مر يومان على سريان قرار وقف إطلاق النار في مدينة الزبداني بالريف الغربي للعاصمة السورية دمشق، وبلدتي الفوعة وكفريا في ريف محافظة إدلب بشمال سوريا، من دون أي خرق يذكر. إذ ظل الغموض مخيما على المفاوضات الجارية في تركيا بين حركة «أحرار الشام» من جهة، والوفد الإيراني من جهة ثانية، لتحديد الخطوة التالية التي يتقرر على أساسها نجاح أو فشل عملية التفاوض، وهي تبدأ بإجلاء الجرحى والمصابين إلى أماكن أكثر أمنا قبل الانتقال إلى البند المتعلّق بنقل المقاتلين.
وباستثناء صمت المدافع والصواريخ والبراميل المتفجرة، لم يتبدّل شيء في مدينة الزبداني المحاصرة من قوات النظام السوري وحزب الله اللبناني من كل الاتجاهات، إذ لم يبدأ نقل المصابين كما كان متوقعا أمس. إلا أن مصدرا ميدانيا في الزبداني أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «ثمة بادرة تبعث على التفاؤل تمثلت في البدء بتسجيل أسماء الجرحى اعتبارا من بعد صلاة الجمعة (أمس)، وطلب إلى الجرحى أن يكونوا مستعدين لعملية نقلهم». وإذ نفى المصدر دخول فريق الصليب الأحمر الدولي إلى الزبداني حتى الآن، أوضح أن «الجهاز الطبي في المستشفى الميداني هو الذي يتولى تسجيل وتحضير الجرحى المدنيين، في حين يتولى كل فصيل مسلّح مساعدة الجرحى من مقاتليه».
وعن المعلومات المتواترة حول مسار التفاوض، لفت المصدر الميداني إلى أن «الوفد الإيراني يبدي مرونة في المحادثات، إلا أنه عند التوصل إلى الخلاصات المرجوة، يعود إلى تعنته». وأوضح أن «الإيرانيين عادوا مساء أمس (أول من أمس) إلى طرحهم القديم الرامي إلى إخراج جميع المدنيين في الزبداني والفوعة وكفريا، بذريعة عدم إبقائهم تحت خطر هذا الفريق أو ذاك، مما يعني أنهم ما زالوا يسعون إلى التطهير الديموغرافي». وشدد على أن «فريق أحرار الشام المفاوض يرفض البحث بهذه النقطة، وهو البند الأصعب في عملية التفاوض».
إلى ذلك، أشار مصدر طبي في الزبداني، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الفريق الطبي الذي يعمل على مساعدة الجرحى يعمل في الحدود الدنيا لعدم توافر المعدات الطبية والأدوية الضرورية التي نفدت بفعل الحصار على المدنية». وأكد المصدر الطبي أن «هناك ما يقارب الـ500 جريح ومصاب أغلبهم من المدنيين، لكن بينهم أكثر من 200 يلزمهم تركيب أطراف اصطناعية، بعدما بترت أطرافهم إما بقصف البراميل المتفجرة أو الصواريخ والمدفعية الثقيلة، وبعضهم لا يزال يعاني من النزيف ومصاب بالتهابات جراء عدم وجود المضادات الحيوية».
من جهة ثانية، قال الناشط في الزبداني معن القلموني، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المقاتلين في الزبداني كانوا على موعد مع اتصال يردهم عند الساعة الثالثة من بعد الظهر (أمس)، من فريق (أحرار الشام) المشارك في المفاوضات الجارية في تركيا برعاية من الحكومة التركية، إلا أنه حتى المساء لم يرد أي جواب عن نجاح أو فشل هذه المفاوضات، وما إذا استجدت عقبات أدت إلى تأخير إجلاء الجرحى وعائلات المقاتلين». لكنه أشار إلى أن «الهدنة ما زالت سارية ولم يسجل أي خرق لقرار وقف إطلاق النار».
وكانت جولة ثالثة من المفاوضات بين حركة «أحرار الشام» - وهي أحد فصائل المعارضة السورية - والجانب الإيراني بدأت الأربعاء في تركيا، للتوصل إلى اتفاق بشأن بلدتي كفريا والفوعة الشيعيتين بريف إدلب اللتين تحاصرهما قوات المعارضة السورية، ومدينة الزبداني بريف دمشق التي تحاصرها قوات النظام وحزب الله. ولقد أتت هذه الجولة بعد فشل جولتين سابقتين من المفاوضات قالت عنهما «أحرار الشام» إنهما تهدفان لتغيير ديموغرافي في سوريا يقضي بإجلاء سكان ومقاتلي الزبداني - وجلّهم من السنّة - مقابل إخراج سكان بلدتي كفريا والفوعة. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن أحد الوسطاء المشاركين في المفاوضات أن المفاوضات تجري في تركيا بين الوفد الإيراني ووفد «أحرار الشام» بشكل مباشر.
سوريا: «هدنة الزبداني» مستمرة.. وغموض في المفاوضات نتيجة تمسك الطرف الإيراني بمطلب إجلاء المدنيين
مصدر طبي لـ {الشرق الأوسط} : 200 جريح يحتاجون لأطراف اصطناعية
سوريا: «هدنة الزبداني» مستمرة.. وغموض في المفاوضات نتيجة تمسك الطرف الإيراني بمطلب إجلاء المدنيين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة