القنيطرة على رأس لائحة حزبه. غير أنه في اللحظات الأخيرة قبل إغلاق موعد الترشيحات أعلن انسحابه من القنيطرة والعودة إلى رحاب قبيلته التي وفرت له ترشيحا من دون منافس في دائرة القصيبية، في نفس منطقة نفوذ ابن عمه الاشتراكي عبد الواحد الراضي الذي يرأس بلدية سيدي سليمان منذ إنشائها. وللإشارة فإن إدريس الراضي رشح أيضًا ابنه ياسين الراضي في دائرة قريبة من دائرته حيث سيبدأ الشاب مساره الانتخابي الجديد مستندا إلى الدعم القبلي.
أما في القنيطرة فترك إدريس الراضي موقعه على رأس لائحة الحزب (الاتحاد الدستوري) لرفيقه في الحزب الحسين تالموست، وهذا الأخير ابن عم محمد تالموست وكيل لائحة مرشحي حزب الاستقلال في نفس الدائرة. عائلة انتخابية أخرى يتوزع أفرادها على لوائح أحزاب مختلفة.
من جهته، ترشح محمد مبديع، وزير الوظيفة العمومية، من دون منافس في بلدية الفقيه بن صالح، التي يتولى رئاستها لعدة ولايات اعتمادا على دعم قبيلة ولاد عمير.
في غضون ذلك، قال المحلل السياسي عبد الرحيم بندغة، إن «تأثير القبيلة لا يزال مهيمنا في البادية المغربية وفي المدن الصغرى والمتوسطة التي تقع في المجال الجغرافي لنفوذ القبيلة، وذلك بخلاف المدن الكبرى التي تركت فيها القبيلة المجال للكيانات السياسية والاقتصادية».
ويضيف بندغة: «القبيلة تتدخل خلال كل المراحل، فهي تحول دون ترشيح منافسين وتعمل على إبعادهم في مرحلة الترشيحات، ثم تضمن أصوات الناخبين في المرحلة النهائية اعتمادا على الروابط العائلية والقبلية، وعلى قيم ومعتقدات مثل العهد الذي يجمع أبناء القبيلة وشرف الكلمة، والملح ومشاركة الطعام وغيرها. وهذه المعتقدات هي التي تفسر الإقبال الكثيف على التصويت في المناطق التي تراقبها القبائل». ويشير بندغة إلى أن القبائل تعتمد مجموعة من المعايير في اختيار مرشحيها يلعب فيها الانتماء إلى القبيلة والنسب دورا حاسما. وتركز بالأساس على الأعيان والشرفاء والأشخاص الذين يتمتعون بحظوة داخل القبيلة.
ويضيف بندغة أن من بين الظواهر البارزة في الانتخابات المغربية الحالية، سواء في المدن أو البوادي، ظاهرة العائلات الانتخابية. ويقول: «في بعض اللوائح نجد أكثر من شخص واحد يحملون نفس الاسم العائلي، ويصل عددهم في بعض اللوائح إلى خمسة. كما أن هناك مرشحين في لوائح مختلفة وأحزاب مختلفة ينتمون إلى نفس العائلة. وهذا يطرح تساؤلات حول طبيعة الأحزاب المغربية، ودور الأشخاص والزعماء فيها وفي العمل السياسي المغربي بشكل عام».
وأضاف بندغة أن الكثير من الزعماء السياسيين رشحوا أبناءهم في هذه الانتخابات، مشيرا إلى رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران الذي رشح ابنه وابنته في الرباط، ولحسن الداودي، القيادي في حزب العدالة والتنمية ووزير التعليم العالي، الذي رشح ابنه، إضافة إلى ترشيح ابنة إدريس لشكر، الأمين العام للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.